وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية تستضيف وفدًا من قيادات مجموعة ستاندرد بنك    جمعية الخبراء: إعفاء المصانع من الضريبة العقارية يشجع الاستثمار ويزيد الإنتاج    "نيويورك تايمز": مادورو يتنازل عن موارد فنزويلا لأمريكا لإبعاد شبح الحرب    غرق 4 وفقد آخرين في انقلاب قاربين يقلان مهاجرين غير شرعيين قبالة سواحل ليبيا    كمال درويش يروي قصة مؤثرة عن محمد صبري قبل رحيله بساعات    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    طقس خريفي مستقر وتحذيرات من الشبورة الكثيفة صباحًا.. الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو الأحد 16 نوفمبر 2025    قيمة جوائز برنامج دولة التلاوة 2025..هنا يعلو صوت القرآن    آدم صبري: "والدي قالي قبل الوفاة خلي بالك من إخواتك أنا مش هفضل عايش"    مصرع رضيعة صعقا بالكهرباء أثناء لهوها في منزلها بالبحيرة    الاحتلال الإسرائيلي يحدد موعد لمحاكمة إمام الأقصى بتهمة التحريض على الإرهاب    دعاية يتبناها الأذرع: "أوبزرفر" و"بي بي سي" و"فورين بوليسي" نماذج لإعلام "إخواني" يهاجم تدخل الإمارات في السودان!    طارق لطفي يحارب أمير كرارة في "رأس الأفعى"    أهلي جدة يبدأ خطوات الحفاظ على ميندي وتجديد العقد    فيران توريس بعد دخوله نادي العظماء: الطموح لا يتوقف مع الماتادور    ليفربول يحسم موقفه النهائي من بيع سوبوسلاي    آسر محمد صبري: والدي جعلني أعشق الزمالك.. وشيكابالا مثلي الأعلى    تريزيجيه: الأهلي سألني عن بنشرقي.. وهذا ما دار بيني وبين زيزو قبل مواجهة الزمالك    "ضد الإبادة".. ظهور حمدان والنبريص والدباغ في خسارة فلسطين أمام الباسك    البنك الأهلي المصري يقود تحالفاً مصرفياً لتمويل «مشارق للاستثمار العقاري» بمليار جنيه    إيران تحذر من تداعيات التحركات العسكرية الأمريكية في منطقة الكاريبي    الداخلية تضبط المتهمين بسرقة أبواب حديدية بإحدى المقابر بالشرقية    القبض على أبطال فيديو الاعتداء على شاب ب"الشوم" في المنيا    أسفرت عن إصابة 4 أشخاص.. حبس طرفي مشاجرة في كرداسة    بدون إصابات.. السيطرة على حريق في برج سكني بفيصل    الدفاع الروسية: إسقاط 36 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق    نائب رئيس اتحاد الدواجن: انخفاض غير مسبوق في الأسعار وتحقيق الاكتفاء الذاتي    قائمة أكبر المتاجر المشاركة في البلاك فرايداي وأسعار لا تُفوَّت    عمرو أديب بعد حادث أحمد سعد: واخد عين.. حوادثنا قاتلة رغم الطفرة غير الطبيعية في الطرق    محمود حميدة عن إحراج الناس بردوده: مش قاصد    المستشار ضياء الغمرى يحتفل بحفل زفاف نجله محمد علي الدكتورة ندى    السفارة المصرية تضيء روما.. فعالية كبرى للترويج لافتتاح المتحف المصري الكبير.. صور    العرض العربي الأول لفيلم "كان ياما كان في غزة" فى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    أطعمة تزيد حدة نزلات البرد يجب تجنبها    رئيس الوزراء المجرى: على أوروبا أن تقترح نظاما أمنيا جديدا على روسيا    فوري تعلن نتائج مالية قياسية للأشهر التسعة الأولى من 2025    البنك الأهلي يقود تحالف مصرفي لتمويل المرحلة الأولى من مشروع "Zag East" بقيمة مليار جنيه    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. إسرائيل: لا إعادة إعمار لقطاع غزة قبل نزع سلاح حماس.. قتلى وجرحى فى انزلاق أرضى فى جاوة الوسطى بإندونيسيا.. الجيش السودانى يسيطر على منطقتين فى شمال كردفان    وزير الصحة يعلن توصيات النسخة الثالثة للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    تساقط أمطار خفيفة وانتشار السحب المنخفضة بمنطقة كرموز في الإسكندرية    مجموعة مكسيم للاستثمار راعٍ بلاتيني للمؤتمر العالمي للسكان والصحة PHDC'25    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    حملة تموينية مكثفة بالقليوبية تضبط عجائن مجهولة المصدر وتحرر مخالفات بالمخابز    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    استشاري أمراض صدرية تحسم الجدل حول انتشار الفيروس المخلوي بين طلاب المدارس    وزير الصحة يشهد إطلاق الأدلة الإرشادية الوطنية لمنظومة الترصد المبني على الحدث    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    دعت لضرورة تنوع مصادر التمويل، دراسة تكشف تكاليف تشغيل الجامعات التكنولوجية    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الإرهابيون مرضى نفسيون؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 04 - 2014

رحب بعض الزملاء من أساتذة الطب النفسى المرموقين بأهمية التقييم النفسى الإجبارى للمتقدمين لانتخابات رئاسة الجمهورية؛
و قد تم ذلك بالفعل وهو انفراد مصرى خالص لم تعرفه بلاد العالم طرا وقاطبة. واستند بعض هؤلاء الزملاء الأفاضل إلى حرصهم على تجنيب البلاد أن يحكمها من يعانى من عوار عقلى يؤثر على قراراته ملمحين إلى أن الرئيس السابق الدكتور محمد مرسى كان يعانى من خلل عصبى نتيجة لجراحة أجراها فى المخ. ولقد راجعت بدقة جميع البيانات الرسمية الصادرة عن قيادة القوات المسلحة بشأن مبررات عزل الرئيس السابق فلم أجد أى إشارة لتلك الجراحة التى أجراها؛ بل كانت جميع المبررات سياسية تماما وتدور حول غلبة انتمائه الفكرى لجماعة الإخوان المسلمين على أى انتماءات أخري.
ولسنا بصدد إعادة مناقشة الأمر بعد أن وقع بالفعل؛ كما أننا لسنا مؤهلين بحكم التخصص لمناقشة مدى المشروعية القانونية لإضافة شروط للترشح لرئاسة الجمهورية لم ترد فى الدستور؛ كما أننا لسنا بصدد مناقشة فكرة الاستبعاد من المنبع ومدى اتفاقها مع الأصول الديمقراطية؛ ولكننا وفى نطاق تخصصنا الدقيق؛ وتوقعا لاحتمالية استمرار تلك التجربة فى المستقبل، نحاول الإجابة على سؤال محدد: هل يمكن لفحوص نفسية مهما تكن دقتها أن تميز بين أصحاب الأفكار المختلفة؟ أم أن كل تيار فكرى يضم بين صفوفه جميع أنماط الشخصية المتراوحة بين الصحة و المرض؟ يعد مارك ساجمان Marc Sageman الطبيب النفسى و عضو معهد بحوث السياسة الخارجية الأمريكى الذى عمل فى صفوف المخابرات الأمريكية فى أفغانستان فى الفترة من 1987-1989 من أهم من حاولوا تقديم دراسة رقمية إحصائية تكشف عن الملامح النفسية لأولئك الإرهابيين، وقد أصدر عام 2004 كتابا بعنوان «فهم شبكات الإرهاب» أصبح مرجعا فى هذا المجال، كما كتب فصلا بعنوان «سيكولوجية إرهابيى القاعدة: البزوغ من الجهاد السلفى العالمي» ضمن كتاب مرجعى صدر 2006 بعنوان «علم النفس العسكرى والعيادى والتطبيقات العملية».
كتب ساجمان فى مقدمة الفصل المشار إليه أنه بعد أن أولى ظهره للعمل المخابراتى عام 1989 وتفرغ لمهنته كطبيب نفسى فى مجال الطب الشرعي، وظن أن علاقته بالإرهاب والإرهابيين قد انتهت؛ إذ به إثر أحداث 11 سبتمبر 2001 يحس أن عليه أن يفعل شيئا ما خاصة أن ما كان يتردد على ألسنة العامة آنذاك لم يكن متسقا مع ما خلص إليه من واقع خبراته الشخصية فى المجال، وحين نظر ساجمان للبحوث المتوافرة فى المجال فيما يتعلق بمرتكبى جريمة 11 سبتمبر، وجد نفسه حيال ركام هائل من النظريات والآراء والانطباعات الشخصية، ولكنه لم يجد تجميعا منظما للبيانات الواقعية الخاصة بممارسى العمليات الإرهابية.
قام ساجمان بتحليل ملفات المحاكمة التى انعقدت فى نيويورك عام 2001 واستمرت 72 يوما وتجاوزت صفحات التحقيق مع المتهمين بتفجير السفارة الأمريكية عام 1988 ما يقارب 9000 صفحة تتضمن كما هائلا من المعلومات عن حياة هؤلاء المتهمين، بالإضافة إلى نحو 400 سيرة حياة ذاتية تفصيلية وأسفر تحليله لتلك البيانات عن أنهم جميعا أسوياء تماما من الناحيتين النفسية والاجتماعية؛ فثلاثة أرباع أفراد العينة ينحدرون من الطبقات المتوسطة فما فوقها، و90% منهم نشأوا فى رعاية أسر متماسكة، و63% التحقوا بكليات جامعية، ويتقنون الحديث بعدة لغات، وأن غالبيتهم قد التحقوا بمنظمة القاعدة وهم فى السادسة والعشرين أى فى قمة نضجهم النفسى والعقلي، و أنهم أميل للاستقرار الأسري، حيث 73% منهم متزوجون و غالبية هؤلاء لهم أطفال، وأن عدد من يعانون اضطرابات نفسية أربعة أفراد فقط من بين 400 فرد وهو ما يقل كثيرا عن المعدل المعروف لانتشار مثل تلك الاضطرابات.
يتفق ذلك مع ما قال به جون هورجان John Horgan وهو من أبرز علماء النفس السياسى المتخصصين فى دراسة ظواهر الإرهاب والعنف السياسي، وله كتابه الصادر 2008 بعنوان «الابتعاد عن الإرهاب: روايات عن التحلل من الارتباط بالحركات الراديكالية والمتطرفة» اهتم فيه برصد وتحليل ملامح أولئك الذين انغمسوا فى العمل الإرهابى ثم انسحبوا منه وأولوا ظهورهم له، معتمدا فى ذلك على مقابلات متعمقة أجراها مع عدد منهم، وخلص فيه إلى أن الانضمام إلى الشبكات الإرهابية وكذلك الخروج منها إنما يتأثر بالظروف المحيطة بالفرد بأكثر من تأثره بملامح شخصيته.
خلاصة القول إن الفكر مهما بلغ انحرافه لا يعنى خللا نفسيا يمكن اكتشافه بأدوات القياس النفسي، كما أن ذلك الانحراف الفكرى لا يعنى بالضرورة تحول صاحبه إلى ارتكاب فعل تدميري، وإذا من يمارسون الإرهاب قلة يمكن أن تواجهها الأجهزة الأمنية؛ فإن الأكثر أهمية للمستقبل هو التعامل مع تلك الكثرة ممن يتعاطفون فكريا مع تلك الممارسات؛ وهى مهمة فكرية فى المقام الأول والأخير.
إن فتح الأبواب أمام جميع التيارات الفكرية دون استثناء للحوار العلنى دون قيود هو السبيل الوحيد لتفنيد تلك الأفكار والحيلولة دون تحولها إلى ممارسات. ومهما يكن ضجيج الحوار فإنه أهون من لعلعة الرصاص.
لمزيد من مقالات د. قدري حفني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.