نائب بالشيوخ: الانتخابات البرلمانية محطة حاسمة في مسار البناء الوطني    وزيرة التنمية المحلية: انتهاء استعدادات محافظات المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025    غرفتا الإسكندرية وبورسعيد التجاريتان تبحثان سبل التنمية الاقتصادية في المحافظتين    سعر مواد البناء مساء اليوم 23-11-2025    وزير دفاع الاحتلال: لن نسمح بالعودة إلى واقع ما قبل 7 أكتوبر 2023    إقالات بالجملة تطال قيادات في الجيش الإسرائيلي    النائب محمد رزق يعلق على التحركات الأمريكية لتصنيف الإخوان منظمة إرهابية أجنبية    رئيس البرازيل يعرب عن قلقه من الوجود العسكري الأمريكي في البحر الكاريبي    رؤية مصر .. وإعمار غزة    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يتعادل مع لوريان في الدوري الفرنسي    جامعة دمنهور تحصد 12 ميدالية في بارالمبياد الجامعات المصرية بالإسكندرية تحت شعار "أنت الحياة"    هل كان السبت الممتاز..حقًا؟    الطقس غدًا.. شبورة كثيفة على الطرق وتوقعات بهطول أمطار فى الإسكندرية    مصرع شخص وإصابة 4 آخرين إثر انقلاب سيارة ملاكي بطريق الخارجة - أسيوط    فيفي عبده تكشف تفاصيل دورها في "خلي بالك من مراتك"|خاص    تامر عبد المنعم: انزل وشارك صوتك بيفرق فى انتخابات مجلس النواب    «مسعود شومان»: سيناء كنز إبداعي يحتاج إلى رعاية واستثمار ثقافي واع    هل يجوز جمع الصلاة مع أخرى بسبب الدروس؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ بورسعيد: عمليات على مدار الساعة خلال يومي الانتخابات    نائب رئيس حزب المؤتمر: مشاركة المواطنين في انتخابات النواب 2025 واجب وطني    المستشارة أمل عمار تدلي بصوتها في انتخابات مجلس النواب 2025 غدا    أستراليا: الإعصار فينا يتجاوز داروين ويتحرك إلى بحر تيمور    شيرين عبد الوهاب: لن أعتزل أنا قوية    مخرج «الحياة بعد سهام» نمير عبد المسيح: صنعت الفيلم لحاجتي الماسة إلى الحكي عن علاقتي بأبي وأمي    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري مساء اليوم    الصحة: بنها التخصصي للأطفال ينجح في إنقاذ طفلين من جرح قطعي بالرقبة ومسمار دباسة بالبطن    ضبط سائق ميكروباص خالف الحمولة القانونية بعد تداول فيديو بالفيوم    عودة النصر للسيارات.. انطلاقة صناعية جديدة تقودها الربحية والتطوير الشامل    وزير الصحة يبحث جهود توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية وتطوير الخدمات التشخيصية    الصحة العالمية تكرم الزميلة أمل علام لفوزها بجائزة AMR Media    "تصميم وتشييد وتقييم الفاعلية البيولوجية لمشتقات جديدة من البنزايميدازول" رسالة دكتوراه بجامعة بنى سويف    الجونة يتقدم على الاتحاد السكندري بهدف في الشوط الأول    تأجيل محاكمة 17 متهما بخلية العجوزة    تشكيل إنتر ميلان ضد ميلان المتوقع في قمة الدوري الإيطالي    فيديو.. إكسترا نيوز: تكدس غير مسبوق للشاحنات الإنسانية عند معبر رفح البري    بأمر النائب العام.. متابعة حالة الطفلة حور ضحية التنمر    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    إنشاء محطة لتموين قاطرات قناة السويس بالغاز الطبيعي المسال    مركز المناخ بالزراعة يحذر من أمطار تصل لحد السيول يومي الأحد والاثنين    تعرف على غيابات الزمالك في مواجهة زيسكو الزامبي بالكونفدرالية الليلة    أغنية إيطالية عن "توت عنخ آمون" تشعل المنصات وتعيد وهج الحضارة المصرية للعالم    الشروط والمستندات.. وظائف مشروع الضبعة النووي برواتب تصل ل45 ألف جنيه    وزارة الصحة: لقاح الأنفلونزا هام لكبار السن لحمايتهم من العدوى    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    تحصين 94,406 رأس ماشية عبر 1,288 فرقة بيطرية خلال 4 أسابيع بأسيوط    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    نصر: قيمة رعاية الزمالك لا تصل للربع بالنسبة للأهلي    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    مركز المناخ يتوقع تقلبات جوية قوية يومى الإثنين والثلاثاء.. وسيول محتملة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في نتائج الاستفتاء

مع دقات الساعة السابعة من مساء السبت18 يناير2014, كان المصريون علي موعد مع نتيجة الاستفتاء علي دستور2014, ليعلنوا بذلك عمليا خيارهم بالموافقة علي تمرير الخطوة الأولي من خارطة المستقبل ويمهدون بذلك الانتقال إلي الخطوة التالية من الخارطة, والتي من المتوقع أن تكون الانتخابات الرئاسية, وفي خطوة لاحقة الانتخابات البرلمانية.
وأن حدث فذلك يعني تغييرا في ترتيب خارطة بعد الحاح العديد من القوي السياسية والنداءات الشعبية, التي باتت تتوق إلي رئيس يتمتع بمواصفات تمكنه من السيطرة علي تفاقم الفوضي, والقوة في مواجهة الإرهاب في الشارع المصري, والكاريزما التي تمكنه من احتواء جميع القوي الوطنية وصهر طاقاتها في بوتقة واحدة من أجل الانطلاق في عملية التنمية وإعادة تدوير عجلة الإنتاج المتعطلة منذ ثلاث سنوات.
أغلبية غير مسبوقة في الاستفتاءات بفضل المرأة
خيار المصريين بالموافقة علي الدستور بنسبة98.1% من إجمالي38.6% وسط هذه النسب من المشاركة ونسب التصويت غير المسبوقة ب( نعم), سادت المجتمع المصري حالة واسعة من الجدل حول تلك المشاركة النوعية والعمرية للمشاركين. وأتت الملاحظات حول المشاركة النوعية لتشير إلي مشاركة كبيرة من المرأة في الاستفتاء. واقع الأمر أن مشاركة المرأة المصرية في مجمل الحياة السياسية قد تعالت منذ جولتي الانتخابات الرئاسية وتحديدا مع الجولة الثانية, حيث أشارت معظم التقارير واستطلاعات الرأي العام إلي دور كبير وواضح للمرأة في دعم الفريق أحمد شفيق في مواجهة د. محمد مرسي, كذلك تشير مراقبة أحداث ما قبل ثورة30 يونيو2013 إلي دور واضح للمرأة ونشاط مؤثر لها في دعم الحركات والائتلافات وتجهيزها ليوم الثورة وما تلاه, وهو ما تحقق مع اندلاع ثورة30 يونيو حيث كان صوت المرأة المصرية مسموعا بوضوح في جميع ميادين وشوارع الجمهورية إضافة إلي ما لمسته المرأة من مؤشرات واضحة لما ينتظرها من مستقبل تحت حكم جماعة كانت تسن القوانين وتضع التشريعات التي تقلل من قيمة المرأة ودورها في المجتمع.
شائعات غياب الشباب
أما عن المشاركة وفقا للفئات العمرية, فمن المؤكد أن الشباب الملهم لثورتي25 يناير و30 يونيو, غير أنه علي ما يبدو أن أطرافا ما كانت حريصة علي تمرير شائعات قوية حول عدم مشاركة الشباب في الاستفتاء. وهو أمر لا يمكن رصده بمثل سهولة رصد المشاركة الواسعة للمرأة, ومن جهة أخري لا يعلم أحد كيف أمكن للبعض رصد وتأكيد انعدام المشاركة الشبابية طالما لم يتوافر في بطاقة الاستفتاء أي تسجيل لبيانات سكانية للمشارك, وقد يكون الهدف الذي يرمي إليه الزاعمون بذلك يكمن في تكريس الانقسام بين الشباب المصري وتحديدا مابين شباب ثورة25 يناير وما بين شباب ثورة30 يونيو, أو ما بين الشباب الثائر علي شبكات التواصل الاجتماعي وباقي الشباب المصري الذي قد تحول مقدراته دون رفاهية امتلاك موقع علي هذه الشبكات, أو قد يكون الهدف شحن القوي الشبابية علي التكتل وراء هذه الشائعات بغية إعادة استغلال حماسة الشباب وتكتلهم من أجل إعادة انتاج ثورة فوضوية جديدة كما بدأ يلمح مروجو هذه الشائعات. ولعل المتابعين لشبكات التواصل الاجتماعي قد هالهم ما ذهب إليه هؤلاء الناشطون الشباب من صب غضب علي الفئات الأكثر عمرا وتوجيه الاتهام لهم بأنهم من دعموا هذا الدستور, وهذا الأمر لا يعكس فقط قضية خلافية يمكن أن تعالج بقدر ما يعكس تصورا من هذا القطاع الشاب الناشط علي هذه الشبكات من احتكاره للحقيقة وعدم احترامه لخبرات من هم أكثر خبرة ودراية, بل ورفض التعامل مع هذه الخبرات والرغبة في نفيها وفرض العزلة عليها, ذلك لا يمكن أن يكون مبررا لقطاع من الناشطين والإعلاميين من أجل تأجيج مشاعر الغضب في نفوس باقي القطاعات من الشباب لاستغلالها في مخططات تهدف لهدم الدولة أو الدعوة للثورة عليها. فحتي هذه اللحظة لا يوجد نظام لكي يثوروا عليه, فقط انتهت مصر من إنجاز الخطوة الأولي في خارطة المستقبل. من ثم, فعلي القطاعات الأوسع من الشباب المصري الوطني عدم الالتفات لهذه الشائعات, وينبغي عليهم التأكد أن عقارب الساعة لن تعود للخلف, فلا مبرر للخوف من عودة رجال زمن مضي أو لعودة الدولة البوليسية, وليكن يقين الشباب أن القانون هو الفيصل وأساس الحكم طالما هو قائم علي العدل, أما عما يتردد من أن شباب الثورة معتقلون فالكل أمام القانون سواسية وعندما يتحدي قطاع من الشباب القانون ويرغبون في لي ذراع الدولة فلا مجال إلا تطبيق القانون, وذلك لحماية أركان الدولة من التفكك والانهيار.
الواقع أن المصريين بتلك الموافقة الكبيرة, يريدون أن يوصلوا رسالة للجماعة المحظورة الإرهابية بأنها انتهت شعبيا عبر صناديق الإقتراع من خلال معدلات تصويت أعلي من تلك التي تحققت علي دستور2012 مع الاعتبار أن من لهم حق التصويت قد زادوا ثلاثة ملايين منذ2012 وحتي الآن, رغبة في الوصول لمرحلة من الاستقرار والأمن يستعيدون من خلالها توازنهم النفسي الذي افتقدوه لثلاث سنوات مضت, ويبدأون في بناء مجتمعهم وفقا لمبادئ دستورية تراعي وتوفر الضمانات الاقتصادية والاجتماعية لفئات طالما عانت من التهميش, ولمجتمع حرم من حقوقه وحرياته السياسية.
تفسيرات الكتلة الكبيرة التي لم تذهب للتصويت
كتلة من المصريين قوامها61.4% لم تذهب للاستفتاء, غير أن هذا الأمر لا يعني بالضرورة أن هذه الكتلة علي مجملها من المقاطعين أو الرافضين للدستور, وذلك عندما ننظر لنسب المصريين الذين لم يذهبوا للاستفتاء علي الإعلان الدستوري وتعديلاته( مارس2011) أو علي دستور2012, والتي بلغت(58.9%) و(67.2%) علي التوالي, ما من شك أن بداخل الكتل الثلاثة التي لم تذهب للاستفتاء نسبة ما ترفض ما يتم الاستفتاء عليه ولكن من غير الممكن أن تكون النسبة علي مجملها. وهنا نشير إلي أن نسبة المشاركة في الاستفتاء علي دستور2014 قد جاءت محبطة إلي حد ما لقطاع كان يتوقع مشاركة أوسع من المصريين في تقرير مستقبلهم ومصيرهم بعد الحشود الواسعة التي رصدها العالم والتي شاركت في ثورة30 يونيو, غير أنه من المتوقع أن تزداد نسب مشاركة المصريين في الاستحقاقين القادمين, الرئاسة أو انتخابات مجلس النواب.
هناك عوامل متعددة أفقدتنا نسبة لا بأس بها من الأصوات التي كان يمكن أن تكون إضافة لا خصما من المصريين الذين وافقوا علي الدستور. يكمن أولها في عملية التسويق السياسي للحدث علي النزول للإستفتاء, والتي مع اقتراب موعد الاستفتاء كانت قد اقترنت بصورة واضحة بحتمية التصويت بنعم, وهو الأمر الذي لم يتقبله قطاع من المصريين يري أنه لم يعد لأحد حق توجيهه بصورة أحادية نحو خيار ما. أما ثاني هذه العوامل فيتمثل في نجاح حملة الشائعات التي تم إطلاقها حول عودة رجال عصر مبارك واضطهاد ثورة25 يناير واعتقال رموزها, مما أثر علي توجهات قطاعات أخري من المصريين الذين استجابوا دونما تدقيق في صحة ما يتلقونه. اما ثالث هذه العوامل والتي تم استغلالها من جانب نفس التيار الذي أطلق الشائعات السابقة, فيتعلق أيضا بخطأ التسويق السياسي للتصويت ب( نعم) علي الدستور وربطه بالفريق أول عبد الفتاح السيسي والتأكيد أن الموافقة علي الدستور ستكون الدافع الرئيسي له لكي يخوض معركة الرئاسة. واقع الأمر أن حملة التسويق السياسي تلك قد أتت ثمارها وهو ما شاهدناه جميعا من خلال رفع صوره وترديد اسمه في متلازمة واضحة في كل اللجان التي نقلت مشاهدها علي الهواء وعلي كل القنوات, حيث نجح الفريق المضاد في شحن القطاعات المؤيدة له والتأكيد علي صحة ما يبثونه لهم من سموم.
رابع تلك العوامل, يكمن في السلبية الشديدة لدي قطاعات عريضة من المصريين عندما يشعرون بالطمأنينة علي نتيجة أي معركة سياسية يدعون للمشاركة فيها.
والعامل الخامس فيكمن في التصور الزائف في قدرة وقوة حزب النور علي توجيه السلفيين علي التصويت في الإستفتاء ب( نعم), فالثابت أن حزب النور لم يقدم جديدا, أو أنه فاقد للسيطرة علي القواعد المنتمية للتيار السلفي تحديدا والإسلامي بشكل عام, وأخيرا يكمن في التهديدات التي جرت خلالها عملية الاستفتاء, فالمشاهد الإرهابية المتكررة كل يوم جمعة في شوارع مصر وكل يوم في الجامعات المصرية, إضافة إلي حجم الاستعداد غير العادي من الشرطة والقوات المسلحة, فعلي ما يبدو أن هذا أيضا قد أصاب قطاعا آخر بتخوف من الوجود في اللجان خوفا من أي عمل إرهابي قد يحدث بين لحظة وأخري..
الوجه البحري أفضل تصويتا من الصعيد
وفي إطار ما هو معلن من اللجنة العليا وفقا لمعيار المكان, وهنا نشير إلي أن محافظات الوجه البحري قد أظهرت دعما غير محدود لدستور2014 ارتباطا بنسب الحضور وليس بنسب التصويت ب( نعم), التي حافظت علي معدلات ثابتة تتجاوز94% بغض النظر عن نسبة الحضور, وذلك في مقابل دعم أقل في محافظات الحدود والقناة باستثناء بورسعيد والوجه القبلي الذي يضم المربع الذهبي الداعم للجماعة الإرهابية المحظورة وحلفائها.
القاهرة والغربية أكثر المحافظات رفضا للدستور
بداية يمكننا قراءة أن المحافظات الثلاثة التي رفضت دستور2012, وهي محافظات القاهرة والغربية والمنوفية, هي أكثر ثلاثة محافظات إضافة إلي القليوبية والدقهلية التي شهدت تطورا واضحا في نسبة المشاركة, وكانت المنوفية تليها الغربية فالدقهلية أكثر ثلاث محافظات في نسب المشاركة. وعلي الرغم من الحضور الواضح للمصوتين في محافظتي القاهرة والإسكندرية مقارنة بعام2012, إلا أن نسب المشاركة مقارنة بعدد السكان تشير إلي عدم إهتمام واضح من النسبة الأكبر من قاطني المحافظتين.
أما الإسكندرية, فعلي الرغم من زيادة نسبة الحضور إلا أنها لا تظهر أي تأثير كبير للجماعة السلفية التي تعد الإسكندرية المعقل الرئيسي لها, إلا لو فهمنا ذلك علي أساس أن قيادات الجماعة السلفية وحزب النور في واد وباقي الجماعة وأعضاء الحزب في واد آخر, وهو الأمر نفسه الذي ينسحب علي محافظات كفر الشيخ والبحيرة ودمياط التي كانت أكثر محافظات الوجه البحري دعما لدستور2012, والتي علي ما يبدو أن بها تأثيرا محدودا للجماعة السلفية في مقابل تأثير قوي في هذه المحافظات لأنصار الجماعة الإرهابية المحظورة.
أما المحافظات الأكثر وجودا من حيث نسبة الحضور( الدقهلية, الغربية, القليوبية والمنوفية), فعلي مايبدو أن ما شهدته الدقهلية والغربية والقليوبية من أحداث عنف وإرهاب غير مسبوق وقتل لعدد من الشباب الثوري, إضافة لتعمد الجماعة أثناء حكمها لمصر من حرمان هذه المحافظات من العديد من الخدمات, قد دفع المواطنين في هذه المحافظات إلي الخروج بكثافة عالية نوعا ما للتأكيد علي رغبتهم في نفي أي صلة تجمعهم بهذه الجماعة. أما المنوفية فهي أكثر المحافظات مناصبة للعداء للجماعة منذ انتخابات مجلس الشعب2011 مرورا بكل الاستحقاقات التي تلت ذلك.
الصعيد يستجيب لضغط جماعات العنف
أما الوجه القبلي, فطبقا للوارد في الشكلين(4) و(5), فيمكننا التمييز بوضوح أن محافظاته كانت هي أكثر محافظات الجمهورية دعما لدستور الإخوان2012, وهنا لا يمكن إنكار الدور الذي لعبه أنصار الاخوان, ولعل المميز في ذلك وجود المربع الذهبي لأنصار الجماعة وأتباعها في محافظات الجيزة, بني سويف, الفيوم والمنيا, حيث تشكل هذه المحافظات وفقا لخريطة التصويت منذ انتخابات مجلس الشعب2011 وحتي الآن أرضا خصبة تصب نتائجها في مصلحة هذا التيار.
وقد امتد تأثير هذا المربع الذهبي ليشمل محافظتي أسيوط وسوهاج, محدودية المشاركة بصفة عامة في محافظات الصعيد خلال الاستفتاءين, وهو ما أرجعه كثير من المحللين الاجتماعيين للطبيعة الشخصية للمواطنين في الوجه القبلي, التي لا تكترث كثيرا بالمشاركة السياسية فيما يخص الدولة, في ظل حالة الإهمال التي عاني منها صعيد مصر وانخفاض معدلات التنمية البشرية
أما قنا والأقصر وأسوان, فيبدو أنها بدأت في التخلص من مد هذه الجماعات, خاصة أن هذه المحافظات هي محافظات سياحية أضيرت كثيرا من توقف حركة السياحة منذ يناير2011, وحتي لو كانت قد صوتت لصالح دستور2012, فقد يكون تصويتا ظاهريا فقط بحثا عن الاستقرار الذي يمكن أن يعيد حركة السياحة للدوران مرة أخري. ولعل ذلك ما يفسره الارتفاع النسبي في نسب الحضور في محافظتي الأقصر وأسوان, حيث يبدو الأمر كما لو كان البحث عن طوق النجاة الأخير لمحافظتين تعتمدان علي الصناعة السياحية كمصدر أساسي لدخل مواطنيهما.
السويس والإسماعيلية انضمتا للمعارضين
أما محافظات القناة, وكما يوضح الشكل رقم(6), فيبدو أن محافظتي السويس والإسماعيلية كانتا كحال محافظات الوجه القبلي من أكثر محافظات الجمهورية دعما لدستور2012 سواء من نسب الحضور أومن نسب التصويت ب( نعم), أما محافظة بور سعيد فرغم تشابهها الواضح من حيث نسب الحضور في استفتاء2012 إلا أن اتجاه التصويت فيها قد شهد إنقساما واضحا بين51% مؤيدين و49% رافضين. وهنا يحضرنا مشهدان, الأول يتعلق بكون السويس مفجرة يوم الغضب28 يناير2011 مع وقوع4 شهداء تم استغلالهم لتأجيج مشاعر الغضب التي كانت سائدة آنذاك تجاه النظام. من جهة أخري, وعلي الرغم من محدودية عدد الأصوات في المحافظات الثلاث ومن ثم تأثيرها علي مجمل العملية التصويتية, إلا أنه من الجدير علينا ان نتذكر أن طبيعة بورسعيد كمدينة حرة لفترة طويلة وميناء رئيسي قد شكلا طبيعة مختلفة اجتماعيا لمواطنيها, وذلك دونا عن المواطنين في الإسماعيلية والسويس, وتحديدا السويس, حيث أن بها أهم مقرات ومستودعات البترول وبها ميناءان رئيسيان ورغم ذلك لا يتمتع مواطنوها بأي قدر من المنفعة. ولعل هذه بيئة مناسبة نفذت منها الجماعة لإذكاء الشعور بالمظلومية والدونية, وتمكنت من خلال ذلك من ضم قطاعات كبيرة من المؤيدين لها. وهنا أيضا نعيد التذكير بأثر حزب النور والجماعة السلفية, حيث انه من المعروف الدور الكبير للسلفيين في السويس, غير أنه علي مايبدو أنه لم يكن هناك أثر لتوجيهات قيادات السلفيين علي أتباعهم إلي الحد الذي كانت السويس- مثلها مثل محافظات المربع الذهبي في الوجه القبلي من المحافظات التي شهدت تراجعا في نسب المصوتين.
ميل للمشاركة من المحافظات الحدودية
وفيما يتعلق بمحافظات الحدود, فكما يشير الشكل رقم(7), فالثابت أن نسب التصويت ب( نعم) تأخذ نفس التوجه التصويتي لدي من شاركوا من الذين لهم حق الحضور, وهي النسب المستقرة حو96% في أربع محافظات( شمال سيناء, جنوب سيناء, الوادي الجديد ومرسي مطروح) وحول97% في محافظة البحر الأحمر. ومن حيث نسب الحضور من المقيدين في الجداول, فالثابت أن ميلا واضحا نحو مشاركة أكبر قليلا في دستور2014 عن النسب التي شاركت في دستور2012, وذلك في محافظات( البحر الأحمر, الوادي الجديد, شمال سيناء وجنوب سيناء), والفارق هنا أن نسب المشاركة قد ارتفعت في شمال سيناء علي الرغم مما تشهده المحافظة من عمليات عسكرية لتطهيرها من الإرهابيين, وعلي الرغم من التفجيرات وإطلاق النار المستمر, وهنا يمكن لنا الحديث عن دور لشيوخ القبائل في التحرك علي طريق استعادة نوع من السيطرة المفقودة علي مجريات الأمور, وإعادة التوجيه نحو المصلحة الوطنية العليا للبلاد, وذلك وسط إدراك واضح لمخاطر استمرار التعاون بين بعض أبناء هذه القبائل والجماعة الإرهابية التي تعمل تحت مسميات مختلفة في أراضي شمال سيناء. وتتبقي مرسي مطروح الدليل الأبرز علي فقدان حزب النور لأي تأثير علي قواعده التي يتأكد أن الكثير منها ينتمي للسلفية الجهادية والتي علي ما يبدو خارج نطاق سيطرته.
ويبقي أن نؤكد أن معدلات تصويت الشعب المصري ب( نعم) علي مر الاستفتاءات الدستورية منذ يونيو1956 وحتي يناير2014, تشير إلي أن المصريين عندما يدعون للاستفتاء علي دستور يخص البلاد أو أي تعديلات عليه أو وقف للعمل به ويكون ذلك متزامنا مع إدراك بمخاطر أوتهديدات تحيط بالبلاد, فإن تصويتهم تكون معدلاته غالبا أميل إلي التأييد اللامحدود لما يرونه دعما للدولة وقت أزمتها, حدث ذلك في دستور56(97.6% نعم), تأجيل الدستور الدائم68(99.9%) ودستور71(99.9%), ومن ثم فلا مدعاة للغرابة عندما تصل نسبة نعم في التصويت علي دستور2014 إلي)98.1%( وسط ما يكتشفه الشعب المصري يوما بعد الآخر من مؤامرات تحاك ضد بلاده وضد أمنه واستقراره.
وأخيرا, إذا كانت هذه الخريطة التصويتية متعارفا عليها منذ بدء استحقاقات ما بعد يناير2011, فيحق لنا أن نتساءل أين الدور الحقيقي لأحزاب سياسية مدنية ليبرالية أو اشتراكية كثيرا ما ادعت المظلومية ومحدودية قدرتها علي الحركة في ظل نظام الحزب الواحد المسيطر أو المهيمن, أين هي من تغيير هذه التركيبة التصويتية التي يبدو أن الجماعة وأنصارها من الجماعات الإسلامية والسلفية الجهادية مازال لها صوت مسموع بها؟ أم أن الأمر متروك لقيادة تاريخية يمكن لها أن تقوم بدورها نيابة عنها في محاربة هذه التيارات والجماعات أمنيا وفكريا وعمليا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.