ترددت كثيرا في الكتابة اليك فأنا أتابع ذلك البريد منذ سنوات حتي قرأت رسالة( الهاربة) فقررت أن أكتب اليك عسي ان أجد الحل. أنا ياسيدي قصتي تشبه تلك القصة ولكن مع الاختلاف في التفاصيل البسيطة والنتيجة أيضا! فأنا فتاة في أوائل العشرينيات علي قدر كبير من الجمال ومن عائلة محترمة, كنت متفوقة في دراستي ومن أوائل الثانوية العامة في محافظتي, ودرست في كلية مرموقة وفي احدي سنوات دراستي تعرفت بشاب يشهد الكل علي اخلاقه وأدبه ومدي خوفه من الله في معاملاته وحياته. تقدم ذلك الشاب إلي أبي ولكن رفض والدي حتي مجرد المقابلة ولم ييأس ذلك الشاب وتقدم إلي والدتي ولكن لم يكن في يدها أي شيء تقدمه لنا وابتعد عني فترة ثم جاء ثانية ليطلب مقابلة والدي ورفض والدي للمرة الثانية ولكن بعث بصديق ليقابله لكي يبعده عن طريقي بأقسي الكلمات ويردعه!! ولم نيأس وحاولنا بشتي الطرق وجلست اتحدث مرارا وتكرارا مع أبي كي أعلم سبب رفضه ولك أن تتخيل ياسيدي الصدمة ان سبب رفضه هو ان هذا الشاب ليس مناسبا لعائلتنا لانه يسكن في شقة بسيطة ولايملك مؤهلا جامعيا يناسب شهادتي التي اخذتها من احدي الكليات النظرية المرموقة التي تعادل كلية الطب مع انه يملك مؤهلا جامعيا وعلي نفس المستوي الثقافي والفكري, ثم طلب حبيبي ان يقابل والدي للمرة الثالثة ومع اصراره وتمسكه بي قام والدي بالموافقة تحت الحاح والدتي بأن تبارك زواجنا والا يعذبنا ويقسو علينا, وقالت له بنفس اللفظ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) وذهب والدي لكي يقابل ذلك الإنسان الذي لاذنب له في هذه الحياة إلا أنه احبني وارادني في الحلال ليجد من أبي قسوة واهانة لا يقبلها إنسان حر مهما كان السبب, ومع ذلك تحمل حبيبي كل هذا وابتعد عني وقام بغلق هاتفه ولم ينطق بكلمة واحدة واحترم رغبة والدي. وظل كل واحد فينا يتعذب لسنوات ولم يقدر الزمن علي حبنا أو ينسينا تلك المشاعر الجميلة وكان الفراق يعذبني لدرجة ان لاحظة والدي ومع ذلك لم يحمل نفسه أي ذنب أو لوم, ثم عاد إلي حبيبي بعد طول غياب طالبا للمرة الرابعة ان يتقدم لوالدي وان نحاول معه, ولك ان تتخيل ياسيدي مدي يأسي من تلك المحاولة لأني أعلم دماغ والدي جيدا حيث انه لم يوافق من سنوات فما الذي سيغيره الآن؟! ومع ذلك قمت بالمحاولة من جديد لأجد من أبي هجوما قاسيا ولكني خفت علي حبيبي تلك المرة أن يؤذيه أو يهينه مرة أخري فرفضت ان تتم أي مواجهة بينهما غير مضمونة النتائج وجلست وتحدثت مع أبي كثيرا فوجدته يقول لي اذهبي وتزوجيه ولكن لن أضع يدي في يد هذا الإنسان أبدا وتحملي نتيجة اختيارك بعيدا عني حتي لا اتحمل أي شيء. وبعد ان تعبت ويأست من كثرة المحاولات قررنا الزواج أنا وحبيبي ولكن بعد موافقة والدي واخبرته بأنني ساتزوج قريبا وهل هذا سيرضيه ان يتركني فيمثل هذا اليوم وحدي وبكيت. ياسيدي امامه وتوسلت اليه ولكن وجدت منه كل قسوة ووجدته يقول لي ألف مبروك!! وبالفعل ذهبت وعملت توكيلا لاحد اقاربي وقام بزواجي إلي حبيبي وأخبرت والدتي وكانت تعلم عني كل شيء حتي انها جلست مع حبيبي كثيرا واحبته واعجبت باخلاقه وتفكيره وباركت زواجنا. سيدي أنا في حيرة حيث أنا اعيش الآن في بيتي مع اسرتي ولا احد يعلم ما يدور بداخلي من احزان سوي والدتي وقد اقترب موعد ذهابي إلي بيت زوجي ولكني لا اريد ان يطلق علي لفظ الهاربة لأني دائما أواجه الناس ولا أقوم بالهروب من المشكلات ولكني لا أتوقع رد الفعل ولا اريد حتي مجرد التفكير فيه. أعلم ان والدي يحمل في عقله فكرة واحدة وهي انه يعلم ما هو الأفضل لي لانه أكبر سنا واني لا أعلم اين مصلحتي ولكنه نسي انه عندما كان في المرحلة نفسهاالتي امر بها الآن اختار حياته بملء ارادته. صحيح ان الآباء يملكون الخبرة في الحياة ولكن من حقنا أيضا ان يعطونا فرصة الاختيار لانها مسألة حياة بأكملها ونحن من نتحمل نتيجة اختيارنا ولو ندمنا عليه أفضل بكثير من ان نحملهم العواقب ونلومهم ونشعر بأنهم سبب دمار حياتنا! الزواج يا أبي ليس صفقة.. الزواج رحلة عمر ومسئولية ويجب ان يكون مبنيا علي اقتناع وتفاهم وحب وهناك قصص مأساوية سمعناها بسبب هذا الموضوع وكم من فتيات ظلمن بسبب هذه المسألة. همسة في أذنك يا أبي: ليس المهم ان تفرض رأيك وسلطتك لانك الأقوي والأكبر والأعقل, وليس المهم ما تريده أنت فقط, وليس المهم ما يعجبك وما يناسب الشكل الاجتماعي للعائلة, الأهم هو حياة ومستقبل ابنتك فلا تدمرها ولا تكن سببا في هدم حلم ربما يكون تافها بنظرك ولكن بنظر ابنتك هو معني الحياة. سيدتي.. لست هاربة فلم تقبلي أن تعقدي قرانك إلا بعد موافقة والدك ومباركة والدتك.. وما قلته كثيرا للآباء, عليكم ان تقدموا النصح والتوجيه لأبنائكم, حذروهم ممن تخافوه بحب واحتواء, واتركوا لهم الاختيار حتي لو كنتم ترون خطأ الاختيار, فمن أحسن تربية ابنه عليه ان يثق في اختياره ويتركه يواجه مستقبله بالاسلوب الذي حدده, فالأمر ليس تحد بين خصمين, بل رغبة أكيدة في السعادة خاصة من الآباء لأبنائهم. ومع ذلك يا عزيزتي, لاتفقدي الأمل, تقربي إلي والدك أكثر, أكدي له أنك لن تكوني سعيدة لو كان غاضبا عليك رافضا اختيارك.. قبلي يديه ورأسه, ذكريه بطفولتك في احضانه وسليه هل سيكون سعيدا لو كنت حزينة يوم فرحك.. قولي له ان رأيه صائب في أغلب الاحيان, فليدع لك فرصة لاختبار اختيارك وليكن بجوارك في حال فشله, لانك لن تجدي أحسن منه ولا احدا يحبك أكثر منه. من يدري ربما يرق قلبه ولايحرم نفسه ولايحرمك من أهم يوم في حياتكما.