وزير الاتصالات يشهد ختام منافسات المسابقة العربية الأفريقية للبرمجيات ACPC    ما الذي يريده زيلينسكي لإنقاذ كييف؟.. مستشار بالمعهد الوطني الأوكراني يُجيب    موعد ودية منتخب مصر أمام نيجيريا والقناة الناقلة    ضبط مفرمة لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي بحي الوراق    رئيس اتحاد كتاب مصر ينعي محمد صابر عرب.. رحيل قامة ثقافية ووزير ثقافة مصر الأسبق    التعليم: إجراءات قانونية ضد كل من ثبت تقصيره في حادثة مدارس النيل الدولية    ألافيس ضد الريال.. الملكي يتقدم في الشوط الأول عن طريق مبابي    أخبار كفر الشيخ اليوم.. المشدد 15 سنة لشاب أنهى حياة آخر بإحدى قرى قلين    المجتمعات العمرانية الجديدة: سحب الأعمال من شركات المقاولات المتقاعسة بالعلمين الجديدة وإسنادها إلى شركات أكثر كفاءة    لميس الحديدي: أزمة أرض نادي الزمالك تدخل منعطفًا خطيرا    الوطنية للانتخابات تعقد مؤتمراً عن تصويت المصريين بالخارج    الخطيب يهنئ «سيدات السلة» ببطولة إفريقيا    القس أندريه زكي يختتم زيارته الرعوية للمنيا بخدمة روحية في الكنيسة الإنجيلية الثانية    متحدث الطب البيطري بالزراعة: الحيازة العشوائية من أسباب انتشار الكلاب الخطرة    الضفة.. جيش الاحتلال يقرر هدم 25 مبنى جديدا بمخيم نور شمس    كمال أبو رية ينضم ل «فن الحرب» بطولة يوسف الشريف | رمضان 2026    مناقشة مستقبل المكتبات والمتاحف في العصر الرقمي بمعرض جدة للكتاب    نقيب التشكيليين وشاليمار شربتلي يفتتحان معرض الفنان عبدالحليم رضوي.. صور    محافظ مطروح يكرم المتميزين بقطاع الصحة (صور)    فرحة لم تكتمل.. مصرع عريس بعد 45 يومًا من زفافه بالصف    طارق بن شعبان: قرطاج السينمائي يدعم سينما المؤلف الملتزمة بالقضايا الإنسانية    هل تصح صلاة المرأة دون ارتداء الشراب؟.. أمين الفتوى يوضح    محفظ قرآن بالأقصر يسجد شكرا لله بعد فوزه برحلة عمرة مجانية ويهديها لوالدته    كنيسة القديس مار مرقس الرسول بدمنهور تعقد لقاء بعنوان "النجاح في حياة زوجة الأب الكاهن"    العثور على جثة رضيع حديث الولادة بقنا    مصر تدين الهجمات على مقر بعثة الأمم المتحدة بمدينة كدوقلي في السودان    مدرب بصالة ألعاب يعتدى على شاب لخلاف على قيمة مشروبات ببولاق الدكرور    بحضور كمال وزكي.. وزير العمل يستقبل وفد لجنة الطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ    كرة القدم وكأس العرب «1»    الإفتاء: التنمر عدوان محرم شرعًا.. وإيذاء الآخرين نفسيًا إثم مبين    مسئولو الإسكان يتابعون سير العمل بالإدارة العقارية بجهاز مدينة دمياط الجديدة    باحث سياسي: حادث سيدني هزَّ المجتمع الأسترالي بأسره    البورصة تختنم تعاملات اليوم بارتفاع جماعي وربح 7 مليارات جنيه    «عبد الهادي» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أسوان التخصصي    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    عملية أمنية ضد خلايا داعش في ريف حمص بعد هجوم على قوات أمريكية    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    وفاة طفلة دهسا تحت عجلات القطار في محافظة أسيوط    محافظ المنوفية يلتقى رئيس الجامعة للمشاركة في الإحتفال السنوي للجامعة والتنسيق للمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    فيفا يعلن عن تفاصيل حفل جوائزه لعام 2025 في قطر    معاك يا فخر العرب.. دعم جماهيري واسع لمحمد صلاح في كاريكاتير اليوم السابع    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    في قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق المهرجان القومي للتحطيب واحتفالات اليوم العالمي للغة العربية    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    ألمانيا: إحباط هجوم مخطط له فى سوق لعيد الميلاد واعتقال خمسة رجال    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    سفراء التحكيم المصري في أمم أفريقيا يتوجهون إلى المغرب    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعبة أمريكا الكبري
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 12 - 2013

من يراقبون التدخل الأمريكي اليوم في منطقة الشرق الأوسط, يفتقدون إلي فصل هام, هو فعليا أول فصول محاولات التدخل الأمريكي في المنطقة,
بعد رحيل القوي الامبريالية العظمي, خاصة الاستعمار البريطاني والفرنسي, هذا الفصل السري, والمدهش, يقدمه كتاب لعبة أمريكا الكبري الذي يتناول المغامرات المبكرة والمريرة لعملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية, بعد الحرب العالمية الثانية, هؤلاء الذين سعوا لتشكيل دول المنطقة بعد استقلالها بناء علي روايات بطولات خيالية, وافتتان بصورة لورانس العرب.
يسرد المؤرخ الأكاديمي, هيو ويلفورد, المتخصص في تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية, فصلا مجهولا, عن بدايات تدخل الوكالة العميق في منطقة الشرق الأوسط, عندما كانت سياسة الولايات المتحدة مختلفة تماما عن ما هي عليه الآن, فكانت في البداية تسعي للظهور وكأنها مؤيدة للعرب وصراعهم من اجل التحرر, ومعادية للصهيونية, تلك السياسة, كما يروي ويلفورد في كتابه الجديد لعبة أمريكا الكبري: المستعربين السريين لوكالة الاستخبارات المركزية وتشكيل الشرق الأوسط الحديث والذي صدر في أوائل الشهر الحالي, كانت الخطة المبكرة للولايات المتحدة لفرض نفوذها علي المنطقة, وقام بتنفيذها ثلاثة من الشباب الطموح الذي عمل لصالح لوكالة المركزية في سنوات تشكلها الأولي.
يعتمد ويلفورد في كتابه علي وثائق حكومية أمريكية نزع عنها مؤخرا صفة السرية, وأوراق شخصية ومذكرات لأبطال كتابه الثلاث, الذين يسميهم الجيل الأول من ضباط وكالة الاستخبارات المركزية في الشرق الأوسط.
هذا الثلاثي, كون من كيرميت روزفلت حفيد الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت, الذي كان يرأس قسم الشرق الأوسط في الوكالة في عهد ايزنهاور, وابن عمه ارشي روزفلت, وهو باحث في شؤون الشرق الأوسط كان رئيس محطة الوكالة في كل من بيروت ودمشق, والثالث هو مايلز كوبلاند, الذي لم يشارك زملاءه خلفيتهم الارستقراطية, ولكنه كان عازف جاز مغمور من الاباما, انضم للمجتمع الاستخباراتي, خلال مشاركته في الحرب العالمية الثانية, وكان متخصص في العمليات السرية, وترأس لفترة محطة الوكالة في دمشق.
وفقا لويلفورد, فان ما جمع بين المغامرين الثلاث, تأثرهم بالمبشرين البروتستانت الأمريكيين في دول المنطقة, والذين كانوا قد اقتربوا بشدة من العرب والمسلمين, وأصبحوا مستعربين, وأيضا تأثر شباب الوكالة الثلاثة بشدة, وافتتانهم بمغامر الإمبراطورية البريطانية توماس ادوارد لورانس, المعروف بلورانس العرب, وأدبيات ما سمي تاريخيا باللعبة الكبري التي كانت تمارسها كل من بريطانيا وروسيا في أسيا الوسطي في القرن التاسع عشر.
كانت فرصتهم للتواصل مع العرب في تلك الفترة,واستبدال الهيمنة الاستعمارية البريطانية بما أسموه تدخل أمريكي نظيف, هو إعلانهم دعم العرب والمسلمين في حربهم من اجل الاستقلال, وأنهم ضد إنشاء دولة إسرائيل, ومعاديين للصهيونية, فكان أن انشأوا جماعة أصدقاء أمريكا في الشرق الأوسط عام1951, وهي الجمعية التي كانت جبهة لوكالة الاستخبارات المركزية في مصر وسوريا ولبنان, وقيل بهدف معلن هو محاربة نفوذ اللوبي الصهيوني الوليد في الولايات المتحدة.
كيم روزفلت, علي سبيل المثال, كان القوة الدافعة وراء إطاحة الوكالة, برئيس الوزراء الإيراني المنتخب ديمقراطيا, محمد مصدق عام1953, وهو الانقلاب الذي شكل فيما بعد بشكل كارثي العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران, حيث كانت استعادة النظام الملكي الموالي للغرب, عن طريق الشاه, هو الذي سيشعل نيران غضب الإسلاميين في طهران, وسيؤدي في نهاية المطاف بالثورة الإيرانية التي إطاحة بالشاه في أواخر السبعينيات, وإعلان حكومة ثيوقراطية, لا تزال هي الحاكمة في طهران.
ويسخر الكتاب من المغامرين الثلاث, الذين سرعان ما تحاولوا من الظهور بمظهر المؤيدين للقومية العربية وتشجيع القادة العرب التقدميين, إلي المحاربين المهووسين بالقضاء علي هؤلاء القادة, فيذكر محاولات ارشي روزفلت المتكررة للإطاحة بالحكومة المؤيدة لعبد الناصر في سوريا, ومنها علي سبيل المثال, تشجيع حسني الزعيم علي الانقلاب العسكري علي الرئيس شكري القوتلي ورئيس حكومته الموالية لعبد الناصر, خالد العظم, عام1949 ولم يدم حكم الزعيم سوي ثلاثة اشهر فقط, انتهت بإعدامه, ولكنه فتح الباب أمام عشرين انقلابا تاليا في سوريا, وكان كوبلاند وفقا للمؤلف, قد تلقي وعدا من الزعيم بمرور خط أنابيب شركة النفط العربية الأمريكية عبر سوريا مقابل, تمكينه من الحكم, إضافة إلي قبوله بالتواجد الإسرائيلي. ربما كان من أكثر الفصول إثارة في الكتاب هو الجزء الخاص بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر, وعلي لسانه يقتبس المؤلف الجملة التالية, التي قالها ناصرا ساخرا من ضابط الوكالة مايلز كوبلاند في أواخر الخمسينيات, حيث قال من سمات عبقريتكم أيها الأمريكيون, أنكم لا تقومون أبدا باتخاذ خطوات غبية واضحة, لكنكم تفضلون القيام بخطوات غبية معقدة في ذلك الوقت وفقا للمؤلف فقد كان لدي ناصر أسباب وجيهة للشماتة من كوبلاند, فقد راقب جمال عبد الناصر, الأخطاء الغبية التي قامت بها الخارجية الأمريكية والسي اي ايه في محاولات مستميتة للقضاء علي ما اعتبروه غرور الزعيم المصري, وارتكبوا وسط حالة من الغضب الهستيري تجاه الرجل الذي أصبح بلا منازع المتحدث باسم القومية العربية, والعدو الرئيس للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
ويذكر المؤلف علي سبيل المثال, أن كوبلاند راقب بافتتان شديد صعود عبد الناصر, وناضل من أجل عقد صداقة وثيقة معه, تخدم المصالح الأمريكية في المنطقة, ولكنه عندما مني بالفشل, ونقل فشله الي وزارة الخارجية, والتي كان وزيرها جون فوستر دالاس, أصبح الرجل مهووسا بالرغبة في اغتيال عبد الناصر, وأصبحت مهمة كوبلاند الأساسية في القاهرة هو التخلص منه بأي وسيلة, ويذكر ويلفورد, أن عملاء الوكالة التي كان يرأسها وقتها شقيق جون فوستر, الين دالاس, والمسئولين في وزارة الخارجية, كانوا قد أصبحوا يتعاملون مع هاجس دالاس, باعتباره نوع من الجنون أصاب الرجل, ودفع الوكالة إلي القيام بما لا يقل عن13 محاولة اغتيال فاشلة, منهم اثنين بالتعاون مع جماعة الإخوان, ومحاولات أخري لدس السم في شيكولاته محلية كان يتناولها الزعيم الراحل, وأخري عن طريق احد غازات الأعصاب عبر فتحات أجهزة التكييف في احد المؤتمرات, وقيل أيضا عبر حقنة انسولين, وغيرها من المحاولات الفاشلة, التي خطط لها كوبلاند نفسه, وهو الذي لم يتوقف بعد ذلك عن محاولات الانتقام من عبد الناصر, فنشر عام1969 كتابه لعبة الأمم الذي حاول فيه أن يوحي بان له علاقة بثورة23 يوليو وانه عاون عبد الناصر علي الإطاحة بالملك فاروق, وكان الكتاب من ضمن المحاولات الفاشلة لتشويه صورة عبد الناصر, والذي صدر بعدها عدة كتب ووثائق تؤكد رفض عبد الناصر المذل للتعاون شخصيا مع كوبلاند بل وسخريته منه طوال الوقت, وسخريته من محاولات شراؤه عبر3 ملايين دولار دفعت في شكل مساعدات لنظام عبد الناصر, استخدمها عبدالناصر لبناء برج القاهرة, وكأنها سخرية راسخة وممتدة, تذكر كوبلاند ودالاس دوما بوصف عبد الناصر لغباء الخطوات الأمريكية المعقدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.