أكتب إليك بما أحمله في طيات قلبي من حزن وألم وأسي، فأنا حائرة، تائهة لا أدري ماذا أكتب، ولا ماذا أقول؟، فقلمي حائر بين السطور.. فأنا فتاة في سن الخامسة والثلاثين من عائلة عريقة، وأشغل مركزا مرموقا، وعلي قدر من الجمال، ولم أمر بأي تجارب عاطفية أو علاقات، فلقد تربيت علي أسس وقيم وعادات وتقاليد محافظة، لكن يبدو أنني أصبحت عارا علي أهلي، فأخشي من المشاركة في أي مناسبة، حتي لا تسألني إحداهن السؤال التقليدي: هل أنت مخطوبة أم متزوجة؟.. بل إن هذا الحديث الثقيل امتد الي أبي وأمي، وكثيرا ما يقولان «انها راحت عليّ».. أي أنهما يحكمان عليّ بالموت وأنا علي قيد الحياة.. بسبب عدم زواجى حتي الآن.. إنني لم أطلب فيمن أرتبط به المستحيل، إذ أريد شابا يقدرني، ويهتم بي ويحبني وأحبه، ويحتويني وأشعر معه بالأمان، فأنا رومانسية وأحب الشخصية المرحة والجادة في الوقت نفسه، وللأسف فقد قابلت الكثيرين، لكنني وجدتهم جميعا «تافهين».. ومنهم من ارتحت إليه، وفاتح أبي في الموضوع، واتفق معه علي كل شيء ثم اختفي وكأن الموضوع لم يكن!.. فأين حرمة البيوت؟.. وهل وصل الاستهتار الي هذا الحد؟
أيضا فقد لاحظت من متابعتي لحالات كثيرات ممن أعرفهن، أن الشاب يميل الي البنت «الحلوة» عندما يفكر في الصداقة، فإذا عزم على الزواج فإنه يتزوج من البنت «العادية» لسبب بسيط، وهو أن الفتاة الجميلة تكون دائما مثار إعجاب ومعاكسة، وبالتالي فإنها تجلب المشكلات لمن يرتبط بها!.. أما «العادية» فلا تلفت نظر أحد، فيستريح العريس من «وجع القلب»! منطق غريب!
ولا يقتصر الأمر علي هذا الحد، فحتي أقاربي تقدم لي منهم الكثيرون.. فوجدت هذا بخيلا، وذاك لا يستطيع اتخاذ قرار، وأن والدته هي التي اختارتني له.. وأنا أتطلع الي أن أرتبط بشاب يتمتع بشخصية قوية، ويشغل مركزا مرموقا »طبيب أستاذ جامعة ضابط« أفخر به أمام أسرتي، فلا تعرف يا سيدي مدي المعاناة التي أعيشها في كل لحظة، والشماتة من جانب من رفضتهم عندما يعلمون بعدم زواجى إنني أعد رسالتي للماجستير، لكن يبدو أن الزواج هو الأهم في مجتمعنا.. ولكن كيف أتزوج من يطرق بابي دون حب أو وفاق؟.. وهل من سبيل للسعادة والاستقرار والوصول الي شريك الحياة المناسب؟.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
{ الزواج الناجح لا يتحقق بشروط صارمة يملي فيها كل طرف ما يريده علي الآخر، فإن رضي بها الطرفان يتم الزواج، وان لم يقبل أحدهما شروط الطرف الثاني تنتهي العلاقة قبل أن تبدأ! فالتوافق هو الحل الوسط الذي يلتقي فيه الشاب والفتاة مع بعض الاستثناءات التي لا تمس الأخلاق ولا السمعة الطيبة، ويظل القبول النفسي من كلا الطرفين هو العامل الحاسم في إتمام أي زيجة.
وبعيدا عن الكلام المعتاد فيما يتعلق بالزواج، وما يحفظه الجميع عن ظهر قلب، فإنني أري أن تعطي نفسك فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة النظر في الشروط التي تطلبين توافرها فيمن يتقدم لك.. فلقد حصرت نظرتك فيمن ترغبين الزواج منه في ثلاث مهن، مع شرط المركز المرموق، وهو شرط قد لا يتوافر في كثيرين من الشباب خصوصا في أول مشوارهم العملي في الحياة.. فأعيدي النظر في موقفك، وانظري الي المستقبل بعين جديدة غير هذه العين اليائسة، وباستطاعتك أن تختاري من تتوسمين فيه التقدم والنجاح في عمله، والمشوار مهما يكن طويلا فإنه يبدأ بخطوة واحدة.. وفقك الله وسدد خطاك.