فى لسان العرب، وضمن تعريفات كلمة (غاغة) انها تعنى: "الصوت والجلبة وكثرة اللغط والصياح"، وبيقين.. نحن نعيش تحت تاثير (غاغات) متعددة، ولكن واحدة من اهمها كانت (غاغة التسريبات) التى اثارها نشر الاعلامى الكبير د. عبد الرحيم على لتسجيلات مهاتفات عدد من النشطاء المرتبطين بعملية يناير 2011، اذ كشفت تلك التسريبات عن وضاعة وخيانية الادوار التى تآمر فيها نفر من اولئك على الوطن.. ولما كانت الفضيحة التى تسببت فيها التسريبات من النوع الذى يوصف- شعبيا وتقليديا- انه "بجلاجل" فان المفضوحين هاصوا فى ضجة مضادة محاولين اظهار ما جرى على انه اختراق لخصوصية الافراد وتغول من اجهزة الامن على الحريات العامة، ولم يجد اولئك المنكشفون واترابهم وانصارهم، وكذا المتخوفون من الانكشاف كونهم ارتكبوا اعمالا شبيهة، الا التهليل على مضمون التسريبات لصرف انتباه الراى العام، واعادة صياغة المشهد باعتباره يتعلق بالحرية والخصوصية!! وعلى ان الحكم فى احدى قضايا تلك التسريبات سيصدر من محكمة الجنح يوم 10 مايو، ومن ثم لا يحق لنا الحديث حول تلك القضية بالذات، فان الكلام عن الملف بصفة عامة يظل مباحا ومتاحا لا بل ومطلوبا، وبخاصة بعدما لحقت به محاولات للمقارنة بين واقعة تسريبات نشطاء عملية يناير وخيانتهم للسلامة والامن الوطنيين، وبين تسريبات ادوارد جوزيف سنودن الموظف بوكالة الامن القومى الامريكى الذى سرب لصحيفتى (الجارديان) و(الواشنطن بوست) موادا صنفت على انها (سرية للغاية)، وقد حصلت الصحيفتان على جائزة "بوليتزر" للصحافة عن نشرهما وثائق سنودن تلك- والحقيقة ان المقارنة استهدفت افتعال فارق بين حالتى (سنودن) و(عبد الرحيم على)، وكانت ترمى الى تاكيد (بطولة) سنودن فيما اظهره على انه دفاع عن الديمقراطية، وتجريم (شجاعة) عبد الرحيم على فيما تاكد لنا- جميعا- من انه دفاع عن الامن القومى المصرى.. هذا الخلط المخادع ارتكز- فى اساسه- على ان رجل وكالة الامن القومى الامريكى خرج على مؤسسته بادعاء حمايته للديمقراطية، فيما عبد الرحيم على نشر موادا يدعى المدانون الموصومون فيها انها بسنادة ودعم مؤسسة الامن المصرية، والحقيقة ان ما افشاه عبد الرحيم كان ادانة لمؤسسة الامن التى يفترض ان التسجيلات توافرت لديها ولم تستخدمها لسنوات وتركتنا نهبا لمؤامرات الخونة حتى تم التسريب. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع