فرض التشريع الإسلامى الضرائب على الدخل ورأس المال وعروض التجارة، لتغطية النفقات والحاجات اللازمة للدولة إذا لم تف أموال الزكاة بذلك. وهى مشروعة إذا كانت عادلة فى تقديرها وفى جبايتها، ولا يجوز التهرب منها، لأن الله أمرنا بطاعة أولى الأمر فيما فيه مصلحة كما قال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم). (سورة النساء:59). ويؤكد علماء الدين أنه يجب دفع الضرائب التى تفرضها الحكومات كضريبة المبيعات، وضريبة الأرباح، وضريبة المصانع، والضرائب على العمال ونحوهم، عوضًا عن الزكاة المفروضة، ولا يجوز كتمان المال أو الأرباح أو الكذب للتهرب من دفع الضريبة التى تعد فريضة مالية، تعكس سيادة الدولة على الأفراد والأموال الكائنة فيها، وتعتبر مظهرا من مظاهر التضامن الاجتماعى بين أفراد المجتمع. ويقول الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة: إن قضية التهرب الضريبى يأثم صاحبها شرعا لأنه يخالف طاعة ولى الأمر التى أمرنا الله بها لقوله تعالي: (يأيها الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِى شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا). وما يجمع من الضرائب إنما يعود فى صورة منافع على المجتمع بأكمله كرصف الطرق وبناء الجسور والكبارى ورفع رواتب أصحاب الدخول المحدودة وبناء مساكن للمحتاجين، ويترتب على تهربه إضرار بالمجتمع وتعطيل عجلة التنمية وإضعاف موارد الدولة وهو ما نهى عنه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار ) لكن الضابط الوحيد فى هذا المقام حتى يسارع الناس بنفوس راضية لدفع الضرائب المقررة عليهم هو أن تتفاوت نسبة الضرائب المأخوذة من الممولين حسب رءوس أموالهم، وهذا ماطالبنا به كثيرا وليس مبررا للمتهربين من الضرائب قولهم بأن التقدير الجزافى من مسئولى الضرائب يجعلهم يتهربون منها تفاديا للظلم بل هناك طرق مختلفة يمكن أن يطرقها الممول لكى يتظلم من التقدير الجزافى تحقيقا للعدالة. وأضاف: إن الزكاة تختلف عن الضريبة، لأن الزكاة ركن من أركان الإسلام ويأثم ويعصى من لم يؤدها إذا توافرت شروط إخراجها، بل إن من ينكرها يكون جاحدا لركن من أركان الإسلام، وأحيانا يقدر ولى الأمر من باب مشاركة الأغنياء وأصحاب الدخول المرتفعة إخراج مبلغ مالى على ما يملكون من رءوس أموال وأرباح إذا توافرت شروط معينة بنسب محددة، ولكن الضريبة لا تغنى عن الزكاة، كما أن إخراج الزكاة لا يمنع أن يقوم الغنى أو الممول بدفع الضريبة المقررة عليه، فكثير من الفقهاء قرروا أنه يجوز الجمع بين الزكاة والضريبة ومبرر من قال إن الضريبة تجب على المسلم أو الممول ما برروا به سلطة ولى الأمر فى تقييد المباح وأن الأحوال تتغير بتغير الزمان والمكان، ويظهر هذا الأمر جليا فى البلاد النامية والبلاد المقبلة على تنمية مواردها والتى فيها زيادة كبيرة للسكان أو أن نسبة التصدير فيها اقل من نسبة الاستيراد فيؤدى ذلك إلى عجز موارد الدولة وميزانياتها، فينظم الحاكم ومعاونوه من المختصين مسألة الضريبة التى تتفاوت فى أنواع الكسب المختلفة ما بين الضريبة على الأعيان والعقارات والأراضى والأموال الثابتة أو الضريبة على الدخول المرتفعة كشرائح الرواتب العليا فى القطاع الخاص وغيره. من جانبه يرى الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين بأسيوط، أن التهرب الضريبى له شقان الأول: هو واجب الدولة المتمثل فى جانب الرأفة والرفق بعدم التقدير الجزافى على الناس وإرهاقهم بالضرائب التى لا يقدرون عليها ومن هدى النبى «صلى الله عليه وسلم» فى هذا الأمر هو التيسير على الناس والرفق بهم: (اللهم من ولى من أمر أمتى شيئا فشق عليهم فأشقق عليه ومن ولى من أمر أمتى شيئا فرفق بهم فارفق به). وثانيا: واجب الناس نحو الضرائب التى تفرض بالمعروف وهذا ينطبق على الضرائب الموجودة عندنا فى مصر إلا فى حالات نادرة جدا حينما يتعسف موظف الضرائب فى فرض ضريبة باهظة، وواجب الناس نحو الضرائب التى تفرض بالمعروف أن يعلموا أن هذه الضريبة يجب عليهم شرعا أداؤها لأنه كما هو معلوم تساعد الدولة فى رصف الطرق وإقامة المستشفيات والمدارس والجامعات، فلو كل غنى من الأغنياء تهرب من أداء الضريبة، فإن الدولة لن تستطيع القيام بواجباتها نحو الأفراد وبالمناسبة يوجد فى العالم المتقدم ما يسمى بالجرائم التى تمس شرف الإنسان كما يوجد عندنا فى مصر ولكنهم يدخلون فيها جريمة التهرب من الضرائب، ومن هنا فإن المتهرب من الضريبة حينما يتقدم لوظيفة ما من الوظائف القيادية ويتضح أنه من المتهربين من الضريبة فأنه يمنع من هذا المنصب وليت الدولة عندنا فى مصر تنهج هذا النهج وأرى انه لا يجوز أن تسول لكل إنسان نفسه أن يتهرب من الضريبة بحجة التقدير الجزافى وبناء على ما سبق فإن المتهرب من دفع الضرائب يعد آثما شرعا، ويحاسب على ذلك يوم القيامة لأن دفع الضرائب يصب لمصلحة المجتمع كله.