مع أقتراب ذكرى عامها الثالث مازالت الثورة السورية تقدم ضحايا يوميا، مازال الصراع يحصد الاف الارواح، إلا أن هناك ضحية جديدة تقع مع كل إشراقة شمس على دمشق، ضحية تجنب الاعلام الحديث عنها ولم يعرض مأساتها، قد يكون السبب أنها «لا تتكلم» «لا تحكى» ولا تصف بشاعة ما يحدث، أنها معالم التراث السورى التى تتعرض لأبشع عملية تخريب متعمد من كل جوانب الصراع فى الداخل السورى، لتعيد للاذهان ما حدث للتراث العراقى من عمليات تخريب ممنهجة ومقصودة بعد الغزو الامريكى للعراق عام 2003. منذ أيام نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية تقريرا حول الاماكن الاثرية والمبانى التاريخية المدرجة على قوائم اليونسكو للتراث العالمى والتى تحولت بعد الثورة السورية إلى أنقاض. أماكن يعود تاريخها الى خمس آلاف سنة، ومن بين هذه الأماكن المسجد الأموى الذى دمرت مئذنته التى يزيد عمرها على ألف عام. والسوق القديم فى حلب، ومسجد خالد بن الوليد فى حمص، أحد أقدم المساجد فى العالم والذى يعتبر مثالاً حقيقياً للعمارة العثمانية، وباب أنطاكية، والمسجد العمرى فى درعا، وشارع مدينة حمص التى كانت تتوسطه منارة قديمة تم قصفها هى الأخرى. ولم تسلم قلعة الحصن التاريخية، التى تعد أهم قلاع العصور الوسطى فى العالم، من القصف بعد أن استهدفتها قوات النظام السورى بعد احتماء بعض مقاتلى المعارضة بداخلها، كما تم تحويل الكنيسة المعروفة باسم القديس سيمون إلى مركز للتدريب. أما المتاحف فقد قام بعض عناصر الجيش الحر بتهشيم متحف للتراث الشعبى فى منطقة دير عطية الواقعة بين حمص ودمشق وسيطر عليه المقاتلون فيما كانوا يبحثون عن المسدسات والبنادق القديمة كى يستخدموها فى الحرب ضد النظام . هذا بالاضافة الى التراث البيزنطى والمسيحى والتماثيل اليونانية والرومانية التى تشهد حملة قوية لتدميرها من قبل تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» التابعين لتنظيم القاعدة والتى ترى فى هذا التراث» نوعا من «عبادة الأصنام» لذلك لزم هدمها، فقد قامت داعش بتفجير فسيفساء بيزنطى يعود للقرن السادس الميلادى قرب مدينة الرقة، كذلك موقع شاش حمدان، وهو مقبرة رومانية قرب مدينة حلب وبازيليك القديس سمعان، وتمثال فى وادى القطارة تم التصويب عليه وتهشيمه إلى قطع. وبعيدا عن التدمير والهدم، تعيش باقى الاماكن الاثرية حالة من السلب والنهب على يد عصابات مسلحة جاءت الى سوريا خصيصا لهذا الهدف، حتى أن البعض تحدث عن مافيا من عدة دول يبحثون فى المدن المعروفة «بمدن الموتى» فى منطقة إدلب، شمال سوريا والتى تعتبر من أكثر المناطق المليئة بالاثار القديمة، هذا بالإضافة الى «القصر الملكي» والبوابة الجنوبية، والحمامات العامة، ومعبد عشتار ومعبد آلهة الربيع. التى سرقت محتوياتها وتم تهريبها وشوهدت بعد ذلك فى لبنان وفرنسا.