لا اعتقد أنني أبالغ إذا قلت أن إحدي الطعنات الخطيرة التي توجه اليوم إلي قلب مصر, هي ما يحدث في الأزهر, ولن أكرر هنا ماذكرته في كلمات سابقة(11/23) حول مكانة الأزهر السامية مصريا وعربيا و إسلاميا و دوليا! وحول دوره العظيم في تاريخ مصر الوسيط و الحديث. إن جوهر المأساة التي نشهدها اليوم هو أن الأزهر الذي يفترض أنه المعبر الأول عن وسطية و اعتدال وتحضر الدعوة الإسلامية, وأن دعوته هي النقيض الكامل للدعوة الإخوانية المتطرفة و المخربة, يتعرض الآن لعملية سطو مسلح من الإخوان, ليس الأزهر كمؤسسة إسلامية مصرية عريقة, فهو مايزال بحمد الله- قويا و شامخا, وأنما جامعة الأزهر التي تسلل إليها الإخوان مثل الورم الخبيث, الذي تطالعنا الآن صور آثاره الكارثية صباح كل يوم! إن ذلك الذي يحدث, يدعوني لأن أطرح إقتراحا, أرجو أن يتقبل بأقصي قدر من الموضوعية والتجرد والتأني, وهو إعادة النظر في القانون رقم103 لسنة1961 الذي أنشئت بمقتضاه كليات التعليم المدني الحديث بالأزهر(الطب والهندسة والعلوم.....إلخ) وفصل هذه الكليات تماما عن الأزهر لتضمها جامعة مدنية مستقلة, تحت أي مسمي أخر! لماذا أقول ذلك ؟ أولا: لأن الغرض الذي أراده الرئيس الراحل عبد الناصر من تخريج أزهري مهني, يجمع بين العلوم الدينية و المدنية, ويمكن أن يكون مبعوثا أزهريا من نوعية جديدة, لم يتحقق. ثانيا: أن ظهور كليات التعليم المدني تلك أثرت بالضرورة علي نوعية الذين يتوجهون لكليات التعليم الديني و اللغوي التقليدية( أصول الدين, والشريعة, واللغة العربية) التي يفترض أنها درة التعليم الأزهري الأصلي و التاريخي, والتي لا ينازع الأزهر فيها منازع!. إن تلك الكليات وطلابها ينبغي أن يكونوا هم الأولي بالرعاية والإهتمام, كما ينبغي الإجتهاد لكي تكون جاذبة لأفضل العناصر الطلابية الأزهرية علما وخلقا وموهبة, لكي نعود إلي ذلك الأزهري العالم بدينه و لغته علي أفضل مايكون, المعتز بذاته والفخور بجامعته, الذي حمل دائما مشعل الإعتدال والإستنارة الإسلامية الحقيقية, قبل أن يختطفها صبية الإخوان, الذين يشعلون الحرائق اليوم في جامعة الأزهر, ولكنهم أبدا لن ينالوا من الأزهر وتاريخه العظيم. لمزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب