بعد تعليق «مصر للطيران» الرحلات إلى الخليج.. ما الخطوات التي يجب على الركاب اتباعها؟    طلعت مصطفى تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر.. وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    خامنئي بعد الهجوم على قاعدة العديد الأمريكية: لن نخضع لاعتداء من أيٍّ كان    باريس سان جيرمان يتقدم على سياتيل ساونديرز بهدف نظيف في الشوط الأول    «لا نخشى أحد».. مدرب الترجي يتحدى تشيلسي قبل جولة الحسم    محلل الأهلي السابق يكشف سبب خروج علي معلول من حسابات الأحمر    السرعة الزائدة السبب.. التحريات تكشف ملابسات انقلاب سيارة ميكروباص بأكتوبر    رامي جمال يستعد لطرح أغنية «روحي عليك بتنادي»    فرقة طنطا تقدم عرض الوهم على مسرح روض الفرج ضمن مهرجان فرق الأقاليم    وزير التعليم العالي: تجهيز الجامعات الأهلية بأحدث الوسائط التعليمية والمعامل    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات على جنوب لبنان    الأردن والمفوضية الأوروبية يؤكدان أهمية العودة للمفاوضات لحماية المنطقة    على خلفية النزاع فى الشرق الأوسط.. أمريكا تعزز عمليات الإجلاء وتحذيرات السفر    «المحامين» تعلن بدء الإضراب العام الأربعاء المقبل بعد تصويت الجمعية العمومية    مدبولي: الأحداث تتغير كل ساعة والحكومة تعمل على وضع سيناريوهات لمختلف التداعيات    اتحاد التأمين: ورشة إعادة التأمين توصى بالاستعانة بمؤشرات الإنذار المبكر في الاكتتاب    لاعب الهلال يقترب من الرحيل بعد المونديال    وزيرة التخطيط تُشارك في الاحتفال ب «اليوم الأولمبي» وتُكرم لاعبة مصر بعد فوز منتخب السيدات بالميدالية البرونزية    أسعار الأسهم بالبورصة المصرية اليوم الاثنين 23-6-2025    حادث مروع على طريق دمو بالفيوم يودي بحياة شاب ويصيب آخر بإصابات خطيرة    إصابة 9 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة أجرة ميكروباص بالوادى الجديد    محافظ المنيا يوجّه بإخلاء عاجل لعمارة آيلة للسقوط بمنطقة الحبشي ويوفر سكن بديل ودعم مالي للمتضررين    وزيرة البيئة تستقبل محافظ الوادي الجديد لبحث الاستثمار في تدوير المخلفات الزراعية    تزامنا مع الذكرى الثلاثين لرحيله.. "عاطف الطيب" على "الوثائقية" قريبا (فيديو)    خبير: إيران فى مأزق الرد.. ونتنياهو يجرّ الشرق الأوسط إلى مواجهات خطيرة    أسامة عباس: أواظب على صلاة الفجر في موعدها ومقتنع بما قدمته من أعمال    نادى سينما الأوبرا يعرض فيلم أبو زعبل 89 على المسرح الصغير.. الأربعاء    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    دار الإفتاء توضح بيان سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم    هل من حق الزوجة معرفة مرتب الزوج؟.. أمينة الفتوى تُجيب    الرعاية الصحية تطلق الفيديو الخامس من حملة «دكتور شامل» لتسليط الضوء على خدماتها لغير المصريين    وزير الصحة يؤكد التزام مصر الكامل بدعم الجهود الصحية في إفريقيا    الكنيسة تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي زفتى وريف المحلة الكبرى    أزمة في ليفربول بسبب محمد صلاح    تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية "شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي" إلى 26 يوليو    "حقوق إنسان النواب" تطالب بتعزيز استقلالية المجلس القومي وتنفيذ توصيات المراجعة الدولية    اعتراضا على رفع رسوم التقاضي.. وقفة احتجاجية لمحامي دمياط    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على 5 أشخاص مرتبطين ببشار الأسد    الخميس 26 يونيو إجازة مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    سامو زين يستعد لبطولة فيلم رومانسي جديد نهاية العام | خاص    وظائف شاغرة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية    عبدالصادق يبحث تعزيز التعاون بين جامعتى القاهرة وشاندونغ الصينية - صور    سوكوف: رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60% خطوة سياسية لا تكتيكية    مصرع عامل وإصابة اثنين آخرين في انفجار غلاية مصنع منظفات بأسيوط    انتهاء رفع أنقاض "عقار شبرا المنهار".. ولا ضحايا حتى الآن | فيديو وصور    السيسي يُعلن تدشين مقر جديد للمكاتب الأممية الإقليمية بالعاصمة الجديدة    وزير الخارجية الإيطالي يجري محادثات هاتفية مع نظيريه الإيراني والإسرائيلي    حوار - جوزيه يتحدث عن غضبه من مدير الكرة بالأهلي وعروض الزمالك.. ورأيه في كأس العالم للأندية    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تلهم العالم..
وتفتح بالدستور بوابات المستقبل

أمة علمها حب الوطن كيف تبني وتعلو فوق المحن.. هذه هي الأمة العظيمة التي نشرف بالانتماء إليها, والتي تخطو بثبات لتعلو فوق كل المحن السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي خلفها عصر الظلم والفساد, وتدهور المكانة في زمن الرئيس المخلوع مبارك
وضاعفها العام الذي حكمه الرئيس المعزول وجماعته الإرهابية, حيث سجلا فشلا مروعا علي جميع الأصعدة, وعبثا مخربا للدولة, وللوحدة الوطنية, وللحريات السياسية والشخصية, وتأسيسا لقواعد الإرهاب الأسود الذي تصارعه مصر في الوقت الراهن, وستعصف به بكل تأكيد, لأن التاريخ ببساطة لم يسجل انتصار أي عصابة إرهابية في مواجهة شعب وجيش وشرطة أي بلد.
والخطوة العملاقة الأولي التي تخطوها مصر لتؤسس نظاما سياسيا اقتصاديا اجتماعية يرتقي لقيمتها وقامتها الحضارية التي تفوق ما عداها, هي هذا المشروع الدستوري الرائع الذي يفتح بوابات المستقبل, ويؤسس للاستجابة لمطالب الحرية, والكرامة الإنسانية, والعيش( التنمية الاقتصادية, والتشغيل, ومكافحة الفقر), والعدالة الاجتماعية, التي شكلت الشعارات الرئيسية للثورة المصرية الكبري في25 يناير, وموجتها الثانية الهائلة في30 يونيو, اللتين أذهلتا العالم, ولم لا وقدر هذه الأمة العظيمة أن تحترف صناعة التاريخ, وإيجاد المسارات للدنيا بأسرها, منذ أن دقت ناقوس بداية الإنسانية وحتي الآن, ومن يرد أن يتأكد فليتابع المظاهرات الكبري التي شهدتها أوروبا والولايات المتحدة عقب ثورة25 يناير في مصر, في مواجهة توحش وجشع الرأسمالية, اللذين تسببا في الأزمة الاقتصادية العالمية الهائلة التي مازالت تداعياتها مستمرة منذ ما يقرب من ستة أعوام, فقد رفعت تلك المظاهرات شعارات ثورة مصر, وأعلنت بإجلال نموذجها الثوري القائم علي الإرادة السلمية للشعب القادرة علي الانتصار علي أعتي النظم الاستبدادية, وتكرر الأمر نفسه في بعض دول الإقليم مثل تركيا, التي شهدت مظاهرات عملاقة ضد استبداد وفساد حكم رئيس الوزراء, وتجاوزه الفج علي السلطة القضائية, وعلي أجهزة الدولة, علما بأنه تجاوز كل حدود الأعراف الدبلوماسية في تدخله المشين في الشأن الداخلي لمصر, دعما لتنظيم الإخوان الإرهابي, الذي يعد جزءا من التنظيم الدولي الذي ينتمي أردوغان إليه, لكن مصر الكبيرة القائدة في إقليمها, عملت علي حفظ كرامتها الوطنية, ووقفت بحسم في مواجهة تلك التدخلات, وأكدت في الوقت نفسه متانة وقوة العلاقة بين الشعبين المصري والتركي, ولم تنزلق إلي محاولات أردوغان للإساءة إليها.
وعودة لمشروع الدستور الذي يشكل علامة فارقة في تاريخ مصر الدستوري, فإن إعداده تم من خلال لجنة تأسيسية ممثلة للأمة, في سياق عملية ثورية وديمقراطية شاركت فيها التيارات الرئيسية في المجتمع, وتم تمثيل كل مكونات الأمة في تلك اللجنة, علي عكس اللجنة التأسيسية التي وضعت دستور جماعة الإخوان الإرهابية عام2012, التي سيطر عليها فصيل واحد وحلفاؤه المتاجرون بالدين, وتم اختطافها من خلال الحصار الإرهابي للمحكمة الدستورية العليا لمنعها من البت في دستوريتها, ووضعت في النهاية دستور2012 المشوه, والفاتح لعصر ظلامي كان يهدد بتخريب مستقبل واستقرار ووحدة بنيان الأمة, ويهدد بإعادة بناء نظام ديكتاتوري بسلطات مطلقة للرئيس, ولا يضمن الحقوق الاقتصادية الاجتماعية للشعب المصري.
وبرغم الأهمية العظمي للدستور, فإن تحويل مبادئ الدستور إلي قوانين تحقق مطالب الشعب وثورته, تعتمد علي حسن الاختيار في انتخابات الرئاسة والبرلمان, لإيصال من انتصروا لثورة الشعب, ومن ينتصرون لمطالبه إلي السلطتين التنفيذية والتشريعية, وهي مهمة علي الشعب أن يستكملها بنفس الروح الوثابة المحبة للوطن, والمؤمنة بمبادئ ثورته, وبقدرته علي البناء, وفتح بوابات المستقبل بعزيمة فولاذية, وصحيح أنه من بين247 مادة هناك بعض المواد التي تقل عن عدد أصابع اليد الواحدة تتسم بصياغات أقرب للديباجة, وهناك تحفظات علي بعضها, وكان من الممكن أن تكون أفضل, إلا أن مشروع الدستور المعدل في مجمله هو مشروع رائع يستجيب للجوانب الأساسية من طموحات الشعب وثورته بصورة تتجاوز كل ما شهدته مصر من دساتير سابقة, ونأمل أن يتم تعديل تلك المواد في مجلس النواب المقبل, أو الاستناد إلي المبادئ العامة الجيدة التي ترسيها, وإصدار قوانين تحقق ما نرجوه, بالذات فيما يتعلق بالضرائب, ومياه النيل, ومنع ملكية غير المصريين للأراضي الزراعية في مصر, ووضع حد أقصي للملكية الزراعية لتحقيق درجة مقبولة من العدالة في القطاع الزراعي, وإتاحة الفرصة للفلاحين المعدمين لامتلاك الأرض, وهو إجراء رأسمالي يختلف عن تأميم الأرض, وملكية الدولة لها في النظم الاشتراكية.
وبداية من الديباجة هناك حالة عميقة من الانتماء للميراث الحضاري الهائل لمصر بكل مراحله, لينتقل مباشرة إلي مواد تحمي سيادة ووحدة وأرض الدولة, وهويتها, ولغتها, وسيادة الشعب ووحدته الوطنية القائمة علي المساواة والعدل بين كل المواطنين, ومرجعية الدين الإسلامي باعتباره المصدر الرئيسي للتشريع, ومرجعية شرائع المسيحيين واليهود في تنظيم أحوالهم الشخصية والدينية, واختيار قياداتهم الروحية.
ويرسي هذا المشروع الدستور قواعد احترام حقوق وحريات وكرامة الإنسان, وقيم التنوير والتحديث, وحريات الإبداع في جميع المجالات, كما يرسي أسس التعددية السياسية, وحرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية, واحترام حريات الصحافة والإعلام عموما, لتعزيز الدور الرقابي للإعلام, وتمكينه من أن يكون صوت الشعب وبصره من أجل الوصول للحقائق, وإعلاء مصلحة الوطن, كما يرسي هذا المشروع الدستوري الأسس الراسخة لتداول السلطة سلميا, والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والتوازن بينها, لينهي عهود الاستبداد, وحكم الفرد مطلق السلطات إلي غير رجعة, وليؤسس لبناء نظام سياسي ديمقراطي يحقق شعارات الثورة المتعلقة بالحرية والكرامة الإنسانية, التي شكل الاعتداء عليها سببا رئيسيا في انفجار الثورة.
وفي سياق إعلاء مبدأ المساواة, يرسي هذا المشروع الدستوري أسسا لم تشهدها كل الدساتير السابقة في مصر فيما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل, وبين كل المصريين أيا كان دينهم, أو لونهم, أو أصلهم العرقي.
كما أنه يرسي مبادئ قوية لحماية كل الفئات الأولي بالرعاية من الفقراء, والأطفال, والنساء المعيلات, والمسنين, وذوي الاحتياجات الخاصة, والأقزام, بصورة فارقة, وفي عدد كبير من المواد تعكس توجها حقيقيا نحو حماية هذه الفئات.
كما يحمي هذا المشروع الدستوري الثروة الحضارية والأثرية المصرية, التي تفوق كل ما عداها بنصوص قوية تجرم الاعتداء علي الآثار وسرقتها, والاتجار فيها, وتمنع سقوط هذه الجرائم بالتقادم.
ومن أهم ما جاء به مشروع الدستور المعدل, الانتصار للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب, التي تشكل استجابة معقولة لمطالب الثورة بالعيش, والعدالة الاجتماعية, وإذا كانت تلك العدالة الاجتماعية قد شكلت مطلبا رئيسيا للثورة, فإنه ظل مطلبا غائبا عن أولويات حكومات ما بعد الثورة, شأنها شأن حكومات مبارك, إلي أن بدأت أولي الإرهاصات المتعلقة بنظام الأجور, بفضل ضغط أصحاب المصلحة, وعدد من الوزراء في الحكومة يؤمنون بعمق بالعدالة الاجتماعية كأساس للسلام الاجتماعي القائم علي التراضي, وليس القمع.
ويضع مشروع الدستور المعدل أسسا شديدة التمييز في هذا الشأن, حيث أشار في المادة27 إلي وضع حد أدني للأجور والمعاشات يكفي لحياة كريمة, وحد أقصي للأجر للعاملين لدي الدولة, وأغلق باب الاستثناءات من الحد الأقصي نهائيا, علما بأن دستور2012 كان يقر في المادة14 وجود استثناءات من الحد الأقصي للأجور, حيث نص علي أنه يستثني من الحد الأقصي بقانون, فاتحا الباب أمام وجود رواتب أسطورية تلتهم جانبا مهما من مخصصات الأجور, وما في حكمها بالنسبة للعاملين لدي الدولة, وتكرس حالة من الظلم الاجتماعي غير المقبول, وهذا ما أنهاه مشروع الدستور المعدل بصورة فارقة عن كل الدساتير السابقة.
وفي المادة17 نص مشروع الدستور المعدل لأول مرة علي أن أموال التأمينات هي أموال خاصة تتمتع بكل أوجه الحماية المقررة للأموال العامة, وهي وعوائدها حق للمستفيدين منها, وتستثمر استثمارا آمنا, وتديرها هيئة مستقلة, وهذا النص سينهي عبث سيطرة الحكومة علي أموال التأمينات واستغلالها لزمن طويل بفائدة متدنية عن الفائدة السائدة في السوق, مما أدي إلي تدني مستويات المعاشات بصورة غير أخلاقية, وغير مقبولة, ومن المؤكد أن هذا النص الدستوري الفارق سوف يفتح الباب لحسن استثمار أموال التأمينات بصورة آمنة وعالية العائد, بما سيمكن هيئة التأمينات من تقديم معاشات محترمة لأرباب المعاشات.
وفي المادة18 تم النص علي إلزام الحكومة بتخصيص نسبة3% علي الأقل من الناتج القومي الإجمالي للإنفاق العام علي الصحة, علي أن تتزايد هذه النسبة تدريجيا حتي تصل للمعدل العالمي البالغ6.6% من الناتج العالمي, وهو نص ملزم يجعل أي حكومة أو مشروع للموازنة لا يلتزم به غير دستوري, ويحدد نسبة الإنفاق العام علي الصحة تعادل متوسط الإنفاق العام علي الصحة في الدول النامية التي تعتبر مصر واحدة منها, علما بأن حكومة الرئيس المعزول د. محمد مرسي قد خصصت32.7 مليار جنيه للإنفاق العام علي الصحة, تعادل مجرد1.6% من الناتج, شأنها شأن حكومات مبارك, أما النسبة التي وضعها مشروع الدستور المعدل(3%) فإنها لو كانت مطبقة في تلك الموازنة, لبلغ الإنفاق العام علي الصحة61.5 مليار جنيه,, وهي زيادة هائلة تضمن تحقيق الرعاية الصحية الحقيقية والشاملة للفقراء, ولكل الشعب في المستشفيات العامة, وتضمن تطوير تجهيزات ومعدات المستشفيات, وتضمن تقديم أجور كريمة للأجهزة الطبية والتمريضية والإدارية والعمالية بقطاع الصحة, وإلزامها بالتالي بالعمل فقط في المستشفيات العامة, والتفاني في خدمة الشعب, فإصلاح نظام الأجور دون إصلاح نظام العمل والتشوهات التي لحقت به لسنوات طويلة, سيعني كارثة استنزاف المالية العامة دون تقديم عمل وجهد وناتج يقابلها.
وفي المواد الخاصة بالتعليم من المادة19 حتي المادة22, ينص مشروع الدستور المعدل علي مجانية التعليم في كل المراحل, وعلي تخصيص6% من الناتج القومي كإنفاق عام علي التعليم, من4% للتعليم قبل الجامعي, و2% للإنفاق علي التعليم الجامعي, علما بأن ما خصصه الرئيس المعزول فعليا للإنفاق العام علي التعليم الجامعي وقبل الجامعي يقل عن4% من الناتج, ولو طبقت النسبة التي وضعها مشروع الدستور المعدل لارتفعت موازنة التعليم بمقدار40 مليار جنيه, لتبلغ نحو122 مليار جنيه, وهي طفرة تتيح تطويرا هائلا لمنظومة التعليم إجمالا, عبر تقديم أجور كريمة للأجهزة التعليمية والإدارية والعمالية بقطاع التعليم بكل مستوياته, وتطوير المعدات والأجهزة والمعامل والمناهج, وتطوير وتوسيع الأبنية التعليمية, وتخفيف كثافة الطلاب بالفصول, وهذا الإصلاح لأجور الجهاز التعليمي لابد أن يترافق مع ضوابط صارمة لعمل وكفاءة الجهاز التعليمي, وتجريم الدروس الخصوصية بصورة رادعة, والاكتفاء بفصول تقوية في المدارس, وتحت إشراف الوزارة, لإنقاذ الأسر المصرية من المدفوعات الهائلة المتعلقة بالدروس الخصوصية, كما نصت المواد الخاصة بالتعليم علي مد سن التعليم الإلزامي حتي الثانوية العامة أو الفنية, أي سن ال18 سنة, بما يبشر بإمكان إنهاء الأمية في مصر, التي علمت الدنيا الكتابة منذ فجر التاريخ!
كما يقدم مشروع الدستور المعدل مبادئ عظيمة وعادلة لحماية حقوق ومصالح الفلاحين والصيادين في المادتين29 و30, وهي مبادئ تحتاج للاستكمال بنصوص قانونية قوية من مجلس النواب المقبل علي النحو الذي أشرت إليه آنفا.
أما المبادئ العامة للنظام الضريبي التي وضعها مشروع الدستور المعدل, وهي تعدد الشرائح الضريبية وتصاعدها تبعا للمقدرة التكليفية لدافعي الضرائب, وتعدد مصادر الضرائب, فهي مبادئ إيجابية, لكنه كان من الضروري النص علي فرض ضرائب علي الثروات الناضبة لمصلحة الأجيال المقبلة, وعلي فرض ضرائب علي المكاسب الرأسمالية المعفاة من الضرائب, وعلي دخول كل الضرائب والرسوم العامة إلي الخزانة العامة للدولة, وهي إضافات يمكن لمجلس النواب المقبل أن يضيفها إذا تم انتخاب مجلس ينتصر لهذه المطالب العادلة, وهو أمر بيد الشعب أولا وأخيرا.
كما وضع مشروع الدستور المعدل نصوصا أكثر قوة ووضوحا عما سبقه من دساتير لحماية حق المواطنين في الحصول علي فرص للعمل تمكنهم من كسب عيشهم بكرامة, وحقهم في الحصول علي الوظائف العامة بصورة عادلة, تعتمد علي الكفاءة والجدارة دون وساطة أو محسوبية, كما وضع مشروع الدستور أسسا قوية لضمان حق المواطنين في السكن, وألزم الحكومة بتطوير العشوائيات.
ويضع هذا المشروع الدستوري قواعد ملهمة للتعامل مع الثروات الطبيعية كأساس للنهوض الصناعي الذي يشكل أملا ومخرجا للاقتصاد المصري لتجاوز الوضع الراهن, وتحقيق اختراق اقتصادي حقيقي يضع مصر في المكانة اللائقة بقيمتها وقامتها الحضارية العظمي.
وانتصارا لقيمة العلم والتحديث, التي تتجلي في براءات الاختراع والتقنيات الإنتاجية الجديدة التي تؤدي إلي رفع إنتاجية العمل ورأس المال, ورفع مستويات الدخول, نصت المادة23 علي تخصيص نسبة لا تقل عن1% من الناتج القومي الإجمالي للإنفاق علي البحث والتطوير العلميين, علي أن تتصاعد تدريجيا حتي تصل إلي المعدلات العالمية التي تبلغ2.5% من الناتج العالمي, والنسبة التي وضعها مشروع الدستور تعادل تقريبا تلك التي تخصصها الدول النامية والتي تبلغ1.1% من ناتجها, وهذه النسبة تعادل عشرة أمثال ما كان يخصص للإنفاق العام في هذا المجال في عهدي مبارك ومرسي, ولو طبقناها علي الموازنة العامة للدولة لعام2014/2013 لبلغ الإنفاق علي البحث العلمي نحو20 مليار جنيه, وهو ما سيمكن مصر من تطوير مؤسساتها البحثية, وإمدادها بأحدث المعدات, وتقديم رواتب كريمة للعلماء, وتمويل كاف للأبحاث العلمية, وفتح بوابات التقدم العلمي والتقني الذي يمكن أن يعفي مصر من فقدان جانب هائل من ثرواتها الطبيعية من النفط, والغاز, والذهب التي يتم استقدام شركات أجنبية لاستخراجها, وتحصل مقابل ذلك علي أكثر من نصف احتياطيات مصر من تلك الموارد الطبيعية.
ويمكن القول إجمالا: إن مشروع الدستور المعدل للاستفتاء ينتصر للقيم الأساسية لثورة25 يناير, وموجتها الثانية الهائلة في30 يونيو, ويستحق من الشعب المصري أن يعيد حشوده الأسطورية غير المسبوقة في تاريخ العالم, التي أبهرت الدنيا في30 يونيو للزحف علي لجان الاستفتاء من أجل إقرار هذا المشروع الدستوري الرائع ليصبح دستورا نؤسس عليه نظامنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي, ونعدل فيه بما يتوافق مع كل ما ينتصر لحقوق الشعب, ومطالب ثورته, ومهما تحاول قوي الظلام أن تعرقل مسيرة الشعب, فإنها لا تعدو كونها كزبد البحر الذي يذهب غثاء, فلم يسبق كما ذكرت أن انتصرت عصابة علي شعب وجيش وشرطة في بلد يتقدم نحو رحابة المستقبل بإرادة فولاذية, وبعزم لا يلين.
لمزيد من مقالات أحمد السيد النجار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.