المرأة المصرية كانت وما زالت هى صمام الأمان للمجتمع ككل، فهى الأم والأخت والزوجة والابنة ولا تستقيم الحياة بدونها ،والمتتبع لمسيرة نضالها فى سبيل الحصول على حقوقها السياسية والاجتماعية والقانونية والثقافية، يجد سجلها حافلا بعلامات بارزة فى التاريخ الوطنى ... فمع أواخر القرن التاسع عشر وخلال القرن العشرين شاركت فى العديد من الثورات ليس من أجل الحصول على حقوقها فقط، ولكن أيضا من أجل تحرير وطنها وتحقيق نهضته. ففى عام 1907 حينما أسس مصطفى كامل الحزب الوطنى شاركت فى عضويته وأنشطته، وعام 1908 اشتركت فى التوقيع على العريضة التى قدمها الحزب للخديوى للمطالبة بإنشاء مجلس نيابى، وعام 1910مثلت مصر فى المؤتمر الدولى الذى عقد فى بروكسل من أجل تأييد حق الاستقلال.ومع قيام ثورة 1952حصلت المرأة علي بعض حقوقها من خلال 1956تتويجا لنضالها ووقوفها جنبا إلى جنب مع الرجل فى الكفاح الوطنى ضد المستعمر إبان الاحتلال الإنجليزي لمصر، كما لعبت دوراً بارزاً فى انتفاضة 1946 ضد الانجليز من خلال لجنة الطلبة والعمال التى ضمت فى صفوفها الدكتورة لطيفة الزيات وثريا أدم وأنجى أفلاطون وفاطمة زكى وأخريات ،ومنهن من قدمن أنفسهن شهيدات للوطن فى ثورة 1919.. وفى مارس1954 اعتصمت بعض السيدات فى مقر نقابة الصحفيين مضربات عن الطعام مطالبات بحقوقهن الدستورية كاملة وبضرورة تمثيل المرأة فى الجمعية التأسيسية حتى تتاح لهن الفرصة فى مناقشة الدستور. وبذلك حصلت المرأة على حقوقها فى 16 يناير1957وقامت النساء بالتصويت فى الانتخابات. ونتيجة كفاحها المستمر عبر العصور تمكنت المرأة من تحقيق مكتسبات تجلت ثمارها في وجودها في كل مستويات ومجالات العمل السياسي والاقتصادي والثقافي والديني وغير ذلك... رائدات فى كل المجالات سميرة موسى أول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول في الثلاثينيات وهى عالمة الذرة المصرية التي اغتالها عملاء الموساد في سان فرانسيسكو عام 1952بعد أن عرفت أجهزة المخابرات الغربية والإسرائيلية بأبحاثها الناجحة في مجال تصنيع القنبلة النووية من معادن رخيصة متاحة لمصر، وكسر الاحتكار الغربي لهذا السلاح الفتاك. كما أسهمت في إنشاء هيئة الطاقة الذرية في مصر،وحداها الأمل في تسخير الذرة لخدمة البشرية ومكافحة الاحتكار العلمي الغربي،وتطوعت لمساعدة مستشفى قصر العيني في محاولة علاج مرضى السرطان بواسطة الطاقة الذرية. حكمت أبو زيد أول وزيرة في تاريخ مصر الحديث عينها الرئيس عبد الناصر وزيرة للشئون الاجتماعية، وعام 1964ساهمت فى وضع أول قانون ينظم الجمعيات الأهلية،ويعود لها الفضل في تطوير العمل الاجتماعي،كما قامت بالإشراف على مشروع تهجير أهالي النوبة عام 69 19بعد تعرضها للغرق عدة مرات وأطلق عليها لقب « قلب الثورة الرحيم». سَهير القلماوى من أوائل الفتيات اللاتى تخرجن من الجامعة، حصلت على درجة الماجستير والدكتوراه 1956 وأصبحت أستاذا للأدب العربى المعاصر ثم رئيسة لقسم اللغة العربية بكلية الآداب لمدة تسع سنوات ، ثم بدأت بعد ذلك مسيرتها فى عالم الكتابة والصحافة وانضمت للبرلمان سنة 1967 وشاركت فى تأسيس معرض الكتاب، وشجعت علي إقامة مكتبات ومشروعات عدة وعنيت بترجمة كلاسيكيات الأدب العالمى وتوفيرها فى طبعات شعبية لتصبح فى متناول الجميع. لطفيه النادى أول كابتن طيار تحصل على رخصة الطيران فى عام 1933 وكان عمرها 26 سنة لتحقق بذلك حلمها بالطيران بمفردها بين القاهرة والإسكندرية فى سباق استطاعت أن تحتل فيه المركز الأول،وعلى الرغم من عدم إقبال المرأة المصرية على مهنة الطيران إلا أن هناك بعض النماذج النادرة مثل الكابتن طيار دينا الصاوى وعزيزة محرم وعايدة تكلا وليلي مسعود وغيرهن . مفيدة عبد الرحمن أول محامية و إلى جانب عملها ناشطة وعضوة فى منظمات عدة ونائبة فى البرلمان لأكثر من 17عاما، من أهم القضايا التى ترافعت فيها قضية الناشطة السياسية درية شفيق التى واجهت تهمة اقتحام البرلمان أثناء انعقاده مع 1500 سيدة أخرى لعرض قائمة بمطالبهن، كما شاركت كعضو مع اللجنة التى تولت إجراء تعديلات على لائحة قوانين الأحوال الشخصية فى الستينيات من القرن الماضى. هدى شعراوى اقترن أسمها بالنضال النسائى فى مصر، حيث كرست جهودها للدفاع عن حقوق المرأة خاصة الحقوق السياسية والتعليم، وفى عام 1914 أسست الجمعية الفكرية للمرأة المصرية، وفى ثورة 1919 تقدمت صفوف النساء فى المظاهرات التى تطالب بالاستقلال جنباً إلى جنب مع الرجال لأول مرة ،وفى عام 1923 أسست الاتحاد النسائى المصرى وأصبحت أول رئيسة له. ملك حفنى ناصف من أوليات المدافعات عن حقوق المرأة، ولها مجموعة كتابات وأحاديث تسمى «النسائيات» صدرت عام 1910 عارضت فيها القيم الغربية فيما يخص النساء، وحاولت أن تصل إلى إطار اصلاحى بما يلائم مجتمع الإسلام،عرفت ملك بلقب «باحثة البادية» الذى اكتسبته عقب انتقالها للعيش مع زوجها فى الفيوم، ووضعتها كتاباتها وأشعارها فى مصاف كبار الشعراء والأدباء فى عصرها. درية شفيق وصفتها الصحافة بأنها «الرجل الوحيد فى مصر» وينسب لها الفضل في حصول المرأة على حق الانتخاب والترشح في دستور 1956 ،عنيت درية بمحو أمية المرأة وحقها فى استكمال دراستها وحصولها على أعلى الدرجات العلمية ، وكان لها باع طويل في الكفاح ضد تعدد الزوجات وألفت كتابا عن المرأة في الإسلام برأت فيه الدين الحنيف من كل ما يشين المرأة من ممارسات اكتسبناها من بقايا حكم العثمانيين. وقامت في أوائل الخمسينيات بإعداد فرقة شبه عسكرية من النساء للمقاومة ضد وحدات الجيش البريطاني في قناة السويس،وفي عام 1951 انطلقت على رأس مسيرة من 1500 امرأة من مقر الجامعة الأمريكية إلى مقر البرلمان مطالبات بحق المرأة في العمل السياسي ناخبةً ونائبة،وفى 1952انتزعت من الرئيس محمد نجيب قرارا بإعطاء المرأة حقوقها السياسية. وجاءت ثورة 25 يناير 2011 لتجدد التاريخ النضالى للمرأة الثائرة التي وقفت جنبا إلى جنب مع الرجل في ساحة ميدان التحرير لتغير المقولة الشهيرة «وراء كل رجل عظيم امرأة «، لتصبح «بجوار كل رجل عظيم امرأة».