غدا, يحتشد ملايين المصريين في الميادين للاحتفال بالذكري الثالثة لثورة25 يناير التي أعادت لهم حريتهم وكرامتهم, في ظل دعوات للتخريب والعنف ومؤامرات داخلية وخارجية تحاك ضد الوطن. علماء الدين يؤكدون أن الاحتفال بالثورة في هذا اليوم واجب وطني, ويجب المشاركة فيه وفق ضوابط وشروط. وحذروا من الانسياق وراء دعوات التخريب التي أطلقها البعض مؤكدين أن الاحتجاجات والتظاهرات التي تحيد عن السلمية, وتمتد فيها يد التخريب إلي منشآت الدولة وتعطيل مصالح المواطنين غير مقبولة شرعا. وناشدوا جميع أبناء الوطن عدم الالتفات إلي دعوات الصدام والتخريب التي أطلقها بعض المغرضين وتفويت الفرصة علي كل من يتربص بأمن الوطن ومقدراته. وأن تتسم جميع مظاهر الاحتفال بالسلمية والحفاظ علي الأرواح والممتلكات. مجددين تأكيدهم أن الدم كله حرام, وترقي حرمته في الإسلام إلي أن تكون أعظم حرمة من حرمة الكعبة المشرفة. كما طالبوا جميع القوي والأطياف السياسية بأن يعلوا مصلحة الوطن فوق كل المصالح الحزبية, وأن يسخروا طاقاتهم وجهودهم للبناء وعمارة البلاد التي استخلفنا الله فيها وجعلها أمانة في أعناقنا, وأن يبتعدوا عن الهدم الذي ينشر الفساد في الأرض ويضر بالبلاد والعباد. ويحذر الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية, من السلبيات التي تصاحب الاحتفالات بذكري ثورة يناير, كالعنف والعدوان والتخريب ونحو ذلك, وأكد أن حماية الإنسان وماله وتحريم الاعتداء عليه من المبادئ التي تضمنتها شريعة الإسلام, وطالب المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين بالتكاتف لحماية المنشآت العامة في ذلك اليوم, لأنها ملك للجميع, ومن ثم فلا يجوز المساس بها أو الاعتداء عليها باسم أي احتفال, فضلا عما يمكن أن يصاحب ذلك من سفك الدماء والأموال العامة وغيرها من أمور حرمتها الشريعة, وعلي الشباب وهم يحتفلون بذكري ثورتهم ألا ينسوا الأهم من مظاهر الاحتفالات وهو الحفاظ علي الوطن الذي فيه سيكون مستقبلهم, فحماية الوطن بتراثه ومنشآته وأبنائه ضرورة وواجب شرعي, لأن الوطن هو رمز الأمة وحين نحافظ عليه نحافظ علي المستقبل وعلي التاريخ, وعلي شباب مصر الذين أبهروا العالم بثورتهم ألا يلوثوا تلك الثورة بأفعال تسيء إلي ما قدموه وبذلوه في سبيل الحرية, وعلينا جميعا أن نلتفت للأمام ولا ننشغل بما مضي, وأن يكون شغلنا الأساس هو العمل والبناء والتنمية ومصلحة مصر. وأكد الشيخ عاشور حرمة الدماء في الإسلام, مشيرا إلي أن الشريعة الإسلامية عظمت حياة الإنسان ودعت إلي صيانتها وعدم الاعتداء عليها بغير حق, فحرمت القتل واعتبرته جريمة في حق الإنسانية كلها, وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك في قوله تعالي( من أجل ذلك كتبنا علي بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)... كما حذر النبي صلي الله عليه وسلم في خطبة الوداع من إراقة الدماء بغير حق قائلا( أيها الناس..إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا, في شهركم هذا, في بلدكم هذا...) وقال أيضا( كل المسلم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه..) وليس هذا فحسب, بل إن مجرد ترويع المسلم يعتبر ذنبا يعاقب عليه, فقال( لا تروعوا المسلم, فإن روعة المسلم ظلم عظيم). واجب وطني ويقول الشيخ مظهر شاهين, خطيب مسجد عمر مكرم وميدان التحرير, إن يوم25 يناير ذكري وطنية عظيمة تذكرنا بمولد فجر جديد لمصر, شارك فيه كل أبناء الوطن من أجل الحصول علي كرامتهم وعزتهم, وتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية, ويجب أن يبقي هذا اليوم في ذاكرة كل مواطن مصري محترم شريف علي أنه يوم الإباء الوطني, وأن يتذكر كل منا أن ثورة يناير العظيمة قامت علي مبدأ عظيم وهو السلمية, وأن الابتعاد عن هذا المبدأ هو ابتعاد عن أساس الثورة المصرية. وأضاف: إن احتشاد الملايين في هذا اليوم, هو واجب وطني تفرضه عليهم حقوق الشهداء, والانتصار لإرادة الشعب, شريطة ألا يرفعوا إلا راية مصر فقط, وأن يستمروا في الكفاح والنضال من أجل تحقيق باقي أهداف الثورة المصرية, متمسكين بروح الأخوة والاعتصام, واقفين صفا واحدا مسلمين ومسيحيين في وجه العنف والإرهاب متضامنين مع الشرطة والجيش, من أجل أن يتصدوا لهذه المؤامرة الدولية, التي يراد منها إسقاط مصر وعودة التنظيم الإرهابي إلي سدة الحكم مرة أخري. للحرية ضوابط وأوضح شاهين أن ضوابط الحرية لا تعني الانفلات الأخلاقي, ولا تعني المساس بحرية الغير أو حقه في التعبير أو الانتقاص من كرامته أو محاصرته فكريا أو معنويا, والإنسان كما يقال هو حر ما لم يضر, وإذا كانت الحرية هي أهم ثمرات ثورة يناير, فإن توجيهها وتنظيمها هو السبيل لتحقيق أهدافها والابتعاد عن كل ما يسئ للآخرين هو واجب شرعي وإنساني وأخلاقي, ولا تعني الحرية أبدا الهجوم علي المنشآت العامة والخاصة أو إسقاط الشرطة المصرية أو محاولة إسقاط الجيش الوطني, وتتمثل تلك الحرية في الوقفات السلمية وإبداء الرأي من خلال وسائل التعبير المعروفة, مقروءة أو مسموعة, وبما يتوافق مع القانون بدون أي أعمال عنف أو إساءة للغير. تقديم نموذج حضاري من جانبه يقول الدكتور أحمد محمود كريمة, أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر, إنه من المقرر شرعا وعرفا أن الحرية مكفولة إلي حدود حقوق الآخرين, فليس معني أنني أسعي إلي حريتي ان يكون ذلك علي حساب حرية الآخرين, والله سبحانه وتعالي قرر مبدأ الحوار والمناظرة وإبداء الرأي بالحق, فقال جل شأنه في سورة سبأ:( وإنا أو إياكم لعلي هدي أو في ضلال مبين) ومن هنا فإنه لا بأس من الاحتفالات إيجابا أو سلبا علي حسب معتقد من يحتفل شريطة عدم الإضرار بالآخرين, ولا إيذائهم ولكن في حدود الحفاظ علي الحقوق وإعلاء الواجبات, والحرية مكفولة ومصونة بلسان الشرع المطهر, يجب المحافظة عليها, وعدم مصادرة رأي الآخرين, أو التضييق عليهم, أو تسفيه الآراء, والأخلاق القرآنية واضحة وضوح الشمس في عالية النهار,( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسي أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسي أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون), ويجب علي الجميع أن يقدموا للعالم النموذج الحضاري الديني من الموروثات الدينية والحضارية لشعب مصر صاحب أعرق الحضارات في العالم. علاقة الشرطة بالشعب وحذر الدكتور عبد الفتاح إدريس الأستاذ بجامعة الأزهر, من المؤامرات الخارجية التي تريد إفساد فرحه مصر خلال الاحتفال بيوم25 يناير من خلال التفجيرات من بعض الجهات الخارجية, وطالب الشعب المصري بتفويت الفرصة علي هؤلاء الذين يريدون إفساد فرحة الشعب بنجاح الدستور وبداية في تنفيذ أولي خطوات خريطة الطريق وإعطاء الفرصة للقوات المسلحة والداخلية في حماية أمن واستقرار البلاد. وفي سياق متصل طالب الدكتور إبراهيم نجم, مستشار مفتي الجمهورية, جميع المصريين بتفويت الفرصة علي كل من يتربص بأمن الوطن والتلاحم مع الجيش والشرطة في حماية ممتلكات الوطن, وعدم الالتفات إلي دعوات الصدام والتخريب التي أطلقها بعض المغرضين وتفويت الفرصة علي كل من يتربص بأمن الوطن ومقدراته, كما ناشد كل القوي والأطياف السياسية أن يعلوا مصلحة الوطن فوق كل المصالح الحزبية, وأن يسخروا كل طاقاتهم وجهودهم للبناء وعمارة البلاد التي استخلفنا الله فيها وجعلها أمانة في أعناقنا. لا للتخريب من جانبه دعا الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي بالأزهر سابقا شباب مصر المحتفلين بذكري ثورة يناير إلي أن يحاكوا شباب عصر النبوة الذين حملوا الرسالة وساندوا النبي صلي الله عليه وسلم في دعوته, فحينما دعا النبي إلي الإسلام خالفه الشيوخ وحالفه الشباب, وهكذا حمل السلف الصالح من الشباب راية الجهاد عالية خفاقة, وأيدهم الله بنصر من عنده, فالشباب هم أمل الأمة وعدتها, وهم قادة المستقبل.وقال الأطرش مخاطبا الشباب: إياكم ثم إياكم وأنتم تحتفلون بثورتكم المجيدة التي ضربت الفساد والمفسدين أن تخربوا عامرا, أو تفجعوا آمنا, أو تريقوا دما, فقد دعا الإسلام إلي الحفاظ علي النفس الإنسانية بشكل عام, وعلي الممتلكات العامة والخاصة. واعلموا أن المؤمن بنيان الله, ومن قتل مؤمنا فكأنما هدم بنيان الله ومن هدم بنيان الله عرض نفسه لسخط الله. وقال إن التخريب والاعتداء علي الممتلكات هو إفساد في الأرض ينطبق علي فاعله قول الله تعالي في ضربه علي أيدي المفسدين إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم.