حلم قديم يوشك أن يتحقق، باعتماد الجمالية متحفا مفتوحا، ضمن برنامج القاهرة الأثرية الذى يشمل 210 مبان أثرية تتوزع ما بين أسبلة ووكالات ومساجد وأسوار، ليشمل المشروع 36 أثرا من باب الفتوح وحتي ميدان الحسين، باعتمادات بلغت نحو 56 مليون جنيه. ضمن المشروع الممتد عبر الغورية إلي طريق القلعة ليكون بانوراما كاملة للسائح في حركته من خلال «الطفطف» الذي يخترق الأماكن الأثرية في رحلة تصل إلي 5 كيلو مترات من المتعة. السيد محمد عبد العزيز مدير مشروع تطوير القاهرة التاريخية أكد أن الوزارة بالتعاون مع وزارة الداخلية ومحافظة القاهرة بدأت بالفعل في تنفيذ المشروع بتمهيد وغلق شارع الجمالية أمام السيارات تمهيدا لتحويله إلي متحف مفتوح للمشاة علي غرار الشارع الموازي له وهو شارع المعز لدين الله الفاطمي، وتوجيه الاعتمادات للبنية الأساسية من حفر وتوصيل مواسير المياه والكهرباء وغيرها، إضافة للرصيف، وأعمال الواجهات والأرضيات امتدادا من مسجد الغوري المتقاطع مع شارع الأزهر حتي باب زويلة، إضافة لإصلاح وتشغيل البوابات الإلكترونية بشارع المعز والتي جري إهمالها في مرحلة الثورة، لتكمل برنامج المتحف المفتوح بالجمالية وامتدادها، واستكمال مشروع رفع كفاءة شارع المعز.. بما يتناسب مع قيمته الأثرية ويضيف المهندس محمد حسان أحد مشرفي نشاطات شارع المعز أن الشارع في حد ذاته يعتبر أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية علي مختلف عصورها منذ الفاطمي والأيوبي ثم العثماني حتي محمد علي، وهو أول شارع مخصص للمشاة وحدهم إلا أن نحو 40% من نسقه وترتيبها الثخري تأثر بسبب الثورة، ومرحلة الانفلات الأمني، فهناك مميزات كثيرة أضيفت للشارع مثل توحيد الشكل الإسلامي لكل الأبنية والمساكن بما لا يخل بقيمة الشارع الذي يحوي 33 أثرا تاريخيا مزودة بأدوات الصوت والضوء ففيه مجموعة السلطان قلاوون بالنحاسين ومجموعة السلطان الغوري في الامتداد وقصر الأمير بشتال وباب النصر وباب الفتوح وسور القاهرة والمدرسة الكاملية وجامع ابن طولون وامتداده حتي قصر الأمير طاز، وأن هناك تطورا بالمباني المحيطة بالشارع والحارات الفرعية لتكون وحدة فنية إسلامية واحدة متكاملة ضمن مشروع القاهرة الأثرية والتي تضم 210 آثار رائجة مثل مسجد الظاهر برقوق ومدرسة الناصر قلاوون وقاعة محب الدين أبو الطيب وحمام السلطان إينال، إضافة لمتحف النسيج الإسلامي وسبيل محمد علي وجامع وسبيل الكتاب سليمان أغا السلحدار والمدرسة الأشرفية، وجامع القاضي يحيي زين الدين. موطن الأمراء وقال أستاذ التاريخ الإسلامي: إن منطقة الجمالية وامتدادها تتميز وتتفرد بقيم أثرية متنوعة وعالية من حيث الفنون والإبداعات الأثرية والقيمة التاريخية، حيث كانت مدينة متكاملة محاطة بالأسوار وأبوابها تغلق وتفتح من باب النصر والفتوح وزويلة غربا للأمراء فقط إلا أنه بعد إسقاط الدولة الفاطمية علي يد صلاح الدين الأيوبي، فتح عماراتها ومساكنها لعامة الشعب في مواجهة النشاط الشيعي الفاطمي، بينما كان العامة يصلون في العصر الفاطمي في جامعي عمرو بن العاص وأحمد ابن طولون بالقاهرة القديمة، محذرا من خطورة سيطرة طائفة البهرة علي بعض المساكن والمساجد مثل جامع الحاكم بأمر الله الذي تكفل به البهرة والذين يحاولون إضفاء صفة خاصة بهم علي المسجد والذي كانت توجد به اضافات لترميمات أيوبية ومملوكية بحرية ومن أسرة محمد علي فأزال البهرة الإضافات كذلك في ترميم مساجد الأنور والأقمر والجيوشي، وبعضهم من باكستان والهند وهذا من المفترض ألا نسمح به لأنه تدخل في شئون أثرية مصرية، فالبهرة يشترون مباني خاصة بهم بأي سعر مضاعف بشارع المعز والجمالية. الإهمال والتدمير وأشار أستاذ التاريخ الإسلامي إلي أن منطقة الجمالية عانت لمدة طويلة من الإهمال والتدمير الشديد ومنها مبني كسوة الكعبة أو المحمل ومبني المسافر خانة الذي ولد فيه الخديو إسماعيل وأقام فيه بعض الفنانين ونتيجة الإهمال شب به حريق قضي عليه بالكامل منذ نحو 20 عاما، وكذلك وكالة وقف الحرمين التي كانت توفر الجلابيب للحجاج والمقيمين بمكة والمدينة حتي أن نفس نمط الجلباب مازال محافظا عليه هناك حتي الآن، وهذا يتطلب منا رعاية خاصة للآثار لأنها كنز ومورد رزق أيضا، ويتطلب ذلك عدم استخدام مواد ضارة بالأثر علي المدي البعيد، بعد أن حدث خطأ بإزالة القبة الخشبية لمسجد الحسين واستبدالها بأخري معدنية قادمة من ألمانيا، وأن تتابع الأثر بعد الترميم بغرض الصيانة، وهذا يتطلب أيضا خبراء في الترميم، ومصر لديها متميزون في هذا المجال دون الحاجة إلي الاستعانة بخبرات أجنبية قد لا تحرص علي قيمتها التاريخية أو الوطنية. كما يجب أن يتركز كل شيء بالمنطقة علي استخدامات العصور السابقة من المشروبات والأغذية بحيث يحس الزائر أنه وخلال عصور التاريخ الإسلامي وفي حوار مع مسئول كبير بقطاع آثار القاهرة أكد أن عملية الترميم والتجهيز مستمرة اعتبارا من أول فبراير الحالي لكل الآثار بالجمالية والشوارع والحارات المتفرعة بدءا من خفض منسوب الشارع ليتناسب مستواه الأصلي في العصور الإسلامية، وإمداد توصيلات المياه والكهرباء وإعداد فرق أثرية معاونة في الترميم لنحو 36 أثرا وكذلك المنازل القديمة التي تطل علي الشارع الرئيسي، وإلزام أصحابها باختيار أحد النماذج في العمارة الإسلامية بما فيها الفتحات والشبابيك وذلك باختيار نموذج من 19 نموذجا أعده الخبراء وتم بالفعل الانتهاء من كثير منها حسب الخطة التي يفترض أن تستمر نحو 6 أشهر في حال توفر الاعتمادات. فتح البوابات كما أن الخطة تشمل فتح البوابات وعلاج الصدأ والخلل فيها ومتابعة الشركة المنفذة لتشغيل بوابات التحكم الآلي علي مداخل الشوارع المؤدية للآثار المتنوعة، ومنع الباعة الجائلين وإلزام أصحاب المحال بدرجة معينة في مستوي الإضاءة والديكور وذلك كله بتمويل وزارة الآثار، لذلك فإن الوزارة خصصت للمنطقة نحو مائة مفتش آثار لمتابعة كل حركة تتم في الترميم أو الصيانة خاصة بعد مرحلة الانفلات الأمني وإلزام الورش والمحال التجارية بالتواؤم مع طبيعة المنطقة الأثرية وتفضيل عرض العاديات والنماذج الأثرية التي تجتذب السياح وتربطهم بالمنطقة حتي بعد سفرهم. وأضاف أن المشكلة التي تواجه رجال الآثار في هذه المنطقة (الجمالية) هي أن 90% من هذه الآثار ملك لوزارة الأوقاف، لذلك فإن أي مخالفات أثرية تحتاج إلي أن نتوجه إليهم، وقد لا يهتمون بالمساجد المختلفة التي تقام بها الصلاة حتي الآن وحتي المباني الأخري والتي بها محال تجارية في مبني الأثر تؤجر من الآثار ولكننا نحرص علي ألا تكون المهن بها من النوع المدمر للمبني الأثري أو الشوارع المحيطة به، فإذا حدث ذلك تبلغ الشرطة لإزالة النشاط وإخلاء المكان وفسخ العقد، أما النشاط السياحي فإن الهيئة وفرت تذكرة بجنيه واحد للمصريين لزيارة كل آثار المنطقة ومائة جنيه للأجانب، وأن هذا الارتباك كله يحتاج تدخلا من السلطة السياسية لضم الآثار لتكون ملكا لوزارة الآثار . السلوكيات وقال: إن المشكلة الأخري التي تواجه الآثار هي سلوكيات بعض المواطنين الذين لا يعرفون قيمة الأثر والمبالغ التي تنفق عليه، لذلك فإن هناك خطة لنشر الوعي الأثري بالمنطقة من خلال ندوات بالمدارس لتوعية الطلاب بأهمية الأثر بالاشتراك مع هيئة »اليونسكو« التي تمول مشروعات أثرية للحفاظ علي التراث من الصناعات البيئية والأثرية، وأتاحت الفرصة لكثير من الشباب من خلال وكالة خاصة بشارع الجمالية لصناعة العاديات والمنحوتات والأطباق المقلدة للأثرية والتي تلقي رواجا كبيرا بالمنطقة.