مع حلول الذكري الأولي للثورة المصرية واقتران الإحتفال بإعلان النتائج النهائية لمجلس الشعب وانعقاد جلسته الاولي وسط سيطرة كاسحة من قبل التيار الإسلامي إنتفضت وسائل الإعلام الالمانية وكأنها أفاقت من غفوتها لتسلط الضوء من جديد بشكل مكثف علي التطورات في مصر بعد فترة إنشغال شبه تام بأزمة الديون الأوروبية وقضايا داخلية أخري. غير أن الاهتمام الالماني هذه المرة لا ينصب علي كيل المديح والثناء علي الثورة المصرية التي كانت ايامها الاولي نموذجا احتذت به شعوب العالم في تظاهراتهم وإحتجاجاتهم السلمية, ولكنه اهتمام مشوب بالقلق ويطرح الكثير من التساؤلات. ويكاد يكون القاسم المشترك في التقارير التليفزيونية والإخبارية التي تتناول الذكري الأولي لثورة يناير هو محاولة فهم اسباب فوز الأحزاب الإسلامية بهذه النتيجة الكاسحة في الانتخابات رغم الاعتراف سلفا بأن فوزالإخوان المسلمين كان امرا متوقعا من قبل المسؤلين والمراقبين في المانيا, وكذلك محاولة إستشراف مستقبل هذه الاحزاب. ويمكن الإشارة إلي تعليقين لصحيفتين من اهم صحف المانيا وهما فرانكفورتر الجماينة ودي تسايت حيث تقول الاولي يبدو أن المصريين لا يثقون في الأيدلوجيات العلمانية ويريدون ان تحتفظ مصر بهويتها وثقافتها الإسلامية.. يضاف إلي ذلك النشاط الاجتماعي الواسع للإسلاميين الذين تواجدوا حيثما فشلت الدولة.. ولكن هناك سببا آخر يتمثل في إحباط المصريين من سياسة المعايير المزدوجة التي اتبعها الغرب..وعلي الإسلاميين في مصر أن يثبتوا الآن انهم لن يحولوا البلاد إلي دولة دينية كما وعدوا وان يسعوا للتغلب علي المشكلات الاقتصادية الضخمة التي لايعرفون في الأغلب حجمها الحقيقي, وربما يصاب المصريون بالإحباط منهم إذا فشلوا وفقدوا سحرهم, أما دي تسايت فتقول أن نتيجة الانتخابات كانت متوقعة ومع ذلك فإن جلسة مجلس الشعب الاولي التي سيطر عليها رجال ذوو ذقون كشفت الحجم الحقيقي لفوز التيار الإسلامي وأثارت إنطباعا مقبضا.. وتخلص الصحيفة إلي أن نتيجة الانتخابات المصرية تعكس ثقة ناخبي الطبقة الوسطي المصرية في الإخوان المسلمين الذين اضطهدهم نظام مبارك عقودا وتقول إن المصريين يريدون تجربة شيء آخر غير الحكم العسكري وتتوقع الصحيفة أنه إذا تمسك الشعب بحقه الديموقراطي فلربما تغير المشهد بعد4 سنوات عندما يتعلم شباب الثورة الدرس وينظمون انفسهم.