كيف ستخدمك؟ سؤال مؤلم تسمعه كل فتاة كفيفة مقبلة علي الزواج.. ولكن صاحبة قصة اليوم في صفحة صناع التحدي أجابت إجابة مفحمه علي كل معترض علي زواج الكفيفات . لأنها فقدت بصرها, ولكن لم تفقد إرادتها وقدرتها علي الحياة بصورة طبيعية, درست واجتهدت حتي حصلت علي أعلي الدرجات العلمية, تزوجت وانجبت وربت بنتها بمفردها في الغربية بعيدا عن الأهل, وتمارس هوياتها في الغناء والعزف علي البيانو.. أنها هبة عزمي خليف التي أقنعت أبنتها بأنها تري بيدها وليس بعينها. بدأت هبة حديثها مع صفحة صناع التحدي قائلة: حكت لي والدتي بأني ولدت مبكرا قبل الموعد المحدد, وكان الأكسجين عاليا في الحضانة التي دخلت إليها, فحدث لي انفصال شبكي نتيجة الولادة المبكرة, وفقدت بصري نهائيا منذ وصولي إلي الدنيا, وبعدها تعاملت مع والدتي بشكل طبيعي جدا مثل أخوتي المبصرين تماما, فلدي أخ وأخت, وكنت التزم مثلهم بمسئولية ترتيب غرفتي, وكانت العائلة بشكل عام تتعامل معي بفخر, ودمجتني أختي مع أصدقائها, وحتي اليوم هي التي تأتي معي للتسوق, ودرست في مدرسة حكومية خاصة بالمكفوفين رغم محاولات والدتي لدخولي مدرسة عادية, لكن لم تستطع قبل تطبيق الدمج, وعلي الرغم من ذلك أصرت علي شراء مكتب صغير ووضعه في الفصل لأدخل المدرسة سنة مبكرة كمستمعة, وتعلمت طريقة برايل لتساعدني في المذاكرة, كما اهتمت والدتي بتعليمي العزف علي البيانو من سن الرابعة, وأصبحت أعزف في فريق المدرسة للموسيقي, وفي أثناء دراستي لم أدرس الكيمياء أو الرسم, فأجبرت علي القسم الأدبي وأحببت اللغة الإنجليزية وقررت أن أدرس في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية في وقت لم يكن متاح فيه انضمام المكفوفين له, واعتمدت علي شراء كتبي من الخارج لأنها لم تكن متاحة في مصر وتسجيل المحاضرات بمساعدة زملائي. السفر للخارج وتضيف هبة: تعرفت علي البرنامج الناطق علي الكمبيوتر من خلال أحد زملائي المكفوفين كان يكبرني بخمس سنوات, وتعلمت علي كافة البرامج التي ساعدتني كثيرا, فمن خلالها تقدمت للحصول علي منحة للولايات المتحدةالأمريكية لتأهيل المكفوفين وبالفعل سافرت لمدة شهرين وفي منحة أخري أيضا سافرت للعمل بإحدي المكتبات الخاصة بالمكفوفين, ففي الصباح أعمل وفي المساء أتعلم كيفية تربية أطفالي نظرا لأنني كنت علي وشك وضع طفلتي. ورغم أن هذه الفترة كانت صعبة لأنني وضعت طفلتي في الولاياتالمتحدةالأمريكية في أثناء المنحة مع عدم وجود أي من أفراد أسرتي لمساعدتي إلا أنها ساعدتني فيما بعد لأثق في قدرتي في الاعتماد علي نفسي, فكان ضغط شديد للعناية برضيعتي لمدة شهر بمفردي مع المراقبة من أحد الممرضات التي كانت تزورني ثلاث مرات أسبوعيا لتتأكد أن الطفلة بحالة جيدة حتي لا تأخذها لدار رعاية. وأكملت حديثها بخصوص رسالة الماجستير وعملها قائلة: سافرت في منحة لإنجلترا وتركت ابنتي مع والدتي, لكنني اضطريت للعودة قبل الانتهاء من رسالة الماجستير نظرا لظروف مرض والدتي, فأجلت الرسالة فترة وعدت لأنهيها في جامعة برمنجهام بانجلترا. وكانت رسالتي في الدمج التعليمي وعملت علي مقارنة بين قصص لخمسة أولاد وبنات مكفوفين والدمج في التعليم, وتخرجت بامتياز. ثم بدأت عملي بمكتبة الإسكندرية منذ عشر سنوات, ثم أقبلت علي العمل في قسم طه حسين بالمكتبة مع بداية افتتاحه, وكان عملي في هذا القسم يرتكز علي تعليم الطلبة علي البرامج الناطقة وتحديثاتها إلي أن ادخلوا نظام تصفح الكتاب علي الكمبيوتر. وعن حياتها الآن وخططها المستقبلية قالت: علي المستوي العملي, بدأت بصفة تجريبية مع طفلين مكفوفين ويعانين من التوحد لتنمية مهاراتهما, كما بدأت مشروع مع أحد الجمعيات للتدخل المبكر للأطفال من سن ستة أشهر وتنمية مهاراتهم وتدريب أولياء الأمور. أما علي المستوي العام, فأعيش مع ابنتي التي وصلت لسن ست سنوات وأهتم بشئون منزلي بصورة طبيعية كأي أم, فقد ساعدتني والدتي كثيرا قبل رحيلها ودائما ما كانت توضح لابنتي أنني أري بأيدي وليس بعيني, والآن أصبحت ابنتي هي عيني التي أري بها الأشياء. نظرة المجتمع وفي نهاية حديثها أكدت علي أن المجتمع يجب أن ينظر لهم بصورة طبيعية وأوضحت: مشكلتي مع المجتمع تكمن في أنهم ينظرون إلينا علي أننا خارقين أو لسنا طبيعيين, وهذه نظرة مزعجة. كما أن المشكلة الأكبر هي التي تواجهها البنت الكفيفة في صعوبة زواجها, فدائما ما يسأل أهل الرجل كيف ستخدمك؟, فأري أن المجتمع يحتاج إلي توعية. ونواجه مشكلة أخري في التأهيل والتعليم, فأرفض العزل بشكل كامل, يجب أن تدمج الأطفال وإذا وضعنا استثناءات تكون المعاملة الخاصة فقط للإعاقات المركبة. وعلي الدولة أن تنشأ مراكز تأهيل وتسمح للمكفوفين اقتحام المجالات التي حرموا منها للأسباب غير منطقية, كمجال الطب النفسي والكمبيوتر.