تتعاظم بلا شك أهمية مصادر المياه المختلفة في مصر نظرا لمحدوديتها أو التوقعات بأن تقل مستقبلا.. ويشير الدكتور مغاوري شحاتة دياب رئيس جامعة المنوفية السابق والخبير المائي بأن مصادر المياه في مصر تتحدد في نهر النيل وحصته المعروفة بنسبة55 مليار متر مكعب سنويا يأتي بعدها المياه الجوفية وتمثل خمسة مليارات في جميع المناطق الصحراويةثم مياه الصرف المعالج وتقدر ب7 مليارات ثم مياه الأمطار والمياه المحلاة وكل منهما تمثل نصف مليار متر مكعب. ويمكن القول انه من الملاحظ أن الطبيعة والظروف البيئية تتحكم في توزيع المياه علي دول حوض نهر النيل ففي منطقة الهضبة الإثيوبية والتي تستقبل600 مليار متر مكعب من الأمطار لا يستفاد منها بسبب البخر المائي إلا بنحو120 مليارا تذهب84 مليارا منها في اتجاه السودان ومصر ونحو خمسة مليارات في اتجاه الصومال ومليارين في اتجاه جيبوتي كذلك نجد منطقة الهضبة الاستوائية والتي تستقبل580 مليار متر مكعب من الأمطار يضيع أغلبها في البحر ولا يستفاد إلا بنسبة13 مليار متر مكعب تتجه نحو السودان ومصر, كذلك في منطقة بحر الغزال بجنوب السودان وهي منطقة مستنقعات يسقط عليها من الأمطار550 مليار متر من الأمطار سنويا ولا يستفاد منها في إيرادات نهر النيل!.. وكان مشروع قناة جونجلي من شأنه أن يأخذ مياه جنوب السودان عند مدينة جوغلي إلي ملكال في شمال السودان وبطول340 كيلو لنقل المياه من منطقة المستنقعات في اتجاه النيل الأبيض ثم السودان ومصر, وهذا كان سيوفر لمصر نحو4 مليارات متر مكعب, لكن الظروف البيئية المعقدة أوقفت المشروع, مما يستدعي إيجاد مناخ للتعاون الجاد بين مصر وشمال وجنوب السودان للاستفادة من تلك الفواقد المائية وتنفيذ المشروع. ويضيف مغاوري شحاتة: أن المصدر الثاني والمهم أيضا هو المياه الجوفية وهي تتوزع في المناطق الجغرافية والمناخية ثم مستودع الدلتا والوادي ويليها شبه جزيرة سيناء ثم الصحراء الشرقية. وترجع أهمية الخزانات الموجودة تحت سطح الصحراء الغربية في منطقة الهضبة الرملية في غرب الواحات إلي أنها خزانات جوفية تكونت عبر الأزمنة الجيولوجية القديمة وهذا الخزان يمتد أيضا إلي شرق العوينات ودرب الأربعين وتوشكي والواحات الخارجية والداخلة والفرافرة والبحرية وسيوة ومنطقة شرق وجنوب منخفض القطارة وتلك الخزانات تظهر في شكل عيون الحجر الرملي النوبي وهي ممتدة تحت الصحراء الغربية المصرية وكذلك صحراء ليبيا والسودان وتشاد. لذلك فهي ضخمة المساحة وتحتوي علي مياه عذبة خاصة في الجزء الجنوبي والأوسط, وتزداد نسبة الملوحة في المياه كلما اتجهنا إلي منطقة منخفض القطارة, كما يلاحظ أن نسبة الملوحة تقل في المياه كلما زاد العمق, وهذا الخزان الجوفي غير متجدد ولذلك لابد أن توضع الحسابات وفقا للمعلومات التي من شأنها أن تضع سياسية السحب الآمن ويقصد به أن يتم السحب من الخزان بحيث لا تتأثر الكمية بالنقصان الحاد والذي يصعب تعويضه عند زيادة معدلات السحب. كما يضيف الدكتور مغاوري: أنه وفقا للدراسات التي أجريت في ضوء تلك المحدودات تم التوصل إلي إمكانية زراعة مساحة550 ألف فدان علي مصادر الخزان الجوفي, هذا في مناطق حواف بحيرة ناصر وتوشكي ودرب الأربعين وشرق العوينات والداخلة والفرافرة وسيوة وشرق منخفض القطاره هذا بالإضافة للمساحات المنزرعة حاليا وذلك من خلال ضخ المياه لعمق ألف متر تحت سطح الأرض وهذا الخزان يكفي تلك المساحة ولمدة مائة عام مقبلة. أما بالنسبة للصحراء الشرقية فنجد بها بعض تجمعات من المياه الجوفية نتيجة الأمطار والسيول تحت الوديان الرئيسية, كذلك منطقة شبه جزيرة سيناء توجد المياه الجوفية في مناطق تحت وادي العريش وعيون موسي والسدر وهضبة العجمة والتين وهي مناطق لم تستثمر بعد ولم تتم الاستفادة منها, أما بالنسبة لإمكانية الاستفادة من استخدام مياه الصزف المعالج في الزراعة فيمكن أن تساهم في زيادة المواد المائية مستقبلا فهي الآن7 مليارات متر مكعب ومن المستهدف أن تصل هذه الكمية إلي12 مليار متر مكعب, ولكن يؤخذ في الاعتبار ضرورة الرقابة الشديدة علي مراحل المعالجة والتنقية تجنبا لمخاطر مياه الصرف علي صحة الإنسان والنبات والحيوان.