من أسف أن البعض ينزلق إلى خطيئة الرقص على أنغام الدفوف الأمريكية التى تدق بين الحين والحين - بعيدا عن الاتجاه الصحيح لتعبر عن تبرم الولاياتالمتحدةالأمريكية من حالة العجز والتردى التى أصابت الأممالمتحدة، وجعلتها عاجزة عن التعامل مع الأزمات والقضايا الدولية.. مع أن هذه الدفوف لا يعلو صوتها إلا عندما تستشعر واشنطن أن هناك أصواتا مزعجة لها، ومعارضة لسياستها تتخذ من منبر المنظمة الدولية موقعا مميزا لكشف وتعرية الأهداف والمقاصد الأمريكية فى الساحة الدولية وهو ما ظهر بوضوح خلال مناقشات مجلس الأمن الأخيرة للأزمة الأوكرانية بناء على طلب روسيا. وصحيح أن هناك إحساسا عاما بقصور الأممالمتحدة، وأن ذلك يمثل مبررا كافيا للدعوة إلى إعادة تنظيم هذه المنظمة الدولية لكى تصبح أكثر كفاءة وأكثر فاعلية، ولكن ينبغى على الذين يقولون بذلك أن يدركوا أن العلة ليست فى الأممالمتحدة، ولا فى مبادئها، ولا فى ميثاقها - رغم الحاجة إلى التعديل والمراجعة - وإنما العلة فى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية استثمرت ما وقع فى العالم من متغيرات بعد انهيار الاتحاد السوفيتى فى تطويع المنظمة الدولية، وتوجيه دفتها، وفق أهدافها، ومصالحها فقط وما زالت تسعى بكل جهد لتحجيم الطموح الروسى والصينى البازغ فى السنوات الأخيرة باتجاه إعادة التوازن للنظام العالمي. إن بيت الداء فى أسباب عجز الأممالمتحدة يكمن فى هيمنة الولاياتالمتحدة عليها حتى أصبح معروفا أن آلية صنع القرارات الدولية ترتهن فى حركتها - سلبا وإيجابا أو صعودا وهبوطا - بما تقرره أمريكا التى أصبحت توجهاتها وسياستها فى الساحة الدولية نموذجا فجا لازدواجية المعايير، ودون أدنى اعتبار لبنود الميثاق أو ضرورات احترام مقررات الشرعية الدولية... وهذا هو السبب فى إنه لا تبدو هناك أى مساحة للتفاؤل فى ظل هذا الكم الهائل من المشكلات والأزمات الدولية التى تقف منها الأممالمتحدة موقف المتفرج فى شكل إعلان صريح بعجزها عن فرض مباديء الحق والشرعية التى قامت المنظمة الدولية من أجلها لنشر الأمن والسلام، وتحقيق العدالة والمساواة، وصولا بالمجتمع الدولى إلى علاقات متوازنة ومتكافئة. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الكلام الجارح أشد ألما من السهم الجارح ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله