بعد سبعة أشهر من بداية فصول الأزمة السياسية المشتعلة في كمبوديا بين حكومة هان سين رئيس الوزراء وحزب الإنقاذ الوطني المعارض, وتصاعدها لينضم العمال إلي المعارضة بسبب عدد من المطالب من أهمها زيادة الأجور, أسدلت السلطات الكمبودية الستار بالقوة علي هذه المظاهرات اليومية في ميدان الحرية بوسط العاصمة بنوم بنه. هان سين الذي حكم المملكة بقبضة من حديد حوالي30 عاما, قرر بعد شهور من الصمت علي المظاهرات المطالبة بإسقاطه, استخدم آلته القمعية, لتشديد قبضته في وجه خصومه, ومحاولا إنهاء واحدة من أخطر التحديات التي واجهته طوال سنوات حكمه الطويل. فقبل ساعات من إعلان الحكومة حظر مظاهرات المعارضة' حتي إشعار آخر', قام المئات من قوات مكافحة الشغب بتفريق تجمع لعمال النسيج أسفر عن سقوط خمسة قتلي يوم الجمعة الماضي, في أخطر أعمال عنف تشهدها المملكة الجنوب آسيوية منذ15 عاما. كما استدعي القضاء قادة حزب' الإنقاذ الوطني' المعارض لاستجوابهم بشأن شبهة التحريض علي الاضطرابات الأهلية. ومن المنتظر أن يمثل سام راينسي زعيم الحزب ومساعده كيم سوخا أمام المحكمة البلدية يوم الثلاثاء القادم. قادة المعارضة رأوا في تلك المحاكمة' فرصة لكشف الحقيقة', وكيف أن هان سين سرق' الانتخابات' ليواصل استبداده وحكمه غير الشرعي. أما الحكومة الكمبودية, من جانبها, فقد دافعت عن استخدام القوة ضد المتظاهرين, واتهمت حزب المعارضة الرئيسي بتشجيع العمال علي القيام بأعمال شغب ضد قوات الأمن مما أدي إلي إصابة العشرات من رجال الشرطة. وللوهلة الأولي, تظهر المؤشرات الأولية أن الحكومة تمكنت من قمع اتحاد' المعارضة والعمال' ضدها باستخدام القوة المفرطة, إلا أنها لم تستطع أن تقدم, في الوقت نفسه, حلولا للأسباب التي اندلعت بسببها هذه الاضطرابات. المعارضة تري أن الحكومة قامت بتزوير الانتخابات التي جرت في يوليو الماضي, وطالبت بضرورة إجراء انتخابات جديدة. بينما يشتكي العمال من سوء أوضاع العمل وضعف الأجور. العامل الكمبودي يتقاضي80 دولارا شهريا, ووعدته الحكومة بزيادة قدرها20 دولارا أخري تبدأ خلال الشهر الحالي, إلا أن النقابات والعمال رفضوا هذا العرض, وطالبوا بمضاعفة الحد الأدني للأجور إلي160 دولارا. الحكومة الكمبودية تتجاهل حقوق650 ألف عامل يعملون في قطاع النسيج الذي يجلب لها مليارات الدولارات سنويا. زعيم المعارضة الذي أعلن أنه سيدافع عن نفسه خلال محاكمته الوشيكة- أكد أن حكومة هان باستخدام أعمال العنف تقوم ب' محاولة غير مقبولة لكسر الحركة العمالية وتدمير الديمقراطية الصاعدة في كمبوديا'. وعلي الرغم من أن المعارضة تراجعت عن تنظيم مظاهرات جديدة بعد الهجوم الدموي علي المتظاهرين والحملة القمعية ضد رموزها, إلا أنها عادت لتؤكد علي مطالبها العادلة بإجراء انتخابات جدية للمواطنين الكمبوديين والحصول علي حد أدني' مشرف' لرواتب العمال.