إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    وزير العمل: بدء اختبارات «النقاشين» المُرشحين للعمل بالإمارات    في اليوم السادس.. إقبال ضعيف على لجنة تلقي طلبات الترشح لمجلس النواب بسوهاج    أسعار اللحوم اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025    ارتفاع أسعار الذهب محليًا وعيار 21 يلامس 5500 جنيه    الغرف السياحية: قمة شرم الشيخ السلام رسالة قوية للعالم بالريادة المصرية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025    الأسهم الآسيوية تهبط متأثرة بأسوأ أداء لوول ستريت منذ أبريل    «شرم الشيخ».. منصة مصر الدائمة للحوار والسلام    وزير الري: خطة استراتيجية للتوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي    بدء تبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.. الصليب الأحمر يتسلم رهائن وحافلات تقل محررين تتحرك نحو رام الله    مجمع ناصر الطبي في غزة يستقبل الأسرى الفلسطينيين المحررين    الكنيست يوزع قبعات بشعار «ترامب رئيس السلام»    ستارمر: المملكة المتحدة مستعدة لدعم إعمار غزة    وزير الرياضة: دعم متكامل للمنتخب الوطني.. وما تحقق في الكرة المصرية إنجاز يستحق الفخر    موعد مباراة ألمانيا وأيرلندا الشمالية بتصفيات المونديال.. والقنوات الناقلة    الدرندلي بعد فوز المنتخب: "أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي"    الأرصاد تكشف موعد سقوط الأمطار في القاهرة خلال الخريف    وفاة شخص أثناء مشاجرة بين عائلتين بالأقصر    محافظ أسيوط يتابع حادث سقوط تروسيكل يحمل تلاميذا بمصرف في منقباد ويوجه بالرعاية العاجلة للمصابين    بينهم حالات خطيرة.. إصابة 19 شخصاً في انقلاب أتوبيس شركة مصر الألومنيوم بقنا    5 سيارات إطفاء.. الحماية المدنية تسيطر على حريق مصنع قطن بقليوب    بدء أولى جلسات استئناف المتهمين بقتل الطفل «أحمد» ضحية الدرك ويب    "الشكوى 713317" يقترب من العرض الأول بمهرجان القاهرة    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    هل الغسل يغني عن الوضوء؟ أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي بالتفصيل    رئيس الرعاية الصحية يتفقد جاهزية مجمع الفيروز الطبي لتأمين قمة شرم الشيخ للسلام    انتظام اللجان الخاصة بالكشف الطبي لمرشحي انتخابات مجلس النواب بالأقصر    طارق فهمي: قمة شرم الشيخ نقطة تحول تاريخية.. ومصر تستهدف تحصين وقف إطلاق النار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة الأقصر    نادية الجندي تتذكر فاروق الفيشاوي بصورة نادرة وتكشف تفاصيل علاقتهما الفنية    بعد استشهاده أمس.. ننشر نص وصية صالح الجعفراوي    محاكمة 54 متهما ب"خلية الهيكل الإداري للإخوان" اليوم    رئيس جامعة حلوان يهنئ الدكتورة أماني فاخر بمناسبة تعيينها عضوا بمجلس الشيوخ    موعد مباراة منتخب المغرب ضد فرنسا فى نصف نهائى كأس العالم للشباب    السيسي يمنح ترامب قلادة النيل لإسهاماته البارزة في دعم جهود السلام    انخفاض صادرات كوريا الجنوبية 15.2% خلال اول 10 أيام من أكتوبر    «في ناس نواياها مش كويسة وعايزة تهد أي نجاح».. رسائل نارية من إبراهيم حسن بعد التأهل لكأس العالم    سعد خلف يكتب: السلاح الروسى الجديد.. رسالة للردع أم تجديد لدعوة التفاوض؟    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    قرارات جديدة بشأن مد الخدمة للمعلمين المحالين إلى المعاش 2025    انسحاب مؤقت من الضجيج اليومي.. حظ برج الدلو اليوم 13 أكتوبر    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    موعد عرض مسلسل ورود وذنوب الحلقة 2 والقنوات الناقلة وأبطال العمل    حين تشرق مصر فى سماء الأوسكار    موجودة في كل بيت.. أهم الأطعمة لتقوية المناعة خلال تغير الفصول    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 13 أكتوبر    صلاح عبد الله: محمد صلاح يستحق أن تُدرّس قصته في المدارس    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    انطلاق تصوير فيلم «شمشون ودليلة» ل أحمد العوضي ومي عمر    وائل جسار يُشعل ليالي لبنان بحفل طربي قبل لقائه جمهور بغداد    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    إبراهيم حسن: اكتشفنا إن صلاح في حتة تانية.. وسننتحر في المغرب للفوز بكأس الأمم    سعفان الصغير: باب المنتخب مفتوح للجميع    عبد الظاهر السقا: تنظيم أكثر من رائع لاحتفال المنتخب بالتأهل لكأس العالم    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربيع بوتفليقة.. وخريف الجزائر
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 02 - 2014

شهدت الجزائر خلال الشهرين الماضيين نقاشا مستفيضا، وعلى نطاق واسع حول ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من عدمه للانتخابات الرئاسية المزمع اجراؤها فى شهر أبريل المقبل.
وكاد الاستجداء من السياسيين الذين يشكلون ما يمكن ان نطلق عليهم «المستفيدين» من بقاء بوتفليقة فى السلطة أن يتحول إلى نظام حياة، لدرجة أثرت على الرأى العام، وبدل الاهتمام بمستقبل الجزائر السياسى قى ظل التطورات التى تشهدها المنطقة، اختصر الوطن كله فى الرئيس، ولم يعد مصير الجزائر مُهمًّا، إذ أعطيت الأولوية لصحته. لقد حكم الرئيس بوتفليقة بلاده لثلاثة عهود رئاسية لم يتمتع بها لجهة عدد سنواتها أى رئيس جزائرى قبله، ولا أتصور أن مهزلة بقائه فى السلطة ستؤتى لأحد بعده، فقد بقى فى السلطة 15 عاما، اختلف الجزائريون حولها فى كل شئ ما عدا مسألة واحدة، وهى: الشعور العام بالأمن الاجتماعي، وقد قايضنا ذلك مقابل تعميره فى السلطة لدرجة لم يعد فيها قادرا حسب بعض المصادر المطلعة إن صدقت عن ممارسة شؤون حياته الخاصة والشخصية.
وإذا كان من الظلم شيطنة فترة حكمه، فإنه من الإنصاف القول: إنه أخذ الدولة الجزائرية كلها رهينة مواقف غير حاسمة فيما يتعلق بسياسة الجزائر الخارجية، خاصة بدول الجوار، وهو الدبلوماسى المحنك، الذى قاد الخارجية الجزائرية بنجاح لافت فى عهد الزعيم الراحل هوارى بومدين. واليوم، وقد أعلن رئيس الحكومة الجزائرية «عبد المالك سلال» ترشح بوتفليقة إلى الرئاسيات المقبلة، فهو سينجح فيها بكل تأكيد، لأن نسبة كبيرة من الشعب معه، ولأن مؤسسات الدولة كلها فى خدماته، ولأن التخويف من عودة الجزائر إلى سنوات الإرهاب مرهون ببقائه فى السلطة، ولأن المعارضة ضعيفة ولا يتعدى رفضها السعى إلى تبادل المصالح والمنافع، ولأن الأحزاب الكبرى مساندة له، والأكثر من هذا أن جماعات الفساد مؤيدة له فى المطلق.
لاشك أن بوتفليقة ورث تركة ثقيلة نتيجة سنوات الإرهاب التى عاشتها الجزائر لما يقارب العقد، غير أنه وصل إلى الحكم فى انتخابات أشرف عليها الرئيس السابق اليمين زروال، وهو وزير الدفاع الذى احتمت به الدولة الجزائرية فى 1994 لانقاذها من الانزلاق إلى دويلات بعد أن تعددت وتكاثرت الجماعات الإرهابية، ناهيك عن تشكيل جيش تحت اسم الجيش الإسلامى للإنقاذ قوامه 75 ألف مقاتل، واحتمى به الشعب أيضا فى انتخابات رئاسية تعددية فى نهاية العام 1995 فاز فيها بكل جدارة، ومثل زروال بعدها أروع نموذج للديمقراطية حين سن قانون يحد من صلاحيات الرئيس، ويبلغ عن ممتلكاته حال وصوله إلى السلطة، والأكثر من هذا كله تحديد الاستحقاق الرئاسى بفترتين فقط، وبالطبع كل هذا قضى عليه بوتفليقة، وهاهو ينوى أن يستمر فى الحكم لو قُدِّر له أن يعمّر ألف عام.
الإشكال ليس فى ترشح بوتفليقة، ولا حتى فوزه فى الانتخابات المقبلة، وإنما الأمر كله يتعلق بما سيقدمه للجزائريين بعد أن عمّ الفساد، وتحول من عمل مجموعة مصالح إلى ثقافة دولة، ومن أهم مظاهرها طرح التقرير الطبى الذى سيعتمد عليه ليتمكن من الترشح، طبقا لشروط قانون الانتخابات، مع أن كل مايأتينا من فرنسا مشكوك فيه حتى لوكان صدقا يرقى إلى درجة اليقين.
إنَّ ترشح بوتفليقة للرئاسيات المقبلة، وهو الفائز لا محالة، يمثل انتكاسة للديمقراطية فى الجزائر، ويكرس ثقاقة الفساد، ويفتح المجال أمام مصير قد يعيدنا إلى سنوات الدم، وما الحرب الإعلامية التى شنها عمار سعيدانى الأمين العام لجبهة التحرير الوطنى ضد رموز المؤسستين الأمنية والعسكرية، خاصة على الجنرال توفيق، على خلفية التحضير للانتخابات إلا بداية لصراع مقبل فى الجزائر.
أعرف أن كثيراً من الذين يؤيدونه اليوم أو يشدون إليه الرحال من الداخل والخارج، سيتبرؤون منه يوما ما، وهذا هو الفرق بيننا وبينهم، فكثير مثلى لا يريدنه أن يترشح، لحبهم للجزائر أولا، وحبهم له ثانيا، فبالنسبة للبلاد، فإننا بحاجة إلى دماء جديدة، تواكب العصر، وبالتأكيد هى ليست فى المرشحين الآخرين للرئاسيات، أولئك الذين ساهموا بشكل مباشر، أو غير مباشر فيما آلت إليه الجزائر.
أما بالنسبة للرئيس بوتفليقة فإن تاريخه الجهادى والدبلوماسى والرئاسي، يتطلب منا الحفاظ عليه، ومنع استغلال الآخرين له كما هم يفعلون اليوم، وهنا على بوتفليقة أن يتَّعظ من تجارب الرؤساء العرب الآخرين الذين أبعدوا من السلطة فى تونس ومصر واليمن.. فقد وصلوا مثله إلى سدة الحكم عبر الانتخابات، ثم إنه فى تجارب رؤساء جزائريين ممن سابقوه عبرة، سواء الذين شارك فى إبعاده عن الحكم، مثل الزعيم الراحل أحمد بن بله، أوالذى أورثه الجيش مكانته بعد وفاة بومدين مكانته،وهو الرئيس الشاذلى بن جديد، أو الذى احتمى به الجيش والدولة، وهو أعلى منه مكانة فى النضال الوطني، وقد اغتيل فى وضح النهار وأمام الأشهاد دون أن تتمكن الأجهزة الأمنية من حمايته، وأقصد به القائد الراحل محمد بوضياف، كما له فى تجربة القائد العسكرى المميز، والرئيس الديمقراطى اليامين زروال، الذى ترك السلطة حين اكتشف عدم مصداقية قوى الداخل والخارج أنموذج للقيادة النزيهة.
إذا كنا نعترف بأن عبد العزيز بوتفليقة قد أعطى للجزائر الكثير، وكافح وجاهد وعمل من أجل أن تكون مستقرة، فإن الجزائر الدولة ، أعطته إلى غاية الآن 28 سنة فى الحكم 13 سنة وزيرا للخارجية و15 رئيسا وهى فترة تجاوزت نصف عمرها منذ الاستقلال فى يوليو 1965، وهى بلا شك تحزن لمرضه، لكن لها هى أمراضها الخاصة. وتحتاج إلى ترياق سياسى واقتصادى وثقافى واجتماعي،أصبح اليوم، رغم خبرته المتراكمة، عاجزا عن تقديمه، لذلك عليه أن يتركها لمن يمكن أن يتحايل على الوضع العربى الحالى لعلاجها، كما عليه أن يتخلّص من أنه فى ربيع العمر، والجزائر فى خريفه.
بمعنى أكثر وضوحا لصالحه، ولصالحنا نحن المحبين له بصدق، ولصالح الجزائر أن يشرف على عملية ديمقراطية فى الجزائر، تحمينا من عثرات الطريق، فالخوف عنه ومنه وله فى المستقبل المنظور هو ما يؤرقنا جميعا..
لمزيد من مقالات خالد عمر بن ققه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.