ليس هناك نموذج صارخ لعجز الأممالمتحدة مثل نموذج الصراع العربي الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 65 عاما. وهو ما دفع المملكة العربية السعودية إلي الاعتذار عن قبول عضوية مجلس الأمن الدولي بعد أن تيقن لها من التعامل الدولي مع الملف السوري أيضا التغييب الواضح للمعايير حسبما تتوافق مصالح القوي الكبري والدليل علي ذلك أن إسرائيل تبدو - بفضل الحماية والدعم الأمريكي- وكأنها أكبر وأقوي من إرادة الرأي العام العالمي الذي صدرت عنه إدانات صريحة للسياسات والممارسات الإسرائيلية والتي لم تنل من إسرائيل سوي الإهمال والازدراء وعدم الاكتراث بمثل ما تتعامل به الدولة العبرية- منذ نشأتها - مع قرارات الأممالمتحدة التي بقيت حتي اليوم مجرد حبر علي ورق بما في ذلك القرار الأخير بقبول فلسطين كدولة غير كاملة العضوية في المنظمة الدولية! والحقيقة إن هناك سؤالا ضروريا يلح علي الذهن والخاطر في ضوء ما جري للمنظمة الدولية من تهميش يكاد يلغي أحد أهم أسباب وجودها.. وهذا السؤال هو: هل هذا هو الحلم الذي ابتهجت له البشرية قبل 68 عاما مضت، وتصور المجتمع الدولي أنه قد وجد البديل الصحيح ل «عصبة الأمم» التي انهارت وتفككت في أول اختبار جدي تحت دوي المدافع في الحرب العالمية... ومن أسف أن أقول: إن الحلم لم يتبخر فحسب، وإنما تآكلت كل شواهده المرئية علي أرض الواقع، وما لم تتخل الولاياتالمتحدةالأمريكية عن نزعات الهيمنة والانفراد بتسيير شئون العالم، وفق مشيئتها وحدها، وتقبل بإجراء إصلاح جذري، وشامل في بنيان الأممالمتحدة بدءا من تعديل الميثاق، ووصولا إلي توسيع قاعدة التمثيل في الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن.. فإن مستقبل المنظمة سيكون في مهب الريح، ولن يكون بعيدا عن ذلك اليوم الذي تلقي فيه «الأممالمتحدة» مصير « عصبة الأمم» التي سبقتها! وليس من المعقول أن تبادر الولاياتالمتحدةالأمريكية ? من تلقاء نفسها - بالدعوة لإصلاح المنظمة الدولية لأن الأوضاع الراهنة هي الأنسب، والأكثر ملائمة لأهداف السياسة الأمريكية التي لن تتغير إلا إذا وصلها صوت مسموع ومؤثر من نوع الأزمة الأوكرانية الأخيرة يؤكد عدم الرضا عن وجود الأممالمتحدة كمجرد «ديكور» قد تصلح كواجهة ظاهرية لكنها تفتقر إلي الآليات المعبرة عن الإرادة الدولية. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: كلما عظم الداء كلما عز الدواء ! http://[email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله