ماجرى فى أوكرانيا قبل أسابيع وشهد هجوما سياسيا وعسكريا من جانب روسيا بلغ ذروته بالانتصار لاستفتاء شعب جزيرة القرم على الانضمام إلى روسيا يمثل دلالة مهمة بشأن نشوء حسابات جديدة فى لعبة الأمم. رأت من خلالها موسكو ضرورة توجيه رسالة إلى أمريكا وحلفائها فى غرب أوروبا مفادها أن حرص روسيا على استمرار التعاون مع الولاياتالمتحدة لا يعنى التضحية بالمصالح الحيوية لروسيا خصوصا عندما ترتبط هذه المصالح بالمجال الحيوى لروسيا بشكل مباشر مثلما هو الحال فى شبه جزيرة القرم. نحن إزاء رغبة روسية فى استعادة قدر واضح من الندية فى التعامل مع واشنطن وحلف الأطلنطى خصوصا وأن الخطاب الروسى السياسى والإعلامى يركز فى تصديه للحرب النفسية التى يشنها الغرب ضد موسكو بعد أزمة أوكرانيا بالتأكيد على عدم امتلاك واشنطن وحلفائها لذات الذرائع التى كانت تستخدم ضد الاتحاد السوفيتى خلال سنوات الحرب الباردة بالادعاء بوجود خطر أيديولوجى يستهدف نشر الشيوعية فى العالم بعد أن أعلنت روسيا وفاة النظرية الشيوعية تماما وانتهاج سياسة اقتصادية تتماشى مع قيم ومباديء الاقتصاد الحر. وبعيدا عن التكهنات والتحليلات التى تتراوح بين تهوين الموقف السوفيتى باعتباره مجرد فرقعة إعلامية وسياسية مؤقتة أو التهويل إلى حد القول بقرب العودة إلى أجواء الحرب الباردة القديمة فإن كل الشواهد تؤكد أن كلا من واشنطنوموسكو لديها حرص متبادل على تبريد الأجواء ومواصلة التعاون بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك مثل مكافحة الإرهاب والحد من الانتشار النووى وعدم السماح بتوسيع مجالات الصدام فى الأزمات الإقليمية. وتبقى الصين بقوتها البازغة بمثابة الحاضر الغائب فى حسابات لعبة الأمم الجديدة مع اختلاف نظرة كل من واشنطنوموسكو للعامل الصينى فى المعادلة الجديدة تحت مظلة عالم ثنائى القطبية أو متعدد الأقطاب فى الأرجح! خير الكلام: الكرامة مثل الدواء ينبغى إبعادها تماما عن متناول الصغار ! http://[email protected]