تقرير من العيار الثقيل أصدرته لجنة التنافسية التابعة للمنتدي الدولي الاقتصادي أكد أن مصر تحتل الترتيب73 دوليا في التعليم الأساسي بعد أن كانت في ذيل العالم بترتيب 148. واستند التقرير إلي انهيار التعليم في مصر وابتعاده عن الأهداف العصرية لبناء الانسان وقدراته في حين أكدت وزارة التربية والتعليم علي لسان الوزير أن هذا التقرير غير دقيق وأن الظروف المقبلة ستشهد تحسنا كبيرا. في الوقت الذي أكد فيه الخبراء أن التعليم تحيط به كل عوامل الانهيار لأسباب رئيسة مازالت قائمة. بداية يؤكد الدكتور حسني السيد أستاذ البحوث التربوية أن توصيف موقع مصر في الترتيب الأخير عالميا ليس مفاجأة علي الاطلاق وأن التقرير واقعي جدا والجميع يرون ذلك سواء من الآباء أو الأبناء التلاميذ, فالتعليم الآن يعاني تدهورا شديدا في محاوره الثلاثة وهي المنهج والمعلم وكثافة الطلاب بالفصل, والأخيرة تعد أهم المشكلات فالطالب يذهب للمدرسة ليحشر بين عشرات التلاميذ بما يتجاوز المنطق والعقل, في الوقت الذي نجد فيه المعلم غير مؤهل تربويا أو تعليميا مع أنه يربي الجيل المستقبل فنجد الوزارة تعين الأقل كفاءة بالابتدائي وهو الأصعب والأساس وغالبا مايكون المدرس غير تربوي أو خريج كلية لا علاقة لها بالتعليم أساسا. اختيار الوزراء وأشار أستاذ البحوث التربوية إلي أن أهم الأسباب في انهيار التعليم المصري هو أن اختيار الوزراء يخضع للمعرفة والصداقة أو العشوائية دون وجود رؤية أو قدرة علي تحقيق أهداف التعليم, كما أن الدولة لم تعط التعليم اهتماما حقيقيا, كما أن ميزانية التعليم ضعيفة واستيعاب المدارس أصبح مستحيلا لدرجة أن هناك نحو200 ألف طفل يتسربون سنويا دون علم الوزارة فالكثافة عالية ولا يوجد مبني جديد ولا ميزانية. ويري الدكتور أحمد حجي أستاذ الادارة التعليمية, وعميد تربية حلوان السابق, أن هناك أسبابا كثيرة وراء انهيار التعليم في مصر وأهمها التغيير المستمر في سياسات التعليم دون فكر استراتيجي أو خطة فلم تر أي خطة طريقها للواقع بسبب حالات القلق والتغيير. ثم إن الوزارة يتولاها أشخاص لا علاقة لهم بالتعليم فهي الوزارة الوحيدة الملطشة التي يختار وزراؤها من خارجها. ويترتب علي ذلك ألا تكون هناك رؤية واقعية للوزير. وأضاف أن ثالث عوامل تدمير التعليم في مصر هو أن المدرسة تفككت وفقد المجتمع الثقة فيها لدرجة أنه مع بداية العام الدراسي نجد الآباء يبحثون عن المدرس الخصوصي في كل مادة, فالطالب يذهب للدرس الخصوصي بالمراكز المجاورة للمدرسة صباحا ولدي مدرس فصله نفسه, بل إن الذي يؤكد فشل المدرسة تصريحات الوزراء أنفسهم بأنه مع العام الدراسي تبدأ فصول التقوية أي يفترض عدم استفادة الطالب من المدرسة فتقدم له دروس خاصة بنفس المدرسة وهذا تسليم واقعي بالحقيقة. وأشار أستاذ الادارة التعليمية الي أنه مع هذا الانهيار التعليمي يتحتم علينا أن نجعل هناك أجهزة رقابية علي المدرسة بسبب عجز الوزارة وذلك بأن تكون هناك رقابة عليها من الحي ومجالس الأمناء غير المعينين, لإعادة الثقة والانضباط للمدرسة. وقال: إن الواقع للأسف يكشف أن مسئولي التعليم غير حريصين علي الاشتراك في النشاطات الدولية التعليمية لنكتشف مستويات طلابنا مثل مشروع مؤسسة محمد آل مكتوم للكشف عن مهارات مجتمع المعرفة الذي شاركت فيه5 دول عربية أخري, وهذا يستوجب أن ننفتح علي العالم وتغيير المناهج وتحسين توزيع المدرسين علي المدارس فهناك مدارس بها تكدس من المدرسين وأخري بالأقاليم أو القري لا نجد المدرسين الأساسيين مما يؤثر علي الطلاب في المنهج أو يستعان بمدرسين غير متخصصين وغير مؤهلين مما يستوجب ضبط هذه العملية دون وساطات أو غيرها. وأشار عميد تربية حلوان إلي أن نظام التعليم الأساسي بمرحلتيه الابتدائية والاعدادية يعاني من قانون خاطيء وهو يسمح بنقل الطلاب في السنوات الدراسية بطريقة آلية, حتي الاعدادية فإذا رسب في عام يتم إنجاحه وفق القانون في العام التالي حتي لو لم يحضر الامتحان وأن هذا وغيره من الأسباب التي أسهمت في إنهيار التعليم بهذه المرحلة فنجد أن 65%من الطلاب الحاصلين علي الاعدادية لا يعرفون القراءة والكتابة ويتجهون بالتالي الي التعليم الفني الذي بدوره لا يستطيع أن يفعل شيئا بل إنه حسب احصائية بجامعة عين شمس فإن 97,7% من طلاب الثانوية العامة لا يجيدون القراءة, بما يؤكد المؤشرات الدولية في انهيار التعليم المصري. الدروس الخصوصية وقال: إن أكبر المشكلات أيضا في العملية التعليمية ترجع لزيادة ظاهرة الدروس الخصوصية التي تستنزف 60% من دخل الأسرة المتوسطة. وفي مواجهة مع الدكتور مجدي قاسم رئيس هيئة جودة التعليم والاعتماد قال: إن تقرير التنافسية الدولية غير دقيق لأسباب عديدة, فالمعروف أن دول العالم المختلفة لديها مشكلات بالتعليم ولدينا مشكلات فعلا ولكن هذا ليس معناه أننا في المستوي الأخير عالميا أو حتي73 ولكن التقرير يكشف سوء النية لزعزعة الثقة في مصر وتعليمها, فالهيئة منحت اعتماد جودة لنحو2500 مدرسة من5 آلاف تقدمت للحصول عليها وهذا الاعتماد يعتمد علي معايير كثيرة في الأداء والامتحانات والنظام فالمعايير المصرية قد تختلف عن العالمية لأن طريقة المؤسسات التعليمية في مصر تختلف من حيث الادارة والمعايير فدولة الهند التي يضعونها في مركز متقدم عن مصر لديها مدارس في مستوي أكثر من سييء, كما أن اعتبارات اختلاف اللغة وطبيعة الشعب لها دور أساسي في التقييم, ويضاف لذلك أن رجال الأعمال الذين وصفوا مصر في مستوي منهار تعليميا ليسوا علي دراسية كافية بالتعليم المصري وهم غير متخصصين في وضع المعايير بل ان اهتمامهم اقتصادي بحت. وأضاف رئيس هيئة الجودة أن المعايير التي وضع علي أساسها التقييم الصادر عن المنتدي الاقتصادي العالمي تحددت في3 عناصر رئيسية هي البنية الأساسية أو التحتية للمؤسسات, ومعززات الكفاءة من التدريب والسوق الحرة والتسويق المالي وحجم السوق والاستعدادات التكنولوجية, وكذلك الابداع وعوامل التطوير من خلال التعاون بين الصناعة ومؤسسات البحث العلمي ويلاحظ من ذلك أن المعايير استندت علي جوانب لا تتلاءم مع الواقع المصري ولا تعكسه في الشروط السابقة كما تحددت المعايير بالتعليم الأساسي علي معدل الالتحاق بهذه المرحلة والربط بين التعليم الأساسي وصحة العامل وانتاجيته حيث ربط بين الصحة والتعليم الأساسي من منظور اقتصادي حيث أن القدرة التنافسية والانتاجية للعمال تتأثر بكمية ونوعية التعليم الأساسي وبأنه يزيد كفاءة كل عامل علي حدة بما يعني غياب المعايير التي ترتبط مباشرة بتقييم التعليم. وقال رئيس هيئة جودة التعليم: إن التقرير اعتمد علي استمارة استطلاع رأي لا تمثل واقعا يحدث بالفعل في مجال جودة المؤسسات التعليمية في مصر ولا تعكس مخرجات التعليم كأحد المؤشرات الرئيسية لقياس الجودة في التعليم, كما أن العينة موضع التقرير صغيرة الحجم ولا تمثل شرائح المجتمع المصري المختلفة, ولم تستند إلي مصادر بيانات ومعلومات ذات مصداقية عالية معترف بها بالدول صاحبة التقييم, فاعتمدت علي معدلات الالتحاق بالمدارس والدين الحكومي والميزانية والعجز ومتوسط العمر المتوقع والتي تحصل عليها من وكالات دولية مثل البنك الدولي, وصندوق النقد واليونسكو, بينما تجاهل التقرير جهود هيئة الجودة المصرية في توفير معايير الجودة ونشر ثقافتها, وتدريب الآلاف من المعلمين للارتقاء بالأداء واعتماد أكثر من2500 مدرسة.