علينا أن نتذكر جيدا ونحن علي مقربة من حلول موعد ذكري النكبة الفلسطينية عام1948 أن القبول الإسرائيلي بقرار التقسيم الذي رفضه العرب عام1947 لم يكن إلا قبولا تكتيكيا فقط. لم يكن القبول الإسرائيلي يحمل أي دلالة علي أن اليهود يريدون مجرد وطن قومي لهم في الحدود التي رسمها قرار الأممالمتحدة, وإنما كان القبول هو مجرد بداية سواء قبلوا العرب بذلك أو رفضوا! إن المسألة علي مدي سنوات الصراع العربي- الإسرائيلي لم تكن في أي وقت من الأوقات رهنا بقوانين ومواثيق دولية أو محكومة باتفاقيات يرتضيها المتخاصمون, وإنما المسألة كانت رهنا دائما بموازين القوي الدولية والإقليمية. إن العرب عندما رفضوا قرار التقسيم عام 1947 كانوا يعتقدون أن ميزان القوي لمصلحتهم, وإنه من غير المتصور أن تستطيع العصابات الصهيونية المسلحة في فلسطين أن تفرض مشيئتها علي سبعة جيوش عربية نظامية! ثم إنه لم تكن للشعب الفلسطيني في ذلك الوقت قيادة تملك استراتيجية واضحة لأبعاد هذا الصراع, فضلا عن أنها كانت قيادة في المنفي غائبة عن الواقع في ظل الإجراءات البريطانية الصارمة التي كانت تمنع هذه القيادة من دخول الأرض الفلسطينية, ومصاحبة ذلك بإجراءات تعسفية بلغت حد حرمان الشعب الفلسطيني من تنظيم أو تسليح نفسه, إلي حد تجريم إحراز سكين يزيد طوله علي عشر سنتيمترات, في الوقت الذي كانت العصابات الصهيونية فيه تتسلح وتتأهب دون قيود... ثم إن الجيوش العربية التي دخلت حرب 1948 ردا علي قرار إعلان الدولة اليهودية استنادا لقرار التقسيم لم تكن لديها معلومات كافية عن التنظيمات والتشكيلات اليهودية المسلحة في فلسطين. وللأسف الشديد فإنه بعد 64 عاما من حدوث النكبة فإن الموقف العربي يزداد انقساما وتآكلا, والموقف الفلسطيني يزداد خصاما وتناحرا, والموقف الإسرائيلي يزداد توسعا ويزداد عنصرية! وما قلته ليس دعوة لليأس, وإنما هو دعوة للاستفادة من دروس 64 عاما مضت كنا نخسر الكثير والكثير في مواجهة عدو يحسب خطواته بكل دقة. خير الكلام:
أصعب الأذي في لسان الواشي الكذوب! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله