تصاعدت أمس حدة الجدل حول الأزمة النووية الإيرانية, ففي الوقت الذي رفضت فيه روسيا أي عقوبات جديدة تخنق الاقتصاد الإيراني واصلت اسرائيل حشد وترهيب القوي الكبري من خطورة برنامج طهران النووي. فقد أكد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أن بلاده لازالت بعيدة للغاية عن اتخاذ قرار باستخدام القوة العسكرية ضد إيران. وأشار إلي أنه لم يتم تحديد موعد لاتخاذ قرار بهذا الصدد, مؤكدا أنه لا يرغب في التكهن بما سيحدث في المستقبل. وعلي الرغم من النفي الرسمي الإسرائيلي, إلا أن التقارير الصحفية الإسرائيلية لم تلتزم بالنهج نفسه وواصلت حملة الترهيب والتخويف من الخطر الإيراني المحدق. فقد نقلت صحيفة هاآرتس عن أحد قادة الجيش الإسرائيلي تحذيره من أن امتلاك طهران لإمكانات نووية من شأنه الحد من قدرة إسرائيل علي حماية حدودها, وألمح إلي امكانية قيام طهران بافشاء الأسرار النووية مما قد يوجد غابة نووية عالمية واطلاق سباق تسلح في الشرق الأوسط. وهو ما سيحول دون لجوء الحكومة الإسرائيلية للعمل العسكري ضد حلفاء إيران في لبنان وقطاع غزة. يأتي ذلك في الوقت الذي نقلت فيه الصحيفة الإسرائيلية عن صحيفة زمان التركية تقريرا يتهم الحرس الثوري الإيراني بالتخطيط لضرب أهداف أمريكية في تركيا. وأشار التقرير إلي أن المخابرات التركية حذرت من أن خلية بالحرس الثوري تعتزم مهاجمة السفارة والقنصليات الأمريكية في مختلف أنحاء البلاد. وأن قوات الأمن في81 مقاطعة تركية علي أهبة الاستعداد لمواجهة الاعتداءات المحتملة. وفي الوقت ذاته, أكدت المخابرات الاسرائيلية أن النظام الإيراني لم يتخذ بعد قرارا استراتيجيا للشروع في إنتاج سلاح نووي لأغراض عسكرية, مشيرة الي ان إيران تمر بأزمة متفاقمة من الناحية السياسية والاقتصادية, بفعل الضغوط السياسية الخارجية والعقوبات الشديدة المفروضة عليها, والتهديد بضرب منشآتها النووية, إلي جانب العديد من المشاكل الداخلية والتي يتصدرها التخوف من نتائج الانتخابات البرلمانية في شهر مارس القادم. وأوضحت صحيفة هآرتس أن هذه التقديرات سيعرضها الجانب الإسرائيلي علي الجنرال مارتن ديمبسي رئيس أركان الجيوش الأمريكية, الذي من المفترض أن يصل نهاية الأسبوع الجاري في زيارة إلي إسرائيل تعتبر الأولي منذ توليه للمنصب ليلتقي كبار النظام الأمني وفي مقدمتهم وزير الجيش ورئيس الأركان الإسرائيليين. واضافت ان النظام الأمني الاسرائيلي سيعرض تقديراته حول استمرار تطوير إيران لقدراتها النووية وأنها لم تصل حتي الآن إلي مرحلة إنتاج السلاح النووي وتركيبه علي رأس صاروخ حربي. وفي الرياض, دعا الأمير تركي الفيصل مدير المخابرات السعودية السابق ورئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في كلمته اليوم أمام مؤتمر تحديات الأمن الإقليمي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية القيادة الإيرانية إلي الكف عن تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون, ومحاولة بث الفرقة, وإثارة الفتنة الطائفية بين مواطنيها. وحذر من أن تملك السلاح النووي ليس ضمانة لتحقيق هذا الأمن والاستقرار بل هو مدعاة للدخول في سباق تسلح وتدخل القوي الاجنبية. وفي تأكيد للموقف الروسي الرافض لأي عقوبات جديدة علي إيران, حذر وزير الخارجية سيرجي لافروف من أن العقوبات الغربية علي ايران تهدف الي إثارة سخط شعبي من خلال خنق الاقتصاد, مؤكدا رفض بلاده تشديد عقوبات مجلس الأمن الدولي علي ايران بشأن برنامجها النووي قائلا إن عقوبات المنظمة الدولية استنفدت إمكاناتها.كما حذر من أن ضرب إيران يعد كارثة ستؤدي لانقسامات عنيفة بين الشيعة والسنة. ودافع لافروف بشدة عن الجانب الإيراني مؤكدا أن لديه من الأدلة ما يؤكد استعداد طهران للتعاون مع المفتشين الدوليين والتفاوض بشكل جدي مع القوي الغربية. وحذر من أن العقوبات الدولية لن تساعد علي تهيئة الأجواء المناسبة للحوار والتفاوض بين الجانبين الإيراني والغربي. وتزامنت هذه التطورات مع قرار إيراني بتشديد الحراسة علي العلماء في محاولة للتصدي لموجة الاغتيالات التي استهدفت عدد من علمائها النووين خلال الأشهر الماضية. وفي لندن, دفعت الحكومة البريطانية بقوة في اتجاه فرض عقوبات بترولية أوروبية علي إيران لإجبارها علي وقف برنامجها النووي. وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن طهران لم تترك أمام لندن سبيلا سوي لتصعيد الضغط الاقتصادي عليها. وقال متحدث باسم الوزارة في تصريحات ل الأهرام إنه من المرجح بقوة أن يتفق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم يوم الأحد القادم علي فرض عقوبات بترولية علي إيران. وأكد ممثل إيران لدي الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية أن وفدا من الوكالة سيزور إيران في الفترة من29 الي31 من الشهر الجاري. وسيرأس الوفد كبير المفتشين الدوليين لدي الوكالة هرمان ناكرتس للتفاوض وبحث المسائل التي ستطرحها الوكالة.