فتح الوزير باب شقته بعدما رن للسائق من محموله ليعلن عن نزوله ليتجه لعمله كما هي العادة لكنه وجد طردا صغيرا امام الباب توقف أمامه طويلا وشك في أنه ربما يكون مفرقعات مرسلة له من احدي الجهات المتطرفة او من احد اعداء النجاح, فوصوله السريع لكرسي الوزارة وتصدره للصحف والمجلات والفضائيات كان سببا في أن يوغر صدر اعدائه وان يبثوا نيران حقدهم عليه من كل جانب إلا أنه كان يعمل دائما بنظرية الكلاب تعوي والقافلة تسير. اتصل بالأمن الخاص به والذين ينتظرونه امام مدخل العمارة, اقترب احد رجال الأمن فور وصوله من الطرد بعدما اغلق باب الاسانسير واخبر الوزير ان يغلق الشقة فورا وان يخليها من السكان وعمل اتصالات سريعة, تحركت سيارات الأمن وسمع في الشارع صوت سارينة عربات الاسعاف وأتت سيارات الامن المركزي, وقف الجميع ينتظرون خبير المفرقعات الذي اكتشف عدم وجود قنبلة موقوتة كما يصر الجميع, فتح الطرد ووجد به جمجمة لشاب في نحو الثلاثين من العمر. سجلت عدسات القنوات الفضائية مع الوزير الذي اعلن خوفه من عودة التيارات المتطرفة لأنه لم يكن يعلم بأمر الجمجمة وفتحت النيابة تحقيقات حول الحادث وطلبت النيابة التحريات عن صاحب الجمجمة, ومن ثم عمل رجال البحث الجنائي علي التعرف علي صاحب الجثة بينما رجال الطب الشرعي يحاولون تحديد الوقت الفعلي لوفاة صاحب الجمجمة وهل هو مات مقتولا او مسموما ومعرفة بصمات مرسل الطرد واخر شخص امسك بالجمجمة. نشر الخبر في العديد من الجرائد علي الصفحات الأولي وبعد العديد من التحليلات الصحفية وحلقات التوك شو نسي الجميع موضوع الطرد والجمجمة. كان عم محمود البقال خارجا من بيته ليقوم بفتح دكانه وبينما هو واقف امام باب الدكان وجد طردا صغيرا وفتحه ليجد امامه جمجمة لشاب في الثانية والثلاثين من عمره. انشغل الجميع بأمر الطرود, وهل هناك علاقة بين عم محمود والوزير أم ان الأمر مجرد صدفة وفي اليوم التالي وجد احد موظفي الوردية الصباحية باحد البنوك طردا به جمجمة لشاب ايضا لم يبلغ العقد الثالث من العمر وهكذا توالت البلاغات, جمجمة امام الاستاد, جمجمة امام مدخل احد قاعات المسرح جمجمة امام احدي قاعات السينما. كل يوم بنلاقي جمجمة هكذا قال احد العاملين بسنترال شعبي لاحدي القنوات الفضائية, وصلت الجماجم إلي باب البرلمان وامام القصر الجمهوري الجماجم تنتشر بسرعة وفي كل مكان. قال المحلل النفسي في برنامج التوك الشو الشعير ليس من المعروف السبب العلمي لانتشار الجماجم او الرسالة التي يريد ارسالها من يقوم بذلك ربما يكون الهدف منها الانتقام من المجتمع او لبيان اعتراضهم علي الاوضاع. ولكن السؤال الحقيقي من الذي يملك كل هذا العدد الهائل من الجماجم. وهكذا بدأ رجال الأمن تتبع كل اللحادين والبحث في علاقاتهم وطلبة كليات الطب والعاملين في المشرحة. واصبحت هناك رقابة صارمة علي كل هذه الفئات ثم تطور الامر إلي عمل حواجز لسكان المقابر واصبح خروجهم يتم بتصريح وتحديد تحركاتهم وإلي اين سيذهبون ثم تطور الامر إلي مناوشات واحتكاكات بين رجال الامن وسكان المقابر الا ان طرود الجماجم لازالت كما هي في معدلاتها المرتفعة امام المصالح الحكومية ومداخل المطارات والبنوك والهايبر ماركت وصالات الديسكو وعلي السلالم المتحركة للمولات التجارية وعلي ابواب المستشفيات وفي العمارات الكبيرة والابراج السكنية والمساكن الشعبية. اثبتت التحريات ان كل الجماجم كانت موضوعة داخل اكياس سوداء داخل شنطة رياضية غالية الثمن ذات ماركة عالمية معروفة وعلي الفور تم القبض علي صاحب توكيل ذلك النوع من الشنط بحثا عن الشخص الذي اشتري اكبر كمية في الفترة الاخيرة, لكن تم اكتشاف ان تلك الشركة لها فروع في كل مكان بمصر ولايمكن تحديد فرد واحد اشتري كل هذه الكمية خاصة وانه تم شراء كميات متساوية من كل الفروع في وقت واحد تقريبا. وفي اثناء التحريات تم اكتشاف مجموعة كبيرة من الجماجم امام كل فروع محلات ذلك النوع من الشنط وهكذا تم الافراج عن صاحب التوكيل. عقد اجتماع هام علي مستوي الحكومة لمناقشة تلك القضية الخطيرة, لايمكن العبث بمقادير البلد. هكذا قال رئيس الوزراء ذلك شيء لايمكن السكوت عليه ابدا ثم اكمل حديثه وتم تشديد التفتيش علي المطارات والموانئ والمنافذ البرية, كانت الطرود تتوالي في كل مكان بالمدينة وتم رفع حالة الاستعداد العسكري إلي الحالة القصوي وصارت الحراسات علي المقابر بورديات صباحية ومسائية وصار الناس يدفنون ذويهم في اماكن سرية خشية من سرقة الجماجم. قال رجل دين: هذا غضب من الله قال رجل الأمن: هذا تسيب واضح قال عالم الاجتماع: انها ثورة الجياع خلت الأسواق من المارة وامتنع الناس عن الذهاب إلي اعمالهم وألغيت مسابقات كرة القدم وتم اخلاء المقابر بطول البلاد وعرضها, تكلم المسئول الحكومي اخيرا, وقال: اذا كانت هذه حركة سياسية فلتعلن عن اهدافها لنتحاور معها ونتعرف علي افكارها ومبادئها, قدمت الحكومة استقالتها وألغيت الانتخابات وتم تعديل الدستور ولكن الطرود التي تحوي الجماجم كانت لاتزال ترسل بنفس الانتظام وبنفس الطريقة.