ننشر أسماء المقبولين في مسابقة ال30 ألف معلم بمحافظة القليوبية    البابا تواضروس يترأس القداس من كنيسة العذراء بمناسبة يوبيلها الذهبي    توفير فرص عمل بالأردن برواتب تصل إلى 290 دينارا شهريا    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 24 مايو    أسعار البيض اليوم السبت 24 مايو    مدبولي: مرفق هيئة الإسعاف شريك أساسي في النظام الصحي    وزيرة البيئة: نسعى لاتفاق عالمي عادل لمواجهة التلوث البلاستيكي يراعي خصوصية الدول النامية    10 شهداء في قصف الاحتلال مدينتي جنوب قطاع غزة    زيلينسكي: فرض عقوبات جديدة على روسيا سيجبرها لتأييد وقف إطلاق النار    لماذا يصل تأثير زلزال كريت إلى سكان مصر؟.. خبير فلكي يجيب    مهندس صفقة شاليط: نتنياهو مدفوع باعتبارات سياسية ويمنع عمدا اتفاقا مع حماس    صحيفة أمريكية: إدارة ترامب تحاول إقناع الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم على الواردات الصينية    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام صن داونز بذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    فتحي سند يكتب: منظومة «خربانة»!    حرس الحدود بوابة سيراميكا للمربع الذهبي في الدوري    ماجد سامي: زيزو فقد لقب أسطورة الزمالك.. وإمام عاشور لا يُشبه الأهلي    متابعة امتحانات «النقل» بإدارة الروضة بدمياط    إنفوجراف| «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا الأحد 25 مايو 2025    السجن المؤبد لتاجر مخدرات بالإسكندرية ضبط بحوزته 1838 طربة حشيش    وصول المتهمين في واقعة انفجار خط غاز طريق الواحات لحضور أولى جلسات محاكمتهم.. ووالد أحد الضحايا: الإهمال لا يقل خطورة عن الإرهاب    رئيس بعثة الحج: وصول 6720 حاجا للمدينة المنورة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 7 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    بعد انتهاء التصوير.. "روكي الغلابة" في طريقه للسينمات بصيف 2025    أُحد يحبنا ونحبه.. هنا استشهد حمزة عم النبي في المعركة الشهيرة    «التأمين الصحي» تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان    إيفاد 11 طبيبًا إلى الصين و8 ل«تايلاند» ضمن برامج تدريبية متقدمة    موسم تاريخي ل"رجال يد الأهلي" بعد التتويج ب6 بطولات والابطال يتحدثون    13 لاعبا ولاعبة يتأهلون لربع نهائي بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    وزير الري يلتقي عددا من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ لمناقشة طلبات المواطنين    وزير الزراعة يبحث مع محافظ الوادي الجديد دعم مزارعي المحافظة وتعزيز المشروعات الإنتاجية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    أول رد من "ترانس جاس" بشأن حدوث تسرب غاز بكفر الشيخ    الصين تؤكد دعمها لطلابها في الخارج وتحذر من الإجراءات الأمريكية ضد هارفارد    محافظ أسيوط يتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية بجامعة بدر    السكة الحديد: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    تامر حسني يدعم كزبرة بعد أول حفل يجمعهما: «كمل يا وحش.. أخوك في ضهرك»    نبيلة مكرم عن شيخ الأزهر:" ما بقلوش غير أبويا وما استحملش عليه كلمة"    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال    ميلاد جديد ل«تاريخ لا يغيب».. العالم يترقب «سيمفونية الخلود» على أرض الأهرامات    د. هشام عبدالحكم يكتب: خد وهات.. لتبسيط المفاهيم الصحية    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    تعاون شبابي عربي لتعزيز الديمقراطية برعاية "المصري الديمقراطي"    نجاح مركز طب وجراحة العيون بكفر الشيخ في إجراء جراحة دقيقة لزراعة طبقية قرنية    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي بالقاهرة 2025 وخطوات الاستعلام عبر بوابة التعليم الأساسي    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف خيمة تؤوي نازحين في منطقة الصفطاوي بمدينة غزة    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    ننشر أسماء المقبولين في وظيفة «معلم مساعد» بالمنوفية| صور    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. جوتيريش يرفض أى خطة لا تحترم القانون الدولى بشأن قطاع غزة.. ترامب يتوعد "أبل" ب25% رسوم جمركية.. وإصابة 12 فى هجوم بسكين بمحطة قطارات هامبورج بألمانيا    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذهب اللذة.. الأخلاق غير الأخلاقية!

ربما جسد مذهب( اللذة) موقفا أخلاقيا متهافتا منذ نشأته; عكس حالة من التدهور العام والتراجع في النظريات الأخلاقية اليونانية بعد سقراط وأفلاطون وأرسطو, نتيجة التغيرات السياسية والاجتماعية المضطربة في العصر الهيلينستي.
فقد كان من آثار النزعة السياسية والاقتصادية الاستعمارية الدولية الجديدة تغيير البني التقليدية للمجتمع, وحدث استبعاد للناس العاديين من المشاركة في تقرير قضايا حياتهم اليومية الكبري, ونشأت البيروقراطية نتيجة السلطة الاستعمارية, التي كانت تدير كل الشؤون ومن ضمنها الشؤون العقلية أيضا, وبحث غير المثقفين عن العزاء في المعتقدات الخرافية والعبادات السرية! وقد تأثر مذهب اللذة بالظروف التاريخية التي نشأ فيها; ففلسفات الأخلاق اليونانية بعامة هي نتاج مجتمع عبودي قائم علي التمييز بين الطبقات, واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان, فضلا عن كونه مجتمعا عنصريا, ينظر باحتقار إلي الشعوب غير اليونانية باعتبارها شعوبا بربرية.
ففي هذه الظروف ظهر تيار في فلسفة الأخلاق يري أن الخير هو اللذة أو الفعل الذي يؤدي إلي اللذة, والشر هو الألم أو ما يؤدي إلي الألم; لأن كل إنسان بفطرته- في تصور هذا المذهب- ينزع نحو تحقيق اللذة, ويجتهد لتجنب كل ألم. وقد اختلف أنصار مذهب اللذة في طبيعة اللذة: هل هي حسية, أم عقلية, أم حسية وعقلية معا؟ وهل اللذة سيكولوجية أم أخلاقية؟ وهل الخير يكمن في اللذة الفردية التي يحكمها مبدأ الأنانية أم اللذة الجماعية التي تقوم علي الإيثار وتحقيق اللذة للجميع؟
والنظريات الفلسفية الأخلاقية التي تعد مثالا نموذجيا علي هذا المذهب: نظرية الأخلاق عند المدرسة القورينائية والمدرسة الأبيقورية. كما أن مفهوم اللذة تجلي في مذهب المنفعة العامة عند بنثام وميل. لكن توجد فروق أساسية فاللذة عندهما اتخذت مجالا أوسع من اللذة الفردية إلي اللذة التي ينالها أكبر عدد من الناس, والعقل يتدخل في اللذة عن طريق حساب متوازن للنتائج وفق سبعة معايير.
ويمكن بيان تهافت حججهم بكل سهولة; فلا يصلح مذهب اللذة كأساس نظري لأية أخلاقيات تقوم علي المشاركة والتعاون وانسجام خير الفرد مع خير المجتمع. ولم يوضح الشروط القبلية للأخلاق, أي الشروط التي لابد من توافرها والتي بدونها لا يمكن ممارسة الأخلاقيات, فمثلما لا يمكن الزراعة الجيدة بدون مناخ ملائم وأرض خصبة, فكذلك لا يمكن ممارسة الأخلاقيات إذا لم توجد شروط قبلية ضامنة, مثل: وجود إله عادل خير يجازي الناس علي أفعالهم في الدنيا أو الآخرة; فبدون هذه الشروط لا يمكن أن تكون هناك إمكانية لأن تكون فاضلا( إذا كان الله غير موجود فكل شيء مباح), وبدون هذه الشروط لن تكون هناك إمكانية لممارسة أخلاق التقدم أو لتنفيذ مدونة السلوك الشخصي الدافع إلي ممارسة فعل التقدم; لاسيما وأن مذهب اللذة لم يقدم الضمانات الدنيوية التي تكفل تطابق الفضيلة والسعادة, أي أن يكون الفضلاء سعداء, والأشرار تعساء, في هذه الحياة الدنيا.
وأخلاق اللذة عند بعض التيارات اليونانية مثل القورينائية هي أخلاق أنانية وحسية, تجعل الإنسان مجرد كائن جسدي, وتهمل الروح والعقل; ولا تنظر إلا إلي اللذات الحسية; ومن ثم لا يكون هناك فرق بين الإنسان والحيوان. ولذا لا تصلح لقيام الأخلاق كعلم إنساني وقد خالفت القورينائية الصواب; لأنها أهملت الماضي والمستقبل في حياة الإنسان, ووقفت بالإنسان عند حدود اللحظة المؤقتة الحاضرة. وهذه نظرة أثبتت التجارب خطأها; لأن التركيز علي المتع المؤقتة يدخل الإنسان في سلسلة من الخسائر, ولا أدل علي ذلك من النظر في حياة أولئك الذين يعتنقون هذه الفلسفة من حولنا من المدمنين أو شاربي الخمور أو الذين يقيمون علاقات جنسية مؤقتة, دون التفكير في العواقب.
وكان القورينائيون سفسطائي النزعة, وغاب عنهم الوعي بأهمية العلوم الرياضية, ونظرتهم إلي الحياة قاصرة; إذ سيطر عليهم السعي الحيواني إلي اللذة الحاضرة دون تفكير في عواقبها أو وسائلها من الناحية الأخلاقية. فضلا عن تشجيع بعض أنصارها للانتحار. وهذا ما يرفضه العقل باعتبار الحياة قيمة كبري وعطاء إلهي لا ينبغي الاستهانة به. والمصاعب في التصور العقلاني ينبغي أن تواجه بالتحدي والإصرار, وليس بالانسحاب أو الانتحار.
وتقدم' المدرسة الابيقورية' مفهوما للحياة بعيدا تماما عن الشعور بالمسئولية والمشاركة; إذ كان هدفها الجوهري هو الوصول إلي الشعور بالطمأنينة الفردية, واللذة هي الخير الأقصي عندها. والشجاعة التي كانت تظهرها في بعض الأحيان, هي شجاعة الاستسلام واللامبالاة وقبول الأمر الواقع! وقد جعلت الأبيقورية تصورها للحياة السعيدة منسحبا علي الألوهية! وهو نوع من التشبيه والتجسيم للألوهية ينأي عنه العقل السليم وتأباه العقيدة القويمة التي تنزه الألوهية عن كل ما فيه تشبيه أو تجسيم..( سبحان الله عما يصفون)(المؤمنون: من الآية91)..( ليس كمثله شيء)( الشوري: من الآية11).
وإذا تركنا القورينائية والأبيقورية إلي مذهب المنفعة العامة, نجد أن بنتام سعي إلي التغلب علي الأنانية المترتبة علي المنفعة, فقال بالمنفعة العامة; لكنه عاد فرفض الإيثار وتضحية الفرد من أجل الآخرين. ولا تصلح المنفعة لقيام الأخلاق( ولهذا حديث آخر منفصل).
ومن ثم عجزت فلسفات اللذة عن تقديم أساس نظري لأخلاقيات الأمانة, وبذل الجهد, والإتقان, والشعور بالواجب, وبذل الذات, والشرف, والالتزام, واحترام الآخرين وتقدير أعمالهم. ولم تقدم توضيحا للوسائل والآليات العملية التي يمكن أن توصل لتحقيق الخير والتقدم, والتي تساعد الإنسان علي أن يصير أخلاقيا.
لمزيد من مقالات د. محمد عثمان الخشت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.