مليارات الجنيهات خرجت بشكل غير مشروع إبان ثورة يناير إلى حسابات بنكية فى مختلف أنحاء العالم لمصلحة حفنة ممن استحلوا قوت الشعب المصرى ومقدراته. ورغم المطالب الشعبية بتعقب الأموال المهربة وبعد تشكيل العديد من اللجان لاستردادها إلا أن كلها انتهت بالفشل 00 والسؤال بعد ثلاث سنوات من محاولات رد الأموال المنهوبة ، ما الخيارات المتاحة أمام الرئيس المقبل لرد الأموال المهربة؟ الدكتور رشاد عبده الخبير الأقتصادى قال ان عدم رد الأموال المهربة حتى الآن نتيجة لإهمال القوى السياسية -وعلى رأسها جماعة الإخوان - قضية استرداد الأموال المنهوبة ورفضها مبادرات التصالح بهدف تصفية الحسابات مع رموز نظام مبارك على حساب مصالح الشعب وحقه فى استرداد ثرواته وبالتالى فضلت الجماعة إدخال رموز نظام مبارك السجون بدلا من رد الثروات والتصالح، موضحا انه «خلال الثلاث سنوات الماضية يمكن تغيير معالم الأموال المهربة بواسطة شركات متخصصة يمكنها تكرار عمليات نقل ملكية الأموال عشرات المرات بأسماء متعددة و بالتالى فإن صدور حكم قضائى بات برد الأموال سيكون متأخرا لاستحالة تعقب هذه الأموال بعد إخفاء أثرها». واشار إلى أن دولة الفلبين لم تتمكن من استعادة أكثر من 7.5 % من ثروة الدكتاتور الفلبيني، فيرديناند ماركوس على الرغم من انتهاء فترة حكمه للبلاد منذ ما يزيد على 28 عاما. واضاف: والآن أصبحت أدوات الجريمة أكثر تنظيما وأحدث وأوسع حيلة و بالتالى إذا انتظرنا حتى صدور أحكام قضائية لن نجد شيئا لكى نسترده. ويتساءل : إذا كانت القاعدة الأساسية هى قبول المصالحة مع من لم تلوث أياديهم بدماء الشهداء ، فلما لا نقبل التصالح معهم؟ مؤكدا : أنه من أنصار تفاوض الدولة مع رموز نظام مبارك فى الداخل والخارج من أجل ضمان تحقيق أكبر مكسب فى أسرع وقت شريطة استمرار المحاكم فى نظر قضايا الأموال المهربة لتمثل أداة ضغط على هؤلاء لضمان جدية المفاوضات. ويرى أن الزيادة المستمرة فى عجز الموازنة ومؤشرات البطالة تدفعنا إلى قبول التصالح بهدف رد أكبر جزء من الأموال المهربة خلال السنوات الثلاث الماضية وضخها فى الاقتصاد المصرى لتشكل دفعة قوية وتوفير فرص عمل للشباب. أخطر القضايا من جانبه يؤكد المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة استئناف القاهرة إن استرداد الأموال المنهوبة من أخطر القضايا القانونية التى ترتبط جذريا بالمشهد السياسي، وأن مصر تلقت العديد من العروض من رموز نظام مبارك بهدف التصالح عقب ثورة يناير إلا ان عدم اتخاذ إجراءات جادة فى التعامل معها أدى إلى الدخول فى قضايا ومنازعات قضائية يطول أمدها أثرت سلبا على رغبة هؤلاء فى إتمام التصالح وأوضح الخطيب أن استرداد الأموال المهربة إلى خارج مصر لن يتم إلا عبر التفاوض مع المتهمين أنفسهم وتسوية تلك المنازعات اختصارا للوقت ودعما للاقتصاد القومى والاستفادة من رغبة عدد من رموز مبارك فى استئناف نشاطهم الأقتصادى فى مصر خاصة وأن الدول الأجنبية المودع لديها تلك الثروات لديها قوانين تفرض علينا إجراءات قانونية وقضائية يطول أمدها بالإضافة إلى حرص تلك الدول على الحفاظ على الأموال المهربة لديها أطول فترة ممكنة للاستفادة منها واستثمارها فى اقتصادياتها وتشغيلها. مرسوم بقانون بدوره يرى أحمد عاشور المستشار بهيئة قضايا الدولة أن أولى مسئوليات رئيس البلاد المقبل هى ضرورة إصدار قانون استعادة الأموال المهربة إلى الخارج فور توليه منصب الرئاسة وإصداره بمرسوم بقانون والنص على تشكيل لجنة وطنية عليا مستقلة تتبع رئيس الجمهورية بهدف استرداد هذه الأموال وتضم بعضويتها شخصيات ذات كفاءة لاستردادها بالداخل والخارج وممثلين عن الهيئات الرقابية والتنفيذية المعنية بمحاربة الفساد ودعمها بعناصر قضائية وقانونية ومصرفية ومالية ، موضحا أن دور اللجنة سيشمل أجراء التحقيقات بشأن الأموال المتحصلة عن عمليات فساد و التى تم تهريبها إلى الخارج خلال الأعوام الماضية وتفعيل الآليات اللازمة قانونا لتتبعها واستعادتها واتخاذ ما يلزم من إجراءات للتعاون مع الدول الأجنبية والمنظمات الدولية والإقليمية فى عمليات التحقيق ومتابعة التعاملات المشبوهة التى تجرى بشأن أى أموال مصرية ناتجة عن فساد. ويشدد عاشور على أن نجاح اللجنة فى أداء عملها يتطلب الالتزام بالتوصيف القانونى للجرائم وفقا لقوانين الدول المودع لديها الأموال المهربة حيث إن دولا مثل سويسرا لا تعتد بقضية الكسب غير المشروع بينما تعتد بجريمة الرشوة واستغلال النفوذ ، مؤكدا أن سويسرا تعاونت مع مصر وارسلت فريقا قانونيا إلى النيابة العامة لتدريب كوادر على كيفية استعادة تلك الأموال ودعم مصر فى عودتها 0 وينوه إلى أن نيابة الأموال العامة قد تلقت مخاطبات من شخصيات بارزة فى نظام مبارك وعلى رأسهم رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق ويوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق ورجل الأعمال الهارب حسين سالم ورغم أن البعض منهم قد تراجع عن هذه المبادرات فإنه يمكن إحياؤها بالضغط عليهم من خلال تنفيذ مقترح تشكيل اللجنة الوطنية العليا لاسترداد الأموال المهربة بما يضمن عودة مليارات الدولارات التى خرجت من مصر وتعثرت محاولات استردادها طوال 3 سنوات خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد حجم الاموال من ناحيته يقول الدكتور محمود كبيش عميد كلية حقوق القاهرة وأستاذ القانون الجنائى إن الأخوان بالغوا كثيرا فى حجم أموال نظام مبارك المهربة للخارج، مشيرا إلى أن تهويل حجم الثروات المنهوبة كان خطة تهدف لتضليل الرأى العام وإيهام المواطنين بقدرتهم على رد الثروات المهربة لتوسيع شعبيتهم فى الشارع. ويوضح كبيش أن مصر تواجه مشكلات كبرى وأن الرئيس المقبل سيتحمل أعباء قاسية فى سبيل حلها وأبرزها القضاء على الإرهاب ورد الأموال المهربة. تجارب الدول ويطالب الدكتور أيمن سلامة خبير القانون الدولى رئيس الجمهورية المقبل بالاستفادة من تجارب الدول التى استردت ثرواتها المنهوبة بالخارج، قائلا : على الرئيس المقبل الاستفادة من تجارب الدول النامية التى استردت الثروات المنهوبة من قبل النظم الفاسدة التى حكمتها، وأن اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد تلزم الدول التى تطالب برد أموالها المهربة فى الخارج بطريقة غير مشروعة أن تقدم للدول المودع لديها تلك الأموال الأدلة الدامغة على أحقيتها بها ، مؤكدا أن تقديم الدليل على أن هذه الأموال تم التحصل عليها بشكل غير مشروع وتهريبها من مصر شرط أساسى لتجميد تلك الودائع ، مطالبا الرئيس المقبل بعدم إغفال هذه الخطوة لضمان تتبع الأموال المهربة.