أكد المفتون ووزراء الأوقاف والشئون الإسلامية بالدول العربية والإسلامية، حرمة دم الإنسان دون تفرقة على أساس الدين أو الجنس أو اللون، وانه لا يجوز الاعتداء على النفس الإنسانية لكرامتها وحرمتها عند الله تعالي، كما انه يحرم الاعتداء على مؤسسات الدولة أو تخريبها أو المساس بقوات الأمن. وأن حفظ الأمن فى البلاد واجب على الجميع وان الاخلال به افساد فى الأرض فقد جاء الإسلام لحفظ الضروريات الخمس الدين والمال والنفس والعرض والعقل وان ذلك لا يتحقق إلا بفرض الأمن فى البلاد الإسلامية. وطالبوا بضرورة قيام الأزهر ورجاله بالتصدى للفكر التكفيرى والفتاوى المشبوهة والباطلة، وعدم السماح لغير المتخصصين بتناول موضوعات دينية فى وسائل الإعلام، وقصر الرد فى الفتاوى على خريجى الأزهر والمشهود لهم بالكفاءة العلمية، وإنشاء شعبة فى الكليات الشرعية للفتاوى بعد الليسانس لمدة عامين. وأكد المشاركون فى أعمال اليوم الثانى للمؤتمر الدولى الثالث والعشرين، الذى نظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، حول: «خطورة الفكر التكفيرى والفتوى بغير علم على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية» وشارك فى أعماله وزراء ومفتون من 41 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، وجاء فى البيان الختامى الذى صدر مساء أمس، أن تكفير الأشخاص ليس لفرد ولا لجماعة ولا لهيئة، وإنما يتم من خلال حكم قضائى يصدر عن المحاكم المختصة بالدولة اذ ان التكفير حكم شرعى لا يأتى إلا من خلال حكم قضائي. كما طالبوا وسائل الإعلام بإفراد مساحة واسعة لأصحاب الفكر الوسطى من العلماء لبيان أرائهم ونشر الفكر الإسلامى المعتدل على أن يقوم العلماء بالرد على الشبهات التى يثيرها أصحاب الفكر المتطرف. وأكد البيان الختامى أن من يتقلد منصب الإفتاء لابد أن يكون ملما بفقه الشريعة الإسلامية وان تكون مرجعية المفتين مبنية على الأصول الشرعية المنصوص عليها فى الكتاب والسنة، وضرورة ان يقوم العلماء بتوضيح الشبهات فى أقوال الغلاة ودعاواهم والرد عليها، ووجوب رعاية مصالح الأمة العظمى ودرء المفاسد الكبرى عنها من الحاكم والمحكومين، وحرمة تعطيل مصالح الناس مع ضرورة توجيه نشرات إرشادية توعوية من المتخصصين لعلاج قضايا التكفير بأسلوب بسيط وميسر, وطالبوا بالعمل على توسيع دائرة الفتوى والمفتين والاهتمام بهم من ناحية النوع والكم بحيث يكونون أهل العلم المطلعين على جميع العلوم الشرعية، وتنشيط دور الأئمة والخطباء والوعاظ وا لواعظات للارتقاء بمستواهم لكى يقوموا بدورهم الدعوى على أكمل وجه. واستنهاض همم الدعاة والعلماء والمفكرين والمربين للإسهام فى حل مشكلة التكفير وتخفيف آثارها والحد من انتشارها بكل الوسائل المتاحة . كما طالبوا بضرورة التعاون والتنسيق بين مؤسسات الإفتاء والمجامع الفقهية والجامعات الإسلامية فى كل الدول الإسلامية من اجل الإجابة على تساؤلات الناس الخاصة فيما يتعلق بشئون دينهم بما فيها قضايا التكفير والقضايا السياسية، وتأكيد أهمية دور أهل الحل والعقد فى المجتمع فى ممارسة دورهم القيادى فى الانفتاح على الناس والتواصل معهم وضبطهم بالمرجعية الدينية والاجتماعية كل فى منطقته. وطالبوا الأزهر بالإسراع بإطلاق القناة الفضائية لتنطلق من فكر الأزهر المعتدل على أن يترك فيها المجال للعلماء المسلمين المعتدلين كما قرر المشاركون فى المؤتمر تشكيل لجنة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية لمتابعة توصيات المؤتمر وتنفيذها على ارض الواقع . وأكد جميع المشاركين خطورة إطلاق التكفير، وضرورة نشر المنهج الاسلامى الوسطى والقضاء على موجات التكفير والتطرف والتشدد التى تشهدها المجتمعات الإسلامية والعربية. وقال الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف ورئيس المؤتمر فى كلمته بالجلسة الختامية، مساء أمس، إن إقامة هذا المؤتمر بهذا الجمع الكبير من الوفود العربية والإسلامية المشاركة تؤكد أن مصر ستظل صلبة قوية، وأن قوى الشر والإرهاب ستندحر لا محالة، وأن مصر بحضارتها الضاربة بسماحتها فى أعماق التاريخ ستظل رمزًا للتسامح ومبعثًا للوسطية التى يحمل لواءها الأزهر الشريف. وكان المؤتمر ناقش على مدى يومين نحو 200 بحث حول مخاطر الفكر التكفيرى والفتوى بغير علم أوصت جميعها بضرورة مواجهة الفكر التكفيري، ووضع ضوابط للحد من فوضى الفتاوى التى أدت إلى اقتتال أبناء البلد الواحد، وانتشار الفساد والإفساد فى الأرض. وتنوعت محاور بحوث المؤتمر حول آليات مواجهة ظاهرة الفكر التكفيرى فى المجتمعات الإسلامية، والعلاقة بين التطرف والإرهاب والتكفير، والأسباب المؤدية لتلك الظاهرة المقيتة، وموقف الدين الإسلامى من ذلك، والتشدد وسبل التقريب، ووسطية الاسلام. وأكد جميع المتحدثين أن الفتوى تحتاج إلى متخصص مؤهل لها، وأنه ينبغى لمن ليس أهلا لها أن يبتعد عن ساحتها، لأنه يعرض نفسه باقتحام مجالها وهو غير مؤهل لها لغضب الله من جهة، وقد تؤدى فتواه إلى مفسدة للفرد أو للمجتمع، لا يمكن تدارك آثارها. وقد جاءت جميع محاور جلسات المؤتمر، لتؤكد رفضها ونبذها كل اشكال وألوان العنف والتشدد، وفى الوقت نفسه تؤسس لاعتماد صوت الحكمة والعقل والسماحة والتيسير والوسطية والاعتدال منهجًا للدعوة والفتوي، بدلا من فوضى الفتاوى التى تضر بمصلحة البلاد والعباد والمصالح الوطنية والعلاقات الدولية، خاصة فى ذلك الوقت الذى تعانى فيه جميع الدول العربية والاسلامية- بلا استثناء من آفة موجات التكفير، واقتحام غير المؤهلين والمتخصصين مجال الفتوى مما كان له الأثر السيئ على الجميع.