فرض التشريع الإسلامي الضرائب علي الدخل في زكاة الزروع والثمار والخراج, وعلي رأس المال في زكاة الأنعام والذهب والفضة, وعروض التجارة, ولذا فهي فريضة مالية قررها ولي الأمر لتغطية النفقات والحاجات اللازمة للأمة إذا لم تف أموال الزكاة بذلك. وهي مشروعة إذا كانت عادلة في تقديرها وفي جبايتها, ولا يجوز التهرب منها, لأن الله أمرنا بطاعة أولي الأمر فيما فيه مصلحة كما قال سبحانه( يا أيها الذي أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)( سورة النساء:59) حول ذلك يقول الدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الازهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية, أن الضريبة هي اقتطاع إجباري من دخول الأفراد والشركات ونحوها لتمويل خزينة الدولة للإنفاق منها علي الخدمات العامة وفقا للتشريع الضريبي الوضعي والذي يختلف من مكان إلي مكان ومن زمان, وقد تكون الضريبة عادلة وقد تكون ظالمة, فالضريبة العادلة من المنظور الإسلامي يجب ان تتوافر فيها ثلاثة شروط وهي أن تؤخذ بالعدل وأن تنفق بالعدل وأن تمنع من الباطل, ولقد حدد فقهاء المسلمين معني العدل الذي يتضمن المقدرة علي الأداء, والمساواة بين الناس, ومراعاة الحاجات الأصلية للمعيشة, أما الضريبة الظالمة من المنظور الإسلامي هي التي فيها ظلم واعتداء علي أموال الناس بدون حق, ويطلق عليها المكوس وهي محرمة بإجماع الفقهاء, ويجوز لدافعها تجنبها وليس عليه إثم أو معصية في ذلك, فمن مات دون ماله فهو شهيد. وليس هناك معايير موضوعية واضحة المعالم لقياس الظلم الضريبي حتي يمكن تجنبه, كما أن ذلك لا يترك لهوي الأفراد أو الحكومات, ولكن هناك قواعد شرعية كلية عامة هي ما تخالف العدل, والمساواة, والمقدرة علي الأداء, وحماية الملكية الخاصة من الاعتداء, والمصداقية, والشفافية, وما يتفرع عن ذلك, فالتهرب من أموال الضرائب حرام قطعا لأن الحاكم فرض هذه الضرائب لحاجة الدولة إلي هذه الأموال للانفاق علي التسليح ودفع مرتبات العاملين بالدولة وانشاء الطرق والمستشفيات والمصالح العامة لكن ينبغي علي الحاكم الا يغالي في فرض الضرائب ويراعي حاجة الناس أصحاب الأموال إلي هذا المال, ثانيا عليه الا ينفق هذه الأموال الا علي ما يجوز الأنفاق فيه شرعا فلا ينفقها في إنشاء المسارح والملاهي وإقامة الحفلات إلي غير ذلك من الأمور غير الجائزة شرعا, الانفاق من أموال الضرائب عليها, كما يحرم التهرب من دفع أموال الضرائب لأن الدولة في حاجة الي دفعها. ومن جانبها تقول الدكتورة أمال يس أستاذ مساعد الفقة المقارن كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر ان الضريبة من الألفاظ المحدثة ولكنها في إصطلاح الفقهاء تطلق ويراد بها المكوس والمكس في اللغة دراهم كانت تؤخذ من بائع السلع في الأسواق, وفي الاصطلاح اختلف تعريفات الفقهاء وكلها تدور حول من يأخذ من أموال الناس شيئا مرتبا وفي الغالب ويقال له العشار وهو من ينصبه الإمام علي الطريق ليأخذ الصدقات من التجار ويأمن التجار بوجوده من اللصوص, وقوله صلي الله عليه وسلم( صاحب المكس في النار.. لقد تابها توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت منه). وهذا محمول علي الأخذ بغير حق وكان مصروفا في مصلحة الماكس وليس في المصلحة العامة. كما تطلق الضريبة أيضا علي الجباية والخراج والعشور والتوظيف وكلها كلمات مترادفة في معناها. أما الضريبة في عرف علماء المالية فقد عرفت بتعريفات كثيرة منها أن الضريبة مبلغ من المال تجبيه الدولة بما لها من حق السيادة من الأموال الموجودة بالبلاد أو من الأشخاص القاطنين بها لكفاية حاجات المصالح العامة ولا تقتصر الضريبة علي رعايا الدولة بل تمتد إلي الموجودين بالبلاد من غير رعاياها وللأجانب غير المقيمين بها تبعا لما يملكون من أموال في البلاد كما لم يقتصر علي الدولة والحكومة المركزية بل قد تقوم بها الهيئات البلدية أو المحلية بالنسبة للضرائب الخاصة بها. وعرفها البعض بأنها فريضة مالية يدفعها الفرد جبرا إلي الدولة ومساهمة منه في التكاليف والأعباء العامة بصفة نهائية دون أن يعود عليه نفع خاص مقابل دفع الضريبة وعرفها البعض الآخر بأنها اقتطاع مالي تستأدية الدولة جبرا من الأفراد دون مقابل بهدف تحقيق نفع عام ومن خلال التعريفات السابقة يمكن القول ان الضريبة استقطاع نقدي وليس عينيا كما أن الضريبة تدفع جبرا إذ يلزم القانون الأفراد بدفع الضريبة إلزاما بحيث إذا امتنع الممول عن دفع الضرائب المستحقة عليه تستطيع السلطات العامة اللجوء إلي وسائل التنفيذ الجبري عليه ولمطالبته بها, كما أنها الضريبة ليس لها مقابل معين بمعني أن الضريبة لا تدفع في مقابل نفع معين يعود علي دافعها ولا يتم تحديد مقدارها علي أساس هذا النفع وإنما يتوقف خضوع الممول للضريبة ومقدارها يدفعه علي مقدرته التكليفية وحدها, كما أن الضريبة تجبي طبقا للقواعد المقررة لا تابعة للأهواء والاحكام أو عمال الدولة, كما أنها تحقق منفعة عامة أو مصلحة أو سد حاجة عامة, وهذه المنفعة أو المصلحة العامة تختلف من بلد إلي آخر تبعا لاختلاف الأوضاع والظروف السائدة. والفرق بين الزكاة والضريبة تتفق الزكاة مع الضريبة في كونها إلزامية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وتختلف في أن الزكاة فرضها الله تعالي, أما الضريبة فمن وضعها البشر, والزكاة تهدف إلي تزكية النفس وتطهرها من البخل والشح, في حين أن الضريبة عكس ذلك, كما أن الزكاة عبادة مالية تقترن بها روح الإيمان والاخلاص لله تعالي, في حين أن الضريبة تفرضها الدولة, الضريبة أيضا تجبي من قبل الدولة جبرا علي الأفراد ولا تسمح لهم بأن يخرجوها بأنفسهم, في حين أن الزكاة توزيعها في بعض الأحوال للأفراد كالأموال الباطنة, ويضاف إلي هذا أن الضريبة تقف عند العقوبات الدنيوية وفرض غرامات مالية في حين أن عقوبة الممتنع عن دفع الزكاة عقوبة تتعدي العقوبات الدنيوية إلي العقوبات الاخروية والضريبة فريضة تجب علي جميع الأموال المشروعة أو غير المشروعة, في حين أن الزكاة تجب في الأموال المشروعة الطيبة النامية وأيضا الضريبة تفرض في النفاقات العامة للدولة فتوجه لسد حاجة المرافق العامة من صحة وتعليم ودفاع وأمن طرق في حين أن مصارف الزكاة معروفة ومحظورة في الاصناف التي نص عليها القرآن وتشير الدكتورة امال يس في حكم فرض الضريبة فقد اختلف الفقهاء في حكم فرض ضريبة المال وحق الزكاة المفروضة وبالتالي لايعرف فريضة الضرائب استدلالا لقوله صلي الله عليه وسلم( اذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك), وقد دل الحديث علي عدم وجود حق آخر لوجوب الزكاة, وهناك فريق آخر يري أن في المال حقا سوي الزكاة وبالتالي يجوز فرض الضرائب استدلالا بقوله تعالي( وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة), فالانفاق في سبيل الله يمتد إلي كل عطاء يخرج من ذمة المالك في سبيل الخير العام وكان فيها نجاة الانفاس من الهلاك وهذا يدل علي أن للامام حق آخذ أموال غير الزكاة من الرعية اذا لم تف أموال الزكاة بذلك لأن الأمر بالاتفاق باب واسع وأيضا بما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال( إن في المال حقا سوي الزكاة), وقوله صلي الله عليه وسلم أيضا( من كان له فضل ظهر فليعد به علي من لا ظهر له, ومن كان له فضل من زاد فليعد به علي من لا زاد له فقوله صلي الله عليه وسلم من عنده فضل ظهر دليل علي أن في المال حقا سوي الزكاة خاصة اذا وجدت الضرورة. والسؤال الذي يطرح نفسه هل تفرض الضرائب علي الزكاة, هناك قولان الأول: عدم جواز احتساب الضريبة من الزكاة, والثاني: تحتسب الضريبة من الزكاة اذا نوي الشخص ذلك, وقد دل في الاثر علي ما لا يدفع في غير الزكاة لا يحتسب منه ولأن صرف المال في الزكاة له جهات معينة. أما التهرب الضريبي فهناك تعريفات كثيرة منها انه الخلل بواجب أداء الضريبة علي الوجه القانوني أو التأخر في أدائها في الميعاد المحدد, وتعريف اخر ومنها كل وسيلة يلجأ إليها الممول للتخلص من عبء ضريبي يفترض وقوعه علي عاتقيه يعترف بواجبه, وقد نهي الإسلام عن الحيل التي يقصد بها التهريب من الضريبة أو اداء الحق.