الحصة المائية الحالية لا تكفي وان لم نعمل علي مضاعفتها فإن المجاعة مقبلة لا محالة لان عجلة تزايد السكان تفوق كل حسابات واحلام وخيالات العلماء سواء كان ممرا للتعمير او نهرا موازيا للنيل مختفيا في جوف الصحراء الغربية. فالاول تنقصه مياه الزراعة والغذاء وهو نمط للتمدد العمراني في امريكا لايصلح تطبيقه في مصر والثاني مياهه ليست جارية او متجددة فهي راكدة داخل الصخر بعد تسللها خلال الاف السنين من الجنوب الممطر المرتفع الي باطن الصحراء الشمالية المنبسطة, وسيكون معدل سحبها للسطح للاستخدام الزراعي يفوق كثيرا معدل تعويضها او احلالها بعد نضوبها خلال عقدين او ثلاثة من الزمان حتي ان كانت الزراعة بطريقة التنقيط فالصخور تمثل75% من مكونات باطن صحراء مصر الغربية. فالماء العذب الجاري المستديم هو ضروري لحياة ومصير ملايين قادمة سكان مصر نسبة كبيرة منهم اميون يتكاثرون بمعدلات عالية و يعيشون في وطن تلفه صحراء جافة شرقا وغربا. فهناك هدف واضح ومحدد يجب الوصول اليه وهو جلب المياه الكافية لسكان مصر من منابعها في الجنوب فالهدف مصيري لا فكاك منه ولابد من تركيز الجهود للوصول اليه خاصة ان هناك تسللا صهيونيا لتلك الدول يستهدف تطويق مصر وتهديدها مائيا لترفع راية الاستسلام وتستكمل لاسرائيل ترعة السلام واستعراضا لمنابع النيل نجد انه في جنوب غرب السودان جيب كثيف المطر يتبع منطقة مطرية معدلها يزيد عن الف ملليمتر سنويا بقمتين في الربيع والخريف ويقع علي السفح الشمالي للهضبة الاستوائية وينحدر منها ستة أنها وهي لاو ورمبيك وماريدي وتونح وطمبرة وبوصيري تتدفق مياهها جميعا متجهة الي منطقة المستنقعات الكبري غرب بحر الزراف لتتبخر وتضيع دون ان يستفيد منها مجري النيل بنقطة واحدة. فلو أنشئت قناة عمودية علي نهايات ومصبات تلك الانهار الستة تمتد من مدينة واو الي مدنية جونجلي لتغذي المجري الرئيسي للنيل عندها ولتتجه المياه خلال قناة جونجلي ملكال بعد استكمال حفرها سيعود ذلك بالمنفعة الشاملة لجنوب وشمال السودان ومصر معا وبما لا يضر بمصالح باقي دول حوض النيل خاصة ان تلك الدول تقع جميعها اعلي الهضاب بعيدة عن تلك المنطقة المنخفضة والتي تخص جنوب السودان فقط ويمكن لمياه تلك القناة المقترحة والتي يقارب طولها قناة جونجلي ملكال ان تتدفق مارة بشمال السوادن شرط تعميق قاع النيل الابيض لضمان استيعابه لحجم تلك المياه وحتي يصل لمصر تصرف كاف منها يدخل بحيرة ناصر في غير موعد دخول مياه فيضان النيل الازرق صيفا ثم يوجه جزء منها للوادي والدلتا يحدد مقداره بمدي قدرة وطاقة مجري النيل الحالي في الوادي والدلتا لاستيعابه وهي محدودة لا يمكن تجاوزها ونخصص ذلك الجزء لزراعة مساحات شاسعة كثير منها مستصلح وفي حاجة شديدة لمياه الري بجانب زراعة وديان سيناء وتعميرها. اما معظم المياه الداخلة لبحيرة ناصر فتوجه لمسار مائي مقترح بداية من توشكا ثم غربا وشمالا لخط الواحات الخارجة ومنها للداخلة والفرافرة والبحرية ثم الي العلمين علي ساحل البحر المتوسط ليصبح لمصر وادي جديد وممر للتنمية مياهه مستمرة بإذن الله وزراعته د ائمة ومستقرة وسط صحراء تضم ثلثي حجم مصر علي ان تنشأ علي اجناب هذا المسار محطات انتاج للطاقة الشمسية الحرارية المتجددة والواعدة لمستقبل الطاقة في مصر والمنطقة جميعها فقد اراد الله, سبحانه وتعالي لمصر منفردة ان يكون82% من ايامها مشمسة وهذا المسار الرابط للواحات هو الاقل حجما وتكلفة للاعمال الانشائية المطلوبة للمجري المائي ولضفافه من اي مسار اخر. فالمشروع المقترح في جنوب غرب السودان وفي غرب مصر ليس مشروع رفاهية مائية لمصر ولكنه مشروع انقاذ مائي وغذائي لسكانها الحاليين منهم والقادمين حتي ان احتاج الامر حفر انفاق في المناطق المرتفعة من المسار المائي في غرب مصر قد يصل اجمالي طولها لنحو150 كم. ويجب ان تخصص لذلك المشروع القومي وزارة منفصلة للموارد المائية لها مقار ذات قدرات وامكانات ذاتية فاعلة ومكثفة في جوبا وجونجلي وواو بجنوب السودان. قد يري البعض ان حل مشكلة مصر يكمن في النهوض بالتعليم والبحث العلمي اولا ولكني اري ان تأمين الماء والغذاء يسبق ذلك فالجوعي لا يبحثون الا غن لقمة العيش اولا كما ان العقل السليم في الجسم السليم. فلابد للرغيف ان يسبق الكتاب او يلازمه بعد ثورة25 يناير ومن المؤكد ان حكام مصر بعد تلك الثورة سيحملون علي عاتقهم امانة الحفاظ علي وطنهم العظيم وسكانه الكرام اصحاب أقدم حضارة في التاريخ.