الله جميل في صفاته, فهو الغفور الودود, وهو الرزاق الكريم, وهو الحليم الشكور.. صفاته سبحانه تنم عن عظمته, وأن كل شيء في قدرته بكلمة كن, وهو يريد بنا خيرا, ويرشدنا إليه ويدلنا عليه, كي يكافئنا بنعيم الجنات والخلود فيها إلي ما لا نهاية.. أفلا نعبده ولا نشرك به شيئا؟! بلي.. نعبده ونذكره ونسبح بحمده.. ونبذل الوسع من أجل الفوز برضاه.. فالفوز برضاه هو أغلي الأهداف وأسماها وأعلاها بالنسبة للمؤمن.. وربنا يشكر لنا سعينا في هذا الاتجاه ويعيننا عليه, ويحببنا فيه كي نزداد منه, وكل هذا يرتد علينا كرما منه وسعة, ونحن كلما ذكرناه ذكرنا فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون( البقرة:152).. ونحن إن أخطأنا وعصيناه ثم استغفرناه غفر لنا وعفا عنا, أفلا نعبده؟ بلي.. وانظروا إلي قوله تعالي يصف نفسه بأنه غفور ودود.. وكلمة ودود لها مدلول نتوقف عنده ولا نمر عليه مرورا سريعا.. والله خلقنا علي أحسن صورة وصوركم فأحسن صوركم( غافر:64) وفضلنا علي كثير من خلقه ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا( الإسراء:70).. وهو سبحانه منحنا العقل والإحساس والإدراك والبيان, فنحن نعبر عن أنفسنا بالكلام خلق الإنسان علمه البيان( الرحمن:3) وأغدق علي بني آدم من فيض كرمه وإحسانه, وأنعم علينا بنعم لا تعد ولا تحصي وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها( إبراهيم:34).. كما من الله علي بني آدم بأن أرسل إليهم رسلا منهم مبشرين ومنذرين, كي يذكروهم بوحدانية الله, وحتي لا يضلوا الطريق.. فتذكر منهم من تذكر, وأعرض منهم من أعرض, وترك لنا سبحانه كتابا محفوظا بعنايته, نقرأه ونهتدي بما فيه, كما ترك لنا سبحانه سنة رسوله وخاتم أنبيائه كي نتبعها, ونطيع الله ورسوله وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون( آل عمران:132).. ووعد سبحانه أنه يقبل من العاصين أوبتهم إن هم تابوا واستغفروا وأصلحوا ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم( النحل:119).. إلا من تولي وكفر ومات علي الكفر, فهذا لا يرحمه الله ولا يغفر له إلا من تولي وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر( الغاشية:24,23), وما دون ذلك من الذنوب فأمره إلي الله إن شاء عذب وإن شاء عفا ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما( الفتح:14), وترون أن الله تعالي غلب المغفرة والرحمة علي العذاب في هذه الآية الكريمة.. أفلا نعبده؟ بلي والله.. نعبده ولا نشرك به شيئا.. نرجو رحمته ونخشي عذابه, نتوسل إليه ونلوذ به ونعتمد عليه, ونستغفره ونسترحمه, ونذكره بالليل والنهار, في غدونا ورواحنا, في حركتنا وفي سكوننا, في يسرنا وفي عسرنا, في صحتنا وفي مرضنا, في سرورنا وفي أحزاننا, فهو مولانا وهو ولينا في الدنيا والآخرة.. اللهم إنا نشهد بأنه لا إله إلا أنت, وأن محمدا عبدك ورسولك, اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار, وصل اللهم وسلم علي محمد خاتم أنبيائك وعلي آله وصحبه ومن تبعه إلي يوم الدين.. آمين..