عندما يتوجه ملايين المصريين صباح اليوم إلي مقار الاستفتاء علي الدستور في كافة أنحاء مصر, فإنهم سوف يضيفون بذلك سطورا جديدة إلي تاريخهم الطويل والمشرف في النضال من أجل الدستور, الذي كان دائما جزءا لا يتجزأ من نضالهم الوطني. ومثلما تزامن نضالهم من أجل الاستقلال مع نضالهم من أجل الدستور في القرن الماضي في غمار ثورة1919 فإن خروجهم اليوم لإقرار دستورهم الجديد هو أيضا جزء لا يتجزأ من ثورتهم ضد الحكم الإخواني الفاشل وتطلعهم إلي مستقبل أكثر إشراقا ورخاء. لقد عرفت مصر بشائر الدستور مبكرا للغاية مع إنشاء الدولة الحديثة علي يد محمد علي باشا,. وتابع خلفاؤه تلك الجهود, خاصة الخديو إسماعيل والخديو توفيق. غير أن أول دستور بالمعني الحديث كان هو في الحقيقة دستور1923 الذي جاء نتيجة لثورة مصر القومية في1919 بزعامة سعد زغلول وإعلان استقلالها عام1922 والذي شهدت مصر في ظله واحدة من أزهي فترات تاريخها المعاصر, برغم المثالب التي شابت تلك الفترة ومهدت لثورة.1952 ولقد أسقط نظام يوليو دستور1923 لتحكم مصر بإعلانات دستورية قبل دستور1956 ثم دستور الجمهورية العربية المتحدة عام1958, فدستور1964 المؤقت. واهتم السادات عقب توليه السلطة بإصدار الدستور الدائم في1971, الذي كانت التعديلات التي سعي مبارك لإدخالها عليه في2005 وانطوت في بعضها( م76 و م77) علي تسهيل' التوريث' مقدمة مبكرة لثورة25 يناير.2011 وبعد الثورة,تسلل الإخوان إلي لجنة تعديل الدستور الشهيرة التي أعقبها استفتاء19 مارس الشهير والذي أصدر في أعقابه المجلس العسكري الإعلان الدستوري الذي فرض به الإخوان إجراء الانتخابات قبل الدستور. ومن خلال مجلسهم جرت مهزلة تشكيل' لجنة المائة' التي دفعت كل العناصر الوطنية المسئولة للإنسحاب منها, وليضع الإخوان منفردين دستورهم البائس, دستور2012 الذي سقط معهم, ليبدأ الشعب المصري العمل علي إصدار دستوره اللائق بثورته, وبتاريخه الدستوري العريق.واليوم, يقول الشعب كلمته, ويعلنها علي مرأي ومسمع من العالم, بكل شفافية وثقة بالنفس, وإيمان بالله والوطن! لمزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب