أمي الحبيبة, اشتقت إلي دفئك وأحضانك, اشتقت إلي نيلك الصافي وشمسك الساطعة, اشتقت إلي مواويلك ووجهك الطيب وحنانك الدافق. أبحث عنك وقد أضناني الفراق, وعذبني الإحساس بالاغتراب, أبحث عنك في ساعة العصاري ولمة الأحباب, ويبحث معي جميع أبنائك ضحايا سنوات الفساد والاستبداد, والزيف والتضليل. ضحايا سنوات عجاف جرفت نفوسهم من كل معاني الحب والانتماء. سنوات غاب فيها العدل والصدق وساد الظلم والرياء, وكان النفاق والكذب تذكرة الوصول إلي المكانة العالية, والعمل والجدية جريمة يعاقب عليها من يضبط متلبسا بها. سنوات غاب فيها الفكر العلمي الجاد وساد فيها الفكر السطحي المتسلق الذي زيف الوعي وخدر العقول. سنوات افتقدت فيها القدوة الصالحة, وصارت القدوة ساقطة في ثوب ضحية, أو لص متسلق في ثوب رجل أعمال عصامي, أو مفكر منافق يرتدي مسوح القديسين والشرفاء, أو رجل دين يتاجر بدينه ويشتري بآياته ثمنا قليلا. لقد تاه أبناؤك يا أمي في هذا الفراغ الفكري, والتقطتهم أيدي الغدر والإرهاب مستغلة فقرهم الفكري والمادي, وملأت عقولهم بأفكار مسمومة, ولوثت فطرتهم الصافية النقية بمعتقدات مغلوطة, وبثت في نفوسهم كراهية الأم الرءوم. ولكن رغم كل ذلك يا أمي الحبيبة ورغم عتابنا بأنك تركتينا لقمة سائغة لهؤلاء الموتورين,سنعود إلي حضنك الحنون.., ضمينا بقوة ولا تتركينا مرة أخري. يا أمي الحبيبة يا مصر. المستشار يوسف رضوان رئيس محكمة الاستئناف العالي