تراجع في بنكين.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الاثنين    بعد زيادة سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 7-7-2025 صباحًا للمستهلك    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 91 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    جوتيريش: حل الدولتين أساس السلام في فلسطين    ماذا يناقش الرئيس السيسي ونظيره الصومالي في العلمين اليوم؟    بريكس تطالب بإصلاح صندوق النقد وكسر احتكار إدارته الغربية    234 طالبا وطالبة يؤدون امتحان البلاغة ب«أزهرية شمال سيناء»    طقس اليوم.. حرارة أربعينية على القاهرة| تجنبوا الشمس    فات الميعاد الحلقة 18.. حبس أحمد مجدي وتوتر علاقة أسماء أبواليزيد وزوجها    انفجار خط مياه شرب بمجمع محاكم الإسماعيلية.. وتحرك عاجل لأجهزة المحافظة    مصرع فتاة وإصابة 7 آخرين في حادث تصادم بأسيوط    كسروا شاحن التليفون.. ضبط عاطل تعدى على نجليه بالضرب بحلوان    تحويلات مرورية في الإسماعيلية بسبب كسر ماسورة مجمع المحاكم    إيه اللي حصل بعد قبلة الزعيم عادل إمام ليكي؟.. الفنانة دنيا ماهر تجيب    وفاة الكاتب والسيناريست براء الخطيب    الجيش الإسرائيلى يعلن تنفيذ غارات جوية جنوبى وشرقى لبنان    شهيدان ومصابون بقصف على منزل وسط مخيم البريج بقطاع غزة    أمير هشام: توفيق محمد عاد للصورة في الأهلي.. والحسم في يد الخطيب ورئيس شركة بتروجت    نجم الأهلي السابق: ما يحدث داخل نادي الزمالك "تهريج"    محافظ كفر الشيخ: حملات للكشف عن تعاطى المخدرات وضبط 17 حالة إيجابية    «أنا مبحبش الدلع».. خالد الغندور يفتح النار على لاعب الزمالك بعد التصرف الأخير    وكيل مالكوم يوضح حقيقة رحيله عن الهلال    الإمارات: لا صحة لمنح الإقامة الذهبية للمستثمرين فى العملات الرقمية    تطورات جديدة.. اتهامات بسرقة فنية تطال مها الصغير بعد عرض لوحة لفنانة دنماركية | صور    إدوارد يكشف عن ذكرياته مع أولى أفلامه "بحب السيما"    بلوجر وتمتلك ماركة تجارية.. 15 صورة وأبرز المعلومات عن زوجة محمد النني    إعلام عبري: ذباب مصري يغزو حيفا ويثير الذعر في الأحياء الراقية (تفاصيل)    شقق الإسكان الاجتماعي 2025.. الموعد والشروط الكاملة ل حجز سكن لكل المصريين 7    بعد فتح باب التحويل بين المدارس 2025/2026.. رابط مباشر وخطوات التقديم والشروط الكاملة    اليوم.. بدء تنسيق الثانوية العامة والفنية 2025.. رابط وشروط التقديم والحد الأدنى ب16 محافظة    تردد قناة MBC Action hd الناقلة لمباريات نصف نهائي كأس العالم للأندية 2025    المكسيك تتوج بكأس الكونكاكاف الذهبية أمام أمريكا    خبير اقتصادي: سيناريو يوم القيامة ووصول الدولار إلى 70 جنيهًا لن يحدث (فيديو)    مدرب الزمالك السابق: شيكابالا لديه عقلية انتصارية.. وأي مدرب يتمنى تدريبه    نجم المقاولون السابق: حسام عبد المجيد لم يقدم شئ ل الزمالك وأرقامه ضعيفة    عليك تقدير ما تملك.. حظ برج الدلو اليوم 7 يوليو    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    «الصحفيين»: لجنة المشتغلين الجديدة يومي 16 و17 يوليو الجاري    إدوارد ينهار من البكاء: «حقن التخسيس دمرتني« (فيديو)    يفاقم حالات مرضية بعضها مزمنة.. خبراء تغذية يحذرون من «غمس البسكويت في الشاي»    عاجل| «أديس» تواصل البحث عن المفقودين الثلاثة في حادث غرق البارجة «أدمارين 12»    "ملف اليوم" يناقش مفاوضات التهدئة في غزة.. تحرّك أمريكي وتساؤلات حول فرص النجاح    تعرف على طريقة إبلاغ الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية عن الجرائم المرورية والجنائية    تعرف على خطوات التصالح في مخالفات البناء وفقا للقانون    طريقة عمل الآيس كوفي منعش ولذيذ في الطقس الحار    المكتب الحكومي في غزة ينفي ضلوع «حماس» في الهجوم على موقع إغاثة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 7 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    اليوم .. «حماة الوطن» يعقد الاجتماع التنسيقي الثاني للأحزاب ضمن القائمة الوطنية    حريق يلتهم شقة سكنية في عزبة النخل    مي عمر جريئة و سارة سلامة داخل سيارتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    على طريقة غادة والي.. فنانة دانماركية تتهم مها الصغير بسرقة لوحاتها    تراجع مفاجئ لنقابة المحامين عن الإضراب الشامل.. ضغوط سياسية أم مناورة تكتيكية؟    تعرف على مواصفات اختبارات القدرات 2025 بكلية الفنون الجميلة    اختراق وآلام شديدة.. أطباء يستخرجون «ثعبانا» من بطن مريض (صورة)    أمين الفتوى يوضح حكم إخفاء معلومات عن شريك العمل: خيانة للأمانة ومخالفة شرعية (فيديو)    «لها حدود وضوابط».. أمين الفتوى: لا يجوز الوصية بكل المال إذا كان للموصي ورثة    أمين الفتوى: يجوز التبرع بنفقات العمرة لشخص.. وهذا من أبواب البر والإعانة على الخير    أمين الفتوى: 6 حالات توجب الغُسل على المرأة.. 3 منها مشتركة مع الرجل و3 تختص بها النساء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وهم
المعجزة الغربية
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 12 - 2013

يعيش العرب وهما كبيرا حينما يتصورون تحت تأثير المؤرخ الغربي دائما أن الغرب هو صانع العلم ورائد الفكر والتطور الحضاري; فالإنسان في الغرب لايزال في نظر الكثيرين منا هو صانع العلم مفهوما ومنطقا
علي يد فلاسفة وعلماء اليونان قديما, كما أنه هو صانع مفهومه الحديث ومناهجه الحديثة أيضا علي يد فلاسفته وعلمائه المحدثين منذ كوبرنيقوس وكبلر ونيوتن من العلماء, ومنذ فرنسيس بيكون وديكارت وجون لوك وجون استيوارت مل من الفلاسفة إلي آخر سلسلة العلماء والفلاسفة من ذوي الاهتمام بمناهج البحث العلمي وفلسفة العلوم.
والحقيقة التي لا مراء فيها أن ما فعله الغربيون قديما أنهم أخذوا المنجزات العلمية والفكرية القديمة من الحضارات الشرقية السابقة علي اليونان وأضافوا عليها وخلصوها مما علق بها من شمولية وحس ديني صوفي ليجعلوها أكثر تجريدا, وهذا شأن أي حضارة تتأثر بحضارة أخري حيث تأخذ منها وتضيف عليها من روحها أي جديد; لقد أخذ اليونانيون كل ما أبدعه الشرقيون في حضارات الشرق الكبري من علوم غلب عليها الطابع العملي وطوروها وبدأوا تسجيلها في مؤلفاتهم فنسب العلم والفلسفة إليهم فكأنهم صانعوها من عدم. وليس أبعد عن الحقيقة من ذلك الوهم الكبير الذي لا يزالون يخدعوننا به: أنهم هم أصل العلم والفلسفة! بينما الواقع أنهم نقلوهما من الشرق القديم وخاصة من مصر وبابل والهند القديمة, كما فعلوا نفس الشيء في مطلع ما يسمي بعصر النهضة الغربي; فقد بدأوها من السطو علي إنجازات الحضارة العربية الإسلامية العلمية ممزوجة بالإنجازات العلمية لحضارات الشرق الأخري وخاصة الحضارة الصينية في كافة المجالات ونسبوها إلي أنفسهم, وان كان هناك استثناءات قليلة اعترف فيها بعض العلماء والمفكرين الغربيين بما تأثروا به علوم وفلسفات الشرق. إن ما حققه الغربيون من نهضة حديثة إذن بدأت أيضا من إنجازات الحضارات السابقة عليهم والتي كانت صانعة التقدم في ذلك الزمان. والخلاصة أن عصر النهضة الغربية وكذلك العصر الحديث بما فيهما من تقدم علمي تجريبي تقني إنما استلهمت أسسه وقواه الدافعة ونظرياته الأساسية علي حد تعبير جارودي في كتابه حوار الحضارات من الحضارة العربية الإسلامية من جانب, ومنجزات الحضارة الصينية في ميادين عديدة كميدان اختراع الطباعة واستخدام الثروات المعدنية واستخدام القوي المائية والمكتشفات المتصلة بها.. إلخ من جانب آخر.
إذن حينما نتحدث عن التطورات العلمية التي أنجزها الغربيون المحدثون, ينبغي ألا ننبهر بها ونتصور أنهم صانعوها وحدهم, لأن الحقيقة أنهم ورثوا كل التراكم العلمي الذي أنجزته كل الحضارات السابقة وركزوا من خلال مناهج مستحدثة في البحث العلمي علي تطويره وتحويله إلي مخترعات مفيدة لحياة الإنسان ورفاهيته في العصر الحاضر.. ولا ينبغي أن ننسي أبدا أن هذا التقدم ونواتجه الحالية دائما هي صناعة بشرية عامة اشترك فيها كل البشر ومن ثم فهو إرث إنساني عام ليس من حق الغربيين الآن احتكاره أو البخل بنواتجه عن الآخرين تحت ستار دعاوي قانونية واهية مثل حق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع!!
أما بالنسبة للعلوم الإنسانية والاجتماعية فلا مجال للحديث عن التفوق الغربي فيها لأن المفروض أن مناهج وموضوعات هذه العلوم إنما ترتبط بواقع ينبغي أخذه في الاعتبار حين دراسة أي ظاهرة إنسانية أو اجتماعية. ومن ثم فعلماء الاقتصاد والاجتماع والسياسة فضلا عن علماء النفس ينبغي أن تنبثق مناهج دراستهم ومحتواها من الوقائع المشاهدة والظواهر المستجدة في مجتمعاتهم هم وليس في المجتمعات الغربية; إذ أن التخلف الذي يمكن أن تعاني منه هذه العلوم إنما سيرجع ليس إلي مدي تقليد مثيلاتها في المجتمعات الغربية, بل بمدي مراعاتها لحقيقة الوقائع المحلية التي ينبغي أن تكون هي مجال دراستهم. وإذا استدعي الأمر الاستفادة من منهجيات مثيلاتها لدي الغربيين فإن هذه الاستفادة ينبغي أن تكون في أضيق الحدود; فالمشكلات التي تعاني منهامجتمعاتنا ليست هي نفسها التي تعاني منها مجتمعات دول الغرب! ومن ثم ينبغي أن يركز علماؤنا في إبداعاتهم وفي دراساتهم علي إبداع المناهج والآليات التي تتوافق مع طبيعة الظواهر المحلية موضوع الدراسة للتوصل إلي حلول تناسبها وهي بلا شك لن تكون الحلول المستوردة من نواتج الدراسات الغربية!
والحقيقة التي أود أن أؤكد عليها هنا هي أن علماء النفس والاقتصاد والاجتماع والسياسة من العرب والمسلمين قد تخاذلوا كثيرا حينما وقعوا تحت تأثير وهم التفوق الغربي في هذه العلوم وأخذوا بنظريات علماء الغرب وحللوا من خلالها واقع مجتمعاتهم ونفسية أفراد شعوبهم والأنماط الاقتصادية لهذه الشعوب التي ظنوا أنهم مثلوها ونظروا لواقعها!!
والآن علي هؤلاء العلماء أن يتحلوا بصبر وشجاعة فائقين ليعلنوا أنهم من الآن فصاعدا سيمثلون مجتمعاتهم وبيئاتهم الفكرية الخاصة خير تمثيل ويحاولون كشف وإدراك الحقائق الخاصة بمجتمعهم وبيئتهم الفكرية من خلال معايشة أهلهم ومراعاة ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية ويعبرون عنها محاولين إبداع الرؤي والنظريات التي تكفل حل المشكلات المترتبة علي هذه الظروف المحلية ومدي توافقها مع مشكلات العصر الملحة والمستجدة والمتجددة دائما.
إن التخلص من وهم المعجزة الغربية في مجالات العلوم المختلفة إنما ينبع من الإيمان بأن العلم في مختلف فروعه إرث بشري شارك في صنعه كل البشر وكل العلماء في مختلف الحضارات البشرية عبر تطورها الطويل, والإيمان في ذات الوقت بأن استنبات التكنولوجيا والتقدم العلمي داخل كل مجتمع إنما ينبغي أن يتم بآليات وعقليات تراعي ظروف هذا المجتمع ومشكلاته الخاصة في كل مجالات الحياة.
لمزيد من مقالات د. مصطفي النشار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.