لى زميل بالعمل يقوم بالتوسط بين البائع والمشترى ويأخذ عن ذلك مقابل مادى متفق عليه وهو ما يعرف بالسمسرة فهل عمله حلال أم حرام؟ يجيب الدكتور سعيد عامر أمين عام اللجنة العليا للدعوة الإسلامية وأمين عام الفتوى بالأزهر الشريف، قائلاً: إن التوسط بين البائع والمشترى لتسهيل شئ ضرورى للناس، فكثيرا ما يحتاجون إليه، فكم من أناس لا يعرفون طرق المساومة فى البيع والشراء، ولا يعرفون طرق الوصول إلى شراء أو بيع ما يريدون شراءه أو بيعه، وكم من أناس لا تسمح مراكزهم وأوقاتهم بالنزول إلى الأسواق، والاتصال بالبائعين والمشترين، ولا يجدون من يقوم لهم بالبيع والشراء حسبة لوجه الله، ولذلك كانت السمرة عملاً شرعياً نافعاً للبائع والمشترى والسمسار، وليس فيه ما يوجب التحريم ويشترط فى السمسار ثلاثة شروط لابد من توافرها: الأول: الخبرة فى المجال، فالسمسار يجب أن يكون خبيراً فيما يتوسط فيه بين البائع والمشتري، ولا يكون من أولئك الأدعياء الذين يدعون المعرفة بكل شئ وهم لا خبرة ولا دراية لهم، فيضرون البائع حيناً ويضرون المشترى حيناً آخر وذلك بسبب جهلهم بالمجال الذى يعمل فيه، والشرط الثاني: الصدق والأمانة: ويجب أن يكون السمسار صادقاً أميناً لا يغش البائع ولا يغش المشتري، فأحكام البيع والشراء وغيرها من المعاملات تقوم على الصدق والأمانة، روى الترمذى من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال : «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء» فمن تحلى بهما فقد فاز بالربح الوفير فى الدنيا مع البركة فيه والنفع به، فضلاً عن حب الناس له وإقبالهم عليه، واحترامهم لشخصه، بخلاف الذى يغش ويدلس ويكذب، ويحلف بالله لترويج السلعة، وهؤلاء قال فيهم صلى الله عليه وسلم، «...يحلفون فيأثمون ويحدّثون فيكذبون» والشرط الثالث: ألا يتوسط فى شئ لا يحل بيعه ولا تملكه ولا الانتفاع به.
احتكار السلع وتخزينها نشاهد بعض التجار وهم يخزنون بعض السلع الضرورية للناس، بل الحاجة إليها ماسة، ثم يقوم هؤلاء التجار ببيع السلع بأسعار مبالغ فيها، وهم يعلمون حاجة الناس إليها، فما حكم هؤلاء التجار؟ يجب أيضا الدكتور سعيد عامر قائلا: إن الاحتكار هو حبس السلعة مع حاجة الناس إليها ليرتفع بذلك سعرها، وهذا عمل يدل على الجشع والطمع، وقسوة القلب، والتعاون على الإثم والعدوان، والعقل السليم ورابطة الأخوة الإنسانية لا ترضى بهذا العمل، والأديان كلها تحرمه، والشريعة الإسلامية تحرمه وتجعله من الكبائر التى حذر الإسلام منها، وتوعد فاعلها بالعذاب الشديد فى الدنيا والآخرة، وروى الإمام أحمد والحاكم واليزار (من احتكر طعاماً أربعين فقد برئ من الله وبرئ الله منه)، (من احتكر فهو خاطئ) وروى ابن ماجه: (الجالب مرزوق والمحتكر ملعون) وفى رواية (من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس) وفى رواية (... كان حقاً على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة). وعلى الحاكم أن يُكره هؤلاء المحتكرين على بيع ما عندهم، وكذلك له أن يُسعر ما يحتاج إليه الناس، إذن التسعيرة واجبة، إذا ما كان فى هذا التسعير مصلحة، وذلك إذا امتنع أرباب السلع عن بيعها مع حاجة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة كما هو حال كثير من التجار الآن، أما من احتكر ما ليس قوتاً للناس ولا ما تدعو الحاجة إليه فى أكثر الأحوال، ولا يترتب على ذلك غلو فاحش فى الأسعار أو ضرر لبعض التجار، فهذا جائز لا شئ فيه، كما من يشترى آلات... الخ ويتربص بها الأسواق ويترقب ارتفاع سعرها بحكم الظروف الاقتصادية الطبيعية، فهذا جائز لا شئ فيه، لأنه لا توجد مجاعة ولا حاجة ملحة لهذه السلعة، لأن الحرمة إنما تكون حيث وُجد الغور ووقع الضرر.