دوما نتساءل نحن العرب عن سر نفوذ اليهود ونتذمر من سيطرتهم على دوائر صنع القرار فى بعض البلدان الأوروبية. لكن هل تساءلنا كيف يتسنى لهم ذلك؟ منذ اندلاع ثورة الميدان فى نوفمبر الماضى تصرف اليهود بحنكة وذكاء فلم نسمع تصريحات أو مواقف يهودية واضحة من الأزمة، وبقى الصمت مُطبقا الى أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم وبعد قيام بعض المسلحين المدعومين من الدب الروسى فى شرقى البلاد باحتلال مبان والمطالبة باستفتاء من أجل الفيدرالية أو الانفصال عن أوكرانيا، عندها بدأ اليهود يتحركون ويبرزون مشاركتهم ب «مشروع» أوكرانيا الجديدة. ونود أن نورد لكم ما كتبه المفكر والمؤلف التاريخى الايطالى الكبير نيكولو ميكيافيللى فى القرون الوسطي، من عبارات فى مؤلفات مختلفة: «أفضل طريقة لتصبح لاعبا ذكياً وماهراً ان تلعب مع لاعب أكثر ذكاء ومهارة منك».. و«القاعدة الأولى فى الاعمال الحرة هى الدفاع عن الاستثمارات» و«الحرب لا يمكن تجنبها وانما يمكن تأجيلها لمصلحة عدوك».. وقد جسدها «ايجور كولومويسكي» رجل الأعمال اليهودى الأصل المولود فى مدينة «دنيب روبيتروفسك» ورئيس مجلس ادارتها بعد نجاح ثورة الميدان فى فبراير من العام الحالى فقد طبق هذه الأقوال ليظهر اجادته لإنشاء الاعمال الناجحة وبراعته فى لعبة الملوك والاباطرة وفنه فى إدارة الحروب. فقد استطاع ايجور أن يخدع رجل الاعمال الروسى رومان أبراموفيتش عضو مجلس الدوما الروسية سابقا ورئيس إحدى الحكومات الذاتية الفيدرالية فى روسيا الاتحادية وهذا بشهادة الرئيس الروسى بوتين نفسه، فقد لعب إيجور مع من هو اذكى منه وربما اقوى ليزداد ذكاءً ومكراً. وتحالف بعدها فى أوكرانيا مع رجل الاعمال اليهودى الأصل من مدينة خاركوف «فاديم رابينوفيتش» ليتمكن إيجور من تقوية وزيادة رقعة شركاته فى مجالات النفط والصناعات الكيميائية الضخمة وشركات الوقود القوية وأكبر بنوك أوكرانيا وبالطبع لم يتأخر عن الاستثمار فى مجال الاعلام ليجمع بكف يده الواحدة حزمة أسهم من أكبر المؤسسات الاعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة سواء الورقية أو الالكترونية. وبعد اندلاع الأعمال المسلحة تحرك كولومويسكى بسرعة وشجاعة «هو ومن خلفه» للدفاع عن استثماراته ومصانعه فى شرق أوكرانيا متحديا بذلك أكبر رجال الاعمال فى أوكرانيا وأكثرهم ثراءً وهو «رينات اخيموتوف» الممول لحزب الاقاليم الموالى لروسيا، معلناً بذلك مشاركته بمشروع «أوكرانيا الجديدة»، وفى الوقت الذى يحصى «رينات اخميتوف» وحزب الاقاليم خسائرهم يحصد كولومويسكى أرباحه.. بل سيكون له التأثير الأكبر والحظ الأوفر من الاقتصاد والسياسة فى حال تعافت أوكرانيا من ازمتها ونجحت فى حفظ أراضيها وعدم انفصال الشرق عنها، وفى الوقت الذى يعانى الجيش الأوكرانى من أزمة الفساد والتمويل أظهر كولومويسكى «وطنية» وانتماء لبلده أوكرانيا عندما قام هو وأحد شركائه فى مجال النفط بتزويد جميع مدرعات الجيش الاوكرانى فى الشرق بالمحروقات . وتعدى كولومويسكى ذلك بعد اعلانه عن تخصيص مكافأة نقدية كبيرة لكل من يساعد بالقبض على الانفصاليين الموالين لروسيا أو المساعدة بإخلاء مبانى حكومية، وكولومويسكى «وأصدقاؤه» قرروا وبشكل حاسم حماية استثماراتهم فى الشرق الأوكرانى بل قرر الاستثمار فى أوكرانيا الجديدة ككل.. وحرق جميع جسور العودة فى حالة فشلت أوكرانيا فى منع الاقاليم من الانفصال. أما القاعدة الثالثة فلم يتغافل عنها اليهودى كولومويسكى حيث قرر عدم تأجيل الحرب لان ذلك سيصب فى مصلحة روسيا فقد اختار حليفة وطنه أوكرانيا بشكل واضح وصريح وما جاء بعده من معاداة السامية فى الأقاليم الشرقية وبالرغم من نفى الانفصاليين ذلك الى ان أوروبا ستتحرك اليوم لانقاذ الشرق من مخالب الدب الروسى ليس حبا فى الأوكران ربما وانما حفاظا على اليهود بها.. رجل الأعمال كولومويسكى «وأصدقاؤه» سيجنون ثمار «وطنيتهم» فى أوكرانيا الجديدة وعندها يجب ألا نستغرب بعد سنوات اذا ما لاحظنا تعاظم الهيمنة اليهودية على وزارة الدفاع والداخلية الأوكرانية وربما قرارات خارجيتها ستحسم لمصلحة اسرائيل، وسيعض العرب أصابعهم ويذهبون مرة اخرى للشكوى والتذمر من سيطرة اليهود ونفوذهم فى الدول الغربية. لمزيد من مقالات د. محمد فرج الله