لماذا ثارت شعوب المنطقة العربية ؟. أداء النظم العربية لم يكن على مستوى تطلعات الشعوب ، وكان مخيبا لآمالها ، خصوصا فى الملفين الاقتصادى والاجتماعي، فالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية كانت متردية وخاصة فى مصر وعانى هذا التردى غالبية الشعب ,وحدثت فجوة هائلة وسوء عدالة فى توزيع الثروة والدخل القومى على مدى العقود الأخيرة ، فبينما تركزت الثروة فى أيدى قلة من الشعب، انتشر الفقر بين القاعدة الرئيسية من المواطنين وعانوا الجوع والمرض والجهل. وهذا يعد العامل الرئيسى لاندلاع الثورات. إذن أنت ترجعين السبب الرئيسى للثورات إلى العامل الاقتصادى ؟. العامل الاقتصادى وما نتج عنه من ترد فى الأوضاع الاجتماعية كان وراء الاحتجاجات التى سبقت الثورات ، ربما يكون النشطاء السياسيون وبعض القوى بدأوا التحرك مبكرا لأهداف سياسية تتعلق بالديمقراطية، وهذا الحراك المبكر حدث فى مصر لوقف ما كان يسمى «ملف التوريث» لكن هذا التحرك لم يتحول إلى ثورة إلا بعد مشاركة جموع الشعب المصرى لإحساسهم بالظلم وغياب العدالة الاجتماعية . تونس ومصر وسوريا واليمن ، دول عربية شهدت ثورات خلال فترة زمنية قصيرة .. فهل هناك عامل مشترك بين هذه الدول ؟. العامل المشترك يتمثل فى الرفض الشعبى الواسع لأداء النظم الحاكمة, لفسادها وتسخير سياستها لمصلحة فئة دون باقى الشعب ، وتحكم هذه الفئة فى الثروة والسلطة ، وهذا قاسم مشترك فى مصر وتونس وليبيا واليمن. وماذا عن مصر تحديدا ؟. العوامل التى أدت إلى غلبة تيار الإسلام السياسى فى المراحل الأولى للثورة تتمثل فى أن هذا التيار لم يكن قد اختبر بعد ، لأن نظم الحكم فى مصر مرت بتجارب مختلفة تتمثل فى الليبرالية قبل ثورة 1952 ، التى عادت بأشكال مختلفة خلال فترة حكم الرئيس السادات وتبنيه للتعددية الحزبية . وظهرت سلبيات الليبرالية سواء قبل ثورة يوليو أو بعدها . وفى عهد الرئيس عبد الناصر كان نظام الحكم اشتراكيا وتمتع العمال والفلاحون بالعديد من المزايا إلا أن هذا النظام لم يف بتطلعات الشعب للديمقراطية. التيار الوحيد الذى لم يختبر فى السلطة كان تيار الإسلام السياسي، وتيار الإسلام السياسى كان قد ارتكب العديد من الجرائم الإرهابية خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات والستينيات وأيضا الثمانينيات.إلا أنه خلال العقد الأخير من عهد مبارك ساعد نظامه بشكل أو بآخر فى تحسين صورة هذا التيار وإعادة توسيع قاعدته الشعبية عندما انسحبت الدولة من أداء دورها فى الوفاء بالخدمات والمتطلبات الاجتماعية الضرورية مثل الصحة والتعليم فاغتنم الإخوان الفرصةليكتسبوامحبة الجماهير باستغلال المساجد والمراكز الصحية الخيرية وتوفير المعونات الاقتصادية فضلا عن تغلغل اقتصاد الإخوان وأنصارهم فى الاقتصاد المصرى وما صاحبه من فساد ظهر فى نشاط شركات توظيف الأموال وتورط العديد من رموز النظام فى صفقات مشبوهة مع أصحابها ولعبت هذه الشركات دورا مهما فى تمويل مخططات وأنشطة الجماعة ، وصورهم نظام مبارك بأنهم المعارض الحقيقى والوحيد له . فعندما أطيح بنظام الحكم كان من الطبيعى أن يختار الشعب الإخوان كبديل لنظام مبارك. بعض القوى الإقليمية لعبت أدوارا متباينة خلال ثورتى يناير ويونيو ..كيف ؟. كانت هناك استعدادات ضخمة من جانب قوى إقليمية وبدعم من الولاياتالمتحدةالأمريكية وبمشاركة تركياوقطر ، وكانت أجهزة الدولة تعلم بأن هذا المحور يعقد لقاءات مع قيادات تنظيم الإخوان بهدف استغلال الحراك السياسى والثورة الشعبية والقفز على نتائجها . وحدث اقتحام السجون وحرق مقار الشرطة لخلق حالة من الفراغ الأمنى تساعد الإخوان على السيطرة على البلاد ،لكن فى 30 يونيو حدث العكس تماما لان كل هذه القوى وقفت ضد إرادة الشعب المصرى ورغم كل هذا انتصر المصريون وهذا يعد درسا لانه بالرغم من كل هذه القوى الإقليمية اثبت الشعب المصرى انه اقوى من أى تدخل خارجى يقف ضد إرادته بعد كشفه خديعة تيار الإسلام السياسى واستعادة إرادته ودولته وترابه. ولماذا سارع المصريون بالثورة على حكم الإخوان فى 30 يونيو ؟. أعتبر أن ما حدث فى 30 يونيو معجزة حقيقية بكل المقاييس عكست إرادة شعبية جبارة. فلم يحدث فى أى دولة أن وصل تيار الإسلام السياسى إلى الحكم وتركه إلا على أنقاض الدولة، حدث هذا فى أفغانستان والصومال وغزة. وثبت أيضا أن لمصر جيشا وطنيا يحمى دولته . وساعد على ذلك أنه عندما وصل تيار الإسلام السياسى إلى السلطة ظهرت مواقفهم وسلوكياتهم وعنفهم وإرهابهم فانصرف الشعب عنهم وأسقطهم،وعن العوامل الخارجية فقد كانت هناك استعدادات ضخمة قامت بها قوى إقليمية بدعم الولاياتالمتحدة فى مقدمتها بالطبع دولتا قطروتركيا وكان معروفا لأجهزة الدولة أن هذا المحور يعقد لقاءات دورية مع قيادات تنظيم الإخوان لاستثمار الحراك السياسى فى مصر واستغلال الإخوان لهذا الحراك والسطو عليه وسرقة نتائجه وانتهت تحركات هذا المحور بما عاصرناه وشاهدناه باقتحام السجون وحرق أقسام الشرطة لخلق فراغ امنى يساعد الإخوان على القفز على السلطة. وما هى توقعاتك للحلف الأمريكى القطرى التركى ؟ السياسة التركية سوف تختلف فى الفترة القادمة, فكل الفساد الذى قام به اردوغان وفضائحه وحكومته أدى إلى اتساع الاحتجاجات والمطالبة باستقالته .ورحيل اردوغان وحكومته امر حتمى وهو مجرد وقت.وفى حال تولى حزب مثل حزب الشعب الجمهورى أو احد الأحزاب القومية السلطة اعتقد أن السياسة التركية سوف تتغير كثيرا .