"بيت المعمار المصري" مشروع متحفى يعد الأول من نوعه فى تاريخ المتاحف المصرية .. حلم أوشك أن يتحول إلى حقيقة خلال شهر يونيو المقبل، يهدف الى توثيق وتأريخ العمارة المصرية، بداية من العمارة الشعبية التى صاحبت الاستقرار على ضفاف النيل ومرورا بالعمارة الفرعونية والقبطية والإسلامية وحتى الآن. انطلقت فكرة المشروع منذ سنوات، على يد المعمارى عصام صفى الدين، واستجاب لها وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسنى عام 2009، وخصص له مقرا دائما فى أحد البيوت الأثرية - يطلق عليه أهل الحي "بيت الفنانين" - فى منطقة درب اللبانه بالقلعة.. بناه الاخوين عمر وابراهيم الملاطيلى منذ اكثر من 300 عام بتقاليد العمارة المملوكية.. سكن فى هذا البيت عدد من اشهر الفنانين المستشرقين، إضافة للمعمارى حسن فتحى الذى مكث به حتى وفاته، مما جعل البيت يشتهر محليا وعالميا بإسم "بيت حسن فتحي" . يقول المعمارى عصام صفى الدين: "فكرة بيت المعمار حلم راودنى منذ عام 1959 عندما كنت طالبا بكلية الفنون الجميلة قسم عمارة، وكنت أتساءل لماذا لا توجد مناهج تتصل بالبيئة المصرية مباشرة وتراثها المعمارى حيث كانت جميعها وفقاً لمناهج التعليم الاوروبى وبعد تخرجى وبتشجيع من اساتذتى رمسيس ويصا واصف وحسن فتحى قمت بعمل دراسات اجتهادية عن معمار القاهرة التاريخية وخواصه التى يجب أن نستمد منها المعمار المدنى المعاصر وعلى مدار السنوات التالية ظل المخزون يتزايد بالملاحظات والتصوير والرسومات إلى أن طلب وزير الثقافة الفنان فاروق حسنى فى عام 2009 إقامة معرض شخصى لأعمالى بدار الاوبرا" ويستطرد عصام كلماته: " بعدها تقدمت بفكرة مشروع بيت المعمار إلى وزير الثقافة والذى بادر بالموافقة، مع توليتى مسئولية الاشراف على المشروع ويدار من خلال صندوق التنمية الثقافية برئاسة المهندس محمد ابو سعده، وجرى تخصيص بيت الفنانين أو بيت حسن فتحى لهذا المشروع، باعتباره مزاراً سياحياً وأثرياً، ويؤرخ لتاريخ العمارة والمعمار المصرى لما يتميز به من ندرة خواصه المعمارية والحرفية" ويضيف صفى الدين:"يهدف مشروع بيت المعمار إلى توضيح تاريخ العمارة وما يحويه من ثقافة وحضارة، وتواصلها عبر العصور، وتنوعها عبر البيئات الجغرافية، بداية من عمارة مصر الشعبية بعمومها وأنماطها البيئية، مرورا بالعصور التى لها تاريخ معمارى عظيم وحتى عمارة مصر الحديثة المعاصرة، مع توضيح الطابع المعمارى المعبر عن كل عصر تاريخى وبيئة معمارية وهذا يسهم فى التعريف والإدراك لايجابية التراث العمرانى والمعمارى المصرى وهذا ما تفتقده المناهج الدراسية للتعليم المعمارى والفني، كما يسهم فى تحقيق تربية فنية وثقافة معمارية لكل من يتوجه إليه من الباحثين أو طلبة المدارس أو دارسى المعمار من طلبة الكليات والمعاهد المتنوعة و الفنون والإعلام والتربية الفنية، وكذلك التعريف بأهم رواد العمارة فى مصر خلال القرن العشرين وخاصة المعماريان حسن فتحى ورمسيس ويصا واصف والذى يضم البيت متحفا خاص بهما، هذا الى جانب إقامة عدد من الأنشطة الثقافية والموسيقية والمجتمعية سواء للزوار أو لأهل الحى خاصة بعد استكمال الدراسة الخاصة بحديقة المحمودية بالميدان لتكون ملحقاً بأنشطة بيت المعمار بالتعاون مع وزارة الآثار، كما سيقوم المشروع بإقامة المعارض المتنوعة والندوات والمحاضرات وعمل دورات تدريبية فى كافة المجالات"، ويضم المشروع مكتبة بحثية حديثة والكترونية تسهم فى توفير القاعدة المعلوماتية والبحثية المرجعية. ويضيف صفى الدين: كان من المفترض الانتهاء من المشروع منذ فترة ولكنه توقف بعد قيام الثورة المصرية وفقاً للمتغيرات وانفصال وزارة الآثار عن الثقافة وعدم توافر الدعم المالى الكافي، مما حتم على إنجاز المشروع على نفقتى الخاصة وتحمل مبلغ 96 الف جنيه، بالإضافة إلى كثير من الكتب النادرة من مكتبتى الخاصة والتى سأقوم بالتبرع بها لصالح المشروع وكذلك عدد كبير من النماذج المجسمة التى نفذتها منذ بداية دراستى المعمارية ومؤخرا وفر المهندس محمد ابوسعدة جزءا من التمويل اللازم لاستكمال المشروع والذى سيفتتح فى يونيو المقبل ويشمل القاعات الخاصة بملحمة تراث العمارة، بيت الفنانين، مقعد استقبال كبار الزوار، فناء الاستقبال وفناء التربية الفنية والأمسيات الموسيقية، كما سيتم افتتاح جزئى لقاعات عمارة مصر الشعبية، العمارة المسيحية والإسلامية، المعماريون المصريون عبر القرن العشرين، قاعة الأثاث والعمارة الداخلية، ثم متحف رمسيس ويصا واصف وحسن فتحى أما المؤجل نسيبا فهى المكتبة البحثية والتى سوف تحوى أقراصا مدمجة لكل المعروض بالتفصيل بجانب دراسات بحثية فى العمارة التراثية والحديثة والمعاصرة وكذلك المعماريين المصريين.