"كما لو كان المرض وحده لا يقسو علي المواطنين بشكل كاف" مقوله رددها المرضي المترددون علي المجالس الطبية المتخصصة بعد أن تم نقل مقرها بوزارة الصحة إلى مدينة نصر. الأمر الذي فاجأ المواطنين الذين لم يخبرهم أحد مسبقا بهذا الانتقال, ففوجئوا بورقة معلقة علي الباب الرئيسي للمقر القديم موضح فيها العنوان الجديد ووسائل المواصلات المتاحة للمواطنين وبالرغم من ان هذا الانتقال تم منذ أكثر من اسبوع فإن المواطنين مازالوا يترددون علي المقر القديم ليحصلوا علي قراراتهم! وأمام الورقة المعلقة وقف عدد من المرضي وذويهم ليسألواعن المقر الجديد وكيفية الوصول اليه متعجبين من عدم اعلان الأمر قبل النقل بفترة كافية, وأكد الجميع أن هذا المكان المعروف بالنسبة لهم والذي يترددون عليه منذ سنوات هو الأفضل للجميع بالرغم من معاناتهم مع الانتظار بالشارع و علي الأرصفة المجاورة نظرا للزحام الدائم ورفع أحدهم يده للسماء وقال: ربنا يكون في عون الغلابة. انتقلنا إلي المقر الجديد للمجالس بالحي السادس بمدينة نصر لنر الوضع علي أرض الواقع والذي قد يكون بالفعل أفضل ولكن يبدو أن طوابير الانتظار انتقلت من وسط مدينة نصر ومن داخل المقر إلي الأرصفة حوله, حيث لا يوجد أماكن للانتظار داخل المبني الفخم للمجالس. فجلس المرضي وذوويهم حول المبني في انتظار قرارات العلاج واقتربنا من سيدة وأبنتها لتقول أنها من بنها وتحصل علي قرارات العلاج لمستشفي حميات امبابة ولكنها تنتظر تصحيح رقم القرار الذي أكد لها العاملون بالمستشفي انه خطأ, بينما أكد الموظفون بالمجالس أنه صحيح فسألتها لماذا لا تقدمي الأوراق للمستشفي ويقوم مندوبها بإنهاء الأوراق؟ أجابت بأن الموظفين في المستشفي أكدوا أنها تستطيع أن تنهي الورق بنفسها أسرع فقد يستغرق الأمر من خلال المستشفي أكثر من شهر, وتدخل مواطن آخر في الحديث مشيرا إلي أن الانتقال لم يكن في صالح المريض الذي يأتي من المحافظات مثله فكان يركب مترو الانفاق أو ميكروباص من المؤسسة ليصل بسهولة إلي وسط المدينة ولكن المقر الجديد بمدينة نصر بعيد جدا علينا. وداخل المقر الجديد الذي يقع علي مساحة أكبر ومقسم إلي عدة شبابيك لتقديم الخدمات مرتبة وفقا للحروف والتي يستلم منها المواطن القرار وفقا للترتيب الأبجدي تحدثنا مع بعض الموظفين الذين رفضوا ذكر اسمائهم, وأوضحوا أن السبب الرئيسي للتكدس والزحام هو الثقافة المتوطنة في ذهن المواطنين والتي تدفعهم لإنهاء جميع الأوراق بأنفسهم, بالرغم من أنه لا يعقل أن يأتي مريض بنفسه لإنهاء معاملات ورقية في الوقت الذي يحتاج فيه للعلاج أو للراحة ولكن يبدو انه لا يوجد لدي المواطن ثقة في سرعة انهاء هذه المعاملات من خلال الخطوات الرسمية المعروف لها من خلال المندوبين بالمستشفيات وأشار موظف آخر إلي أن الأمر لا يتوقف علي المواطن فقط ولكن نفس الفكرة موجودة لدي المستشفيات التي تدفع المواطن لإنهاء أوراقه بنفسه, وقال آخر اعتقد أنه كان من الأفضل أن يتم نقل أي جهاز إداري للمناطق البعيدة ولكن نقل جهاز يخدم المواطنين والمرضي منهم فذلك عبء مضاعف عليهم. ولكن يبدو أن الانتقال كان مصلحة لأصحاب المشروعات الصغيرة القائمة علي التواجد بجوار المجالس الطبية فحول المقر الجديد انتشرت الاكشاك وماكينات التصوير وعربات الفول والطعمية وجميعهم يحصل علي99% من ربحه من المترددين علي المجالس في حين أن اصحاب المشاريع المماثلة والتي أقيمت بجوار المقر القديم منذ سنوات عديدة سيودعون هذه الأرباح وينتظرون الفرج من أنشطة المؤسسات الحكومية الأخري المجاورة لوزارة الصحة. وعن أسباب نقل المقر يوضح الدكتور عبدالرحمن شاهين المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة بأنه كان مقررا منذ فترة طويلة نظرا لأن المكان الحالي بشارع مجلس الشعب اصبح غير مناسب مع زيادة عدد المترددين الذي قد يصل إلي أكثر من7 آلاف مريض وهو عدد القرارات اليومية بالاضافة إلي المرافقين لهم فكان من الضروري التوسع بالمكان بالاضافة إلي ميكنة جميع الخدمات المقدمة للمواطن داخل المجالس الطبية ومضاعفة عدد الموظفين ويري أن هذا النقل سوف يحل مشاكل أخري كثيرة منها حالة الاحتقان المروري التي تحدث وقت الظهيرة في هذه المنطقة وأنه يعد خطوة من خطوات تفريغ العاصمة وأشار إلي وجود عدد من قاعات الانتظار التي سوف يتم تجهيزها لاستقبال المواطنين قريبا. ويتفق شاهين مع الآراء التي تشير الي بعد المكان الحالي مقارنة بالمكان القديم سواء علي المريض أو العاملين بالمجالس ولكنه يري أن المصلحة العامة التي تعود علي الجميع تقضي علي هذا العيب مثل اتساع المكان, موضحا أن هناك العديد من وسائل النقل العام والجماعي المتوفرة لنقل المواطنين إلي المقر الجديد بمدينة نصر والتي وضحتها الوزارة في اعلان تغيير المقر وهي أتوبيس611 وميني باص30 من التحرير وكذلك926 و710 من رمسيس. ويؤكد شاهين أنه لا نية لالغاء قرارات العلاج علي نفقة الدولة أو حتي ترشيدها ولكن هناك تحديدا للمبلغ اليومي لقرارات العلاج وهو5 ملايين جنيه يوميا وألا تتعدي القرارات هذا المبلغ نظرا لأن المبلغ المعتمد لقرارات العلاج هو مليار ونصف مليار سنويا ويوضح أن أي مواطن يستطيع الحصول علي قرار العلاج الخاص به فورا وفي نفس اليوم اذا كانت الأوراق المطلوبة منه مستوفاة وهناك حالة واحدة فقط ينتظر فيها المواطن يومين وهي أن يتخطي مبلغ القرار خمسة آلاف جنيه لأنه يحتاج للعرض علي لجنة ثلاثية. وأكد شاهين صدور تعليمات لجميع مديري المستشفيات سواء التابعة لوزارة الصحة أو الهيئة العامة للمستشفيات أو المراكز الطبية أو التأمين الصحي بأن تقدم الخدمة للمريض أولا ثم يحصل علي قرار العلاج وأضاف أنه خلال أسابيع أو أيام سوف يعتاد المواطن علي نقل المجالس الطبية من مكان إلي آخر ولكن الأهم هو أن يتلقي العلاج المناسب علي نفقة الدولة.