يعيش ملايين من المعاقين فى مصر حالة من التمييز النوعى ومعاناة شديدة للمطالبة بحقهم فى الحياة وتوفير احتياجاتهم فى الرعاية الصحية والتعليم والتوظيف والاندماج الكامل فى المجتمع وتمثيلهم فى البرلمان وحفظ حقوقهم فى الدستور الجديد وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى وجود أكثر من 10 % من المجتمعات بما يفيد بوجود ما يقرب من 9 ملايين شخص يعانون من أشكال الإعاقة ، وتتنوع ما بين إعاقات ذهنية وحسية وحركية ، ، وتجرأت حركة الإعاقة فى مصر خلال السنوات العشر الماضية ، والتى كانت وليدة جهود حفنة قليلة من ذوى الإعاقة الذين بدأوا بالمطالبة بحقوقهم فى الحياة كمواطنين مصريين لهم جميع الحقوق ، ونجحت هذه الحركة خلال السنوات الثلاث الماضية فى إنتزاع بعض المكاسب مثل إنشاء المجلس القومى لذوى الإعاقة ، وفرض مواد تحفظ حقوقهم فى الدستور المصرى وإجبار الدولة على توفير العديد من فرص العمل للأشخاص ذوى الإعاقة فى القطاع الحكومى ، ومن أهم المجالات التى تهم الأشخاص ذوى الإعاقة الرعاية الصحية والتأهيل : (مكاتب التأهيل، مراكز التأهيل الشامل ، مراكز العلاج الطبيعى ، مراكز التعزيز الفكرية ، دور الحضانة للأطفال المعوقين ، مصانع الأطراف الصناعية ) كما تتركز خدمات الرعاية الصحية فى القاهرة والأسكندرية ، وفى المناطق الغنية أكثر من المناطق الفقيرة ، وفى الشمال أكثر من الجنوب ، وبشكل عام توجد صعوبة للوصول إلى هذه الخدمات فى المناطق الريفية على وجه الخصوص ، بالإضافة إلى تدنى جودة الخدمات المتوافرة وارتفاع تكلفتها فى الأماكن غير الحكومية و لا يملك بعض المعوقين العاملين صلاحيات فى العمل وغالباً ما يتقاضون أجوراً مع اعفائهم من القيام بالعمل ، ولا توجد معايير سلامة فى مجال الصناعة . وفى دراسة أجريت على عينة من الأطفال ذوى الإعاقات فى محافظة أسيوط ( كنموذج متوسط لمحافظات الصعيد).. أضحت أن نحو 35% ممن أجريت عليهم الدراسة يشيرون إلى صعوبة توافر خدمات تأهيلية لأطفالهم فضلا عن بعد أقرب مركز للتأهيل عن سكن الأسرة ، كما جاء العامل الإقتصادى كمعوق رئيسى للتوجه إلى تأهيل الأطفال لدى أكثر من 95 % من العينة مما يشير إلى ضرورة العمل على توفير الخدمات التأهيلية للأطفال والتدريبات للأسرة وبتكلفة بسيطة لمساعدتهم على التعامل مع إعاقة أبنائهم . كما تشير التقديرات بناء على إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن عدد سكان محافظات صعيد مصر (الفيوم بنى سويف أسيوطسوهاجقناأسوان ) مصر يصل إلى (17.500.000 نسمة )، وأن عدد مراكز العلاج الطبيعى مركزين فقط بمحافظة أسيوط يستفيد منهما نحو 3767 طفلا، وثلاثة دور حضانة يستفيد منها نحو 81 طفلا معاقا ، وبالرغم من أنه لا توجد إحصاءات وحصر دقيق لعدد الأشخاص المعاقين فى مصر نتيجة أن بعض الأسر تحجم عن الإفصاح بوجود طفل معاق لانعكاس ذلك على الوضع الاجتماعى للأسرة والموروث الثقافى غير المتحضر لدى البعض بالشعور بالخجل من وجود عضو معاق بالأسرة ، إلا أن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن نسبة الأشخاص المعاقين قد تصل إلى ما يزيد على 10 % من إجمالى التعداد السكانى ، وبالتالى إذا كان عدد سكان محافظات صعيد مصر يبلغ 17.500.000 نسمة ، فهذا يعنى وجود ما يقرب من 1.750.000 شخص معاق ، وأن عدد الخدمات المتوافرة بالمحافظات لا يستطيع تغطية أكثر من 5 % من هذه الشريحة العريضة ، حيث تتمثل الخدمات المتاحة فى المستشفيات العامة وبعض الجمعيات الأهلية التى تفتقر إلى الخبرة الفنية وتحتاج إلى كثير من الدعم الفنى والمالي. هذه الأرقام الناتجة من الدراسة التى قامت بها مؤسسة كيان لرعاية الأشخاص ذوى الاعاقة اثارت قلقا كثير عند المهتمين والعاملين فى مجال الاعاقة منهم د. ايمن طنطاوى المدير التنفيذى لمؤسسة لكيان حيث قال : ان هناك صعوبات وتحديات كثيرة تواجه ذوى الإعاقة فى الصعيد مثل.الثقافة العامة والاتجهات السلبية تجاه المعاقين اضافة الى الفقر الشديد الذى يعد تحديا نحو توفير حياة كريمة للأشخاص المعاقين و ندرة المؤسسات والجمعيات المتخصصة فى هذا المجال وقلة عدد المتخصصين المؤهلين للعمل مع هذه الفئة من المجتمع ، بالاضافة الى صعوبة الوصول وندرة الإمكانات المادية ، وعدم وجود استراتيجية واضحة من قبل المجلس القومى لذوى الاعاقة فى مصر وفى الصعيد خاصة.