بعد ثلاثة أيام من الاشتباكات الدامية والمظاهرات العنيفة ضد الفقر والفساد السياسي، عاد الهدوء إلى البوسنة أمس عقب تحول عدة مدن إلى مسرح للسلب والنهب وأعمال الشغب وإحراق المبانى الحكومية، مما أسفر عن سقوط أكثر من 200 مصاب، فى أسوأ اضطرابات تشهدها الجمهورية اليوجوسلافية السابقة منذ الحرب الأهلية فى عام 1992. واحتج المتظاهرون على تردى الأوضاع الاقتصادية خاصة البطالة التى وصلت إلى أكثر من 40٪، في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من خمس السكان تحت خط الفقر، وقد حاولوا التعبير عن السخط على ما يعتبرونه فشلا من جانب السياسيين فى تحسين أحوال بلدهم، بينما استخدمت الشرطة الرصاص المطاطى وقنابل الغاز المسيل للدموع للقضاء على الاضطرابات التي انطلقت من العاصمة سراييفو ومدينة توزلا الشمالية ومدينة موستار الجنوبية. وانتشرت رائحة الدخان فى العاصمة سراييفو على مقربة من المبانى التى تضم المقر الرئاسى والإدارة المحلية للعاصمة بعد أن تعرضت للحرق أمس الأول. وذكر مسئول بوسنى أن مبنى الإدارة المحلية احترق تماما من الداخل، وأن رجال شرطة الإطفاء حاولوا جاهدين إخماد الحريق دون جدوى، ثم تحولت المظاهرات ضد الفقر في يومها الثالث إلى أعمال شغب فى مدن توزلا وموستار وزينيتشا وبيهاتش، وانضم مشاغبون إلى آلاف من المتظاهرين، وعمدوا إلى نهب وإحراق مبانى الإدارة الرسمية فى كل هذه المدن. وفى غضون ذلك ، ذكرت إحدى شاهدات العيان إنه «من المحزن جدا رؤية هذه المدن تحترق بعد أقل من عشرين عاما على تجاوز جحيم آخر». في إشارة إلى سنوات الحرب، وأضافت أن «الناس يحق لهم التحرك، وقول ما يفكرون فيه، ولكن ليس تدمير المدن، وأن الطريق الوحيد للتغيير هو محاكمة وسجن من نهبوا هذا البلد طوال عشرين عاما». ومن جانبه، قال المير ارنوت وهو اقتصادى عاطل عن العمل وناشط من توزلا «أعتقد أنه ربيع بوسنى حقيقى، ليس هناك ما نخسره، سيكون هناك المزيد والمزيد منا فى الشوارع، هناك نحو 550 ألف عاطل فى البوسنة». وذكرت وسائل إعلام محلية أن مبنى حكوميا فى بلدة زينيتشا بوسط البوسنة أحرق أيضا. وهتف المحتجون الذين لبى كثيرون منهم دعوات للتظاهر على موقع فيسبوك بكلمات مثل «لصوص» و«ثورة».