يبدو أن ألمانيا سوف تكتب فصولا عدة من تاريخها بأقلام أنثوية استطاعت أن تقودها للأمام واسهمت فى تحضرها وازدهارها.. فبعد أن استطاعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إحداث سابقة فى التاريخ الألمانى بكونها أول امرأة تتسلم منصبها الحالى فى البلاد, هاهى تقدم نجمة ساطعة فى عالم السياسة عملت فى عدة مجالات حتى أصبحت وزيرة العمل «سابقا» و«وزيرة الدفاع حاليا» وربما تكون خليفة ميركل مستقبلا.. إنها «اورسولا فون دير لاين». «ربما تكون خليفة انجيلا ميركل.. إنها الحلقة الثانية فى سلسلة النساء اللواتى قد يقدن ألمانيا».. هكذا وصفت إحدى الصحف الألمانية وزيرة الدفاع اورسولا فون دير لاين والتى لم يمر سوى أسابيع قليلة على تعيينها فى المنصب حتى أصبحت حديث وسائل الإعلام بعد أن تمسكت بمقترح لتوفير المزيد من الظروف الداعمة للأسر فى الجيش الألمانى، حيث ذكرت أنه لم يعد هناك تجنيد إجبارى وليس هناك أحد مجبر على دخول الجيش، بل إن الجميع متطوعون. لذا فإن التحسين من ظروف العاملين بالجيش وأسرهم سيكون عامل جذب مهما. ولكن بالرغم من أن اقتراحها قوبل بانتقادات من حزب «اليسار» الذى يرى أنه لا توجد حروب ذات دوام إلا أنها أصرت على تنفيذ مقترحها. وربما يكون عملها الجاد واهتمامها بتوفير ما تحتاجه الطبقات العاملة هو سر نجاحها وشعبيتها التى تؤهلها للتدرج من منصب لآخر أفضل. ويرى فيها الكثيرون أنها خليفة ميركل لتشابه مشوارهما السياسي, فميركل التى نالت العديد من الألقاب السياسية خلال سنوات حكمها، بداية من كونها أول مستشارة ألمانية، وأول بروتستانتية من الحزب الديمقراطى المسيحى تقود هذا الحزب، فضلا عن أنها فى البداية أصبحت وزيرة لشئون المرأة والشباب ثم أصبحت وزيرة البيئة قبل أن تتولى قيادة المانيا ل 3 دورات متتالية. أما اورسولا فون دير لاين فمشوارها السياسى حتى الآن ليس أقل شأنًا من ذلك، فهى أول وزيرة للعمل فى تاريخ ألمانيا، وأول وزيرة دفاع أيضاً وواحدة من النساء القلائل اللواتى تسلمن وزارات الدفاع فى بلدانهن، بل وربما تتفوق على ميركل بكونها سيدة منزل ناجحة وأما ل 7 أطفال، كما أنها تنحدر من عائلة سياسية مثقفة لها تاريخ طويل فى الحزب الديمقراطى المسيحي. وبالرغم من اعتراف اورسولا فون دير لاين بأنها لم تخدم يوماً فى الجيش ولا تمتلك الخبرة الكافية فى هذا المجال فإن ثقة ميركل الكاملة فيها وبجدارتها فى هذا المنصب إلى جانب رضاء الأحزاب المعارضة الممثلة فى حزب الخضر وحزب اليسار سوف يجعلها تعمل ليلا ونهارا. ولا شك أن تمسك ميركل باورسولا فون دير لاين يرجع لإيمانها بقدراتها خاصة أن التحالف الكبير مع الحزب الديمقراطى الاشتراكي، فرض على ميركل تشكيل ثلثى الحكومة من الوجوه الجديدة ومع ذلك احتفظت بباورسولا. أورسولا فون دير لاين التى تبلغ من العمر 55 عاما بينما وجهها النضر وجسدها الرياضى النحيل يجعلانها تبدو أصغر بما يقرب من 20 عاما ولدت ببروكسل، وتنتمى لحزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى المحافظ، تربت فى بيئة سياسية مرموقة فوالدها السياسى البارز، إيرنست ألبرخت، مسئول حزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى السابق. و كانت أولى محطاتها السياسية هى انضمامها للحزب المسيحى عام 1990، وأصبحت ناشطة فى المجال السياسى بعدها بتسع سنوات كعضوة فى البرلمان عن ولاية ساكسونيا عام 2003، ثم تولت وزارة الأسرة لحكومة ميركل منذ عام 2005 حتى 2009، وقبل ترشح ميركل للمرة الثالثة تولت أورسولا حقيبة الشئون الاجتماعية بوزارتها حتى عام 2013، لتكون بعدها وزيرة الدفاع لمدة 4 سنوات قادمة. درست أورسولا الاقتصاد بلندن، لكنها كانت أكثر شغفا بالطب، فتركت الاقتصاد واتجهت لجامعة هانوفر لدراسة الطب وتخصصت فى قسم أمراض النساء والولادة، وتخرجت منها بعد سبع سنوات عام 1987، وتزوجت من أستاذ الطب هيكو فون دير لاين والمدير التنفيذى لأحدى الشركات العاملة بمجال تطوير الأعمال الهندسية الطبية، وبدأت أورسولا حياتها العملية طبيبة مساعدة بعيادة النساء والولادة التابعة لجامعة هانوفر، ثم حضرت للدكتوراه وأتمت دراستها العليا فحصلت عليها عام 1991، بعدها قررت التفرغ لزوجها، فتفرغت للمنزل وأطفالها ال 7 طوال عامين حتى أصبح زوجها ضمن فريق أساتذة جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا، وبعدها قررت أورسولا أن تهتم بمشوارها السياسى، الذى مشيت عليه عدة خطوات ناجحة. ولكن يبدو أن طموحها السياسى لم يتوقف بعد بل إنها تضع عينيها على كرسى "ميركل" خاصة بعد موقفها المفاجئ الذى اتخذته من قبل حينما عرض عليها أن تكون خليفة الرئيس الألمانى كريستيان فولف الذى أطاحت فضيحة استغلال النفوذ به بل جاء ردها بالرفض معللة بأنها مازالت فى الخمسينات من عمرها والمستقبل السياسى مازال أمامها.. فهل ستكون حقا خليفة "ميركل" وإذا حدث هل ستحقق النجاح الذى حققته سالفتها؟