هل يعقل ان يتم تجاهل فترة من تاريخ مصر تزيد علي ستة قرون ؟! هذه هي حال التراث القبطي او ما يسمي في الجامعات العالمية علم القبطيات اوcoptology, حيث تخلو الجامعات المصرية تماما من هذا التخصص, ويقتصر الامر علي تدريس شذرات متفرقة في الكليات المختلفة ضمن تخصصها الاصلي,رغم ان مصر البلد الوحيد صاحب هذا التراث.. المشكلة كما يراها الدكتور لؤي سعيد- مدير مركز الدراسات القبطية بمكتبة الاسكندرية- ان هناك تصورا عاما خاطئا بان التراث القبطي هو تراث ديني يخص الكنائس والاديرة, فالتراث القبطي ببساطة هو تراث حضاري يضم الفن والموسيقي والعمارة والاثار واللغة والادب والعادات والتقاليد في مصر فيما قبل دخول الاسلام, اي انه تراث يخص المصريين في تلك الفترة, سواء كانوا معتنقين للديانة المسيحية او غيرها من المعتقدات. ويتابع الدكتور لؤيلانجد كلية تدرس الادب القبطي مثلا, وفي كلية الاثار يمر الطلبة في قسم الاثار الاسلامية علي الاثار القبطية بشكل عابر, ولهذا نعتبر التراث القبطي تراثا مهملا بلا صاحب, حتي اصبح هذا الجانب من الحضارة المصرية مظلما ومظلوما, وحتي في كتب التاريخ المدرسية يأتي ذكره في صفحات معدودة., وللاسف فان الباحث عن هذا التراث لا يجد أمامه سوي الكنائس والاديرة, وفي النهاية لا يتعرف سوي علي الجانب الديني واللاهوتي. من هنا سعي الدكتور لؤي الي انشاء دبلومة الدراسات القبطية بالتعاون بين كلية الاثار بجامعة الفيوم لتكون جهة اعتماد, فيتحقق الطابع الاكاديمي, بينما يستضيف المركز الثقافي الفرنسيسكاني بالعمرانية المحاضرات, ويعتبر الدكتور لؤي موافقة الكلية علي اعتماد الدبلومة ثورة في الجامعة بعد نضال وسعي من جانبه لادخال مثل هذا التخصص في الجامعات المصرية, ولا يتبقي سوي موافقة المجلس الاعلي للجامعات علي اعتماد الدبلومة, ومن ثم يكون من حق الحاصلين عليها العمل في وزارة الاثار, او تدريس ذلك التخصص في الجامعة. الراهب ميلاد شحاتة- مدير المركز الفرنسيسكاني يكشف عن مفارقات رائعة في فصول دراسة الدبلوم, فيقول08% من الدارسين مسلمون, ومن بين21 مدرسا واستاذا يوجد8 مسلمين, الامر الذي يؤكد ان مجالات الدبلومة بعيدة عن العقيدة المسيحية او الاكليروس النظام الكهنوتي الخاص بالكنائسوانما تتناول البعد الثقافي والحضاري, فالادب القبطي ليس ادبا دينيا, وترميم الايقونات ليس عملا دينيا. اول دفعة كان قد بدأت الدراسة في فبراير الماضي والان هي في التيرم الثاني من اصل اربعة, و مؤخرا دخلت دفعة جديدة, ليصبح عدد الطلبة نحو35 طالبا, أما اعمارهم فتتراوح بين العشرينسات والخمسينسات وتتعدد مجالات اعمالهم ما بين فنانين تشكيليين ومرشدين سياحيين واثريين وقد نجد مستشارا قانونيا او ضابط شرطة فضلا عن اباء وكهنة, وليس شرطا ان يدرس الطالب كل المواد بل يختار تخصصا بعينه يستهويه اذا لم يكن يريد الحصول علي الدبلومة.