تشهد الساحة القضائية خلافا دائرا حول اختصاصات الهيئات القضائية ومن بينها هيئة قضايا الدولة وأنتشر أخيرا تحدث البعض حول الهيئة زاعمين في محاولة النيل من اختصاصاتها المشروعة بأن اعضاءها هممحامو الحكومة وهذا ما ينافي الحقيقة باعتبارها اقدم واعرق هيئة قضائيةتحملت دوما عبء الدفاع عن الوطن. وبشأن ماذكره المستشار الدكتور يحيي الجمل بمقاله المنشور بجريدة الأهرام في7 نوفمبر الحالي حيال الهيئة فإنه يتعارض مع صحيح القانون وسندنا في ذلك أن هيئة قضايا الدولة هي هيئة قضائية منذ تاريخ انشائها1875 وحتي خروج مجلس الدولة من عباءتها عام1946 وبنائه علي أكتاف مستشاري قضايا الدولة الذين شكلوا الرعيل الأول والنواة التي قام بها مجلس الدولة المصري, هذا الرعيل الاول هو الذي حمل معه وافر الخبرة واصالة العلم والقيم والتقاليد القضائية الراسخة والاختصاصات الموكولة إليهم بالفتوي والتشريع ومراجعة العقود والمحاكم التأديبية. وظلت مع الهيئة هذه الصفة القضائية حتي عام1954 عندما أعطت قضايا الدولة غطاء التحقيق مع موظفي الدولة إلي النيابة الإدارية وظلت الهيئة طوال فترة الملكية تعرف باسمالمستشار الملكي, وبعد قيام ثورة1952 عرفت بالمستشار الجمهوري وكان الأصل في نشأتها الدفاع عن الحق والمال العامللدولة المصرية إبان فترة الاحتلال البريطاني حفاظا علي أموال وحقوق الشعب المصري أمام تلك المحاكم الأجنبية وظلت كذلك حتي الآن وفي عام1986 أراد المشرع المصري أن يقرر ما كان موجودا في الأصل من صفة الهيئة القضائية,وبغض النظرعن مسمياتها المختلفة عبر138 حيث بدأت باسم لجنة قضايا الحكومة وكانت الترجمة الصحيحة لها لجنة قضايا الدولة وليسالحكومة ثم ما أعقبه من تسميتها بمسميات مختلفة العبرة فيها بطبيعة العمل وليس المسمي حيث تمثلالهيئة الدولة المصرية بأركانها الثلاثة الشعب والإقليم والسلطة والمقصود هنا سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية,ومن ثم لا يجوز قانونا,أن يقال عن مستشاري الهيئة أنهم محامي الحكومة لأن الحكومة تمثل السلطة التنفيذية والهيئة تمثل جميع السلطات الثلاث وحينما عدل قانون هيئة قضايا الدولة رقم75 لسنة63 وذلك بموجب القانون رقم10 لسنة1986 نصت المادة الأولي منه علي أن هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة فقد قرر النص الأمرالواقع المستقرعليه من أن هذه الهيئة تعمل عملا قضائيا صرفا ومن ناحية أخري فإن مستشاري قضايا الدولة لا ينطبق عليهم قانون المحاماة مع كامل الاحترام والتقدير للسادة المحامين ولرسالتهم السامية,كما لا يجوز لمستشاري الهيئة أن يباشروا أعمال المحاماة ولا أن يقوموا بفتح مكاتب للمحاماة فهذا الأمرمحظورعليهم قانونا ومن ثم لا يجوز أن يقال علي الهيئة وفقا لما ذكره الدكتور يحيي الجمل في مقاله بأن محامي قضايا الدولة يتولون الدفاع عن الدولة وأنهم تابعون لوزارة العدل وهذا الأمر ردت عليه المحكمة الدستورية العليا في الحكم الصادر في القضية رقم5 لسنة22 ق منازعة تنفيذ جلسة4 أغسطس2001 بأن الصفة القضائية لهيئة قضايا الدولةأخذتها باعتبارها هيئة تسهم في سير العدالة,وما أكدته أيضا بحكمها بطلب التفسير رقم2 لسنة26 ق بجلسة7 مارس2004 حيث قالت بصريح النص إن مصطلح الهيئة القضائية في النظام المصري إن هو إلا اسم جنس يندرج تحته عدة أنواع منها جهات تمسك بزمام العدالة وتنفرد بالفصل في القضايا وأخصها بالدستورية العليا ومحاكم القضاء العادي والإداري ومنها جهات قائمة بذاتها وهي وإن لم يعطها المشرع اختصاص الفصل في القضايا إلا إنه أسبغ عليها صفة الهيئة القضائية تقديرا منه لأنها هيئات بحكم الاختصاصات المنوطة بها تسهم في سير العدالة وهي قضايا الدولة,ومن ثم فإن مستشاري الهيئة وهم نواب بحكم القانون عن الدولة فيما يرفع منها أو عليهافي الداخل والخارج من منازعات ولا يجوز اسباغ صفة المحاماة عليهم وإلا كان ذلك اهدارا لأحكام القانون ومخالفة لصحيح نصوصه. كما أن مستشاري الهيئة أسهموا في بناء العديد من الجهات والهيئات القضائية الاخري, ونقل العديد منهم إليها عند انشاء المحاكم الأهلية سنة1883, وعند إنشاء مجلس الدولة, و النيابة الإدارية, بل وترأس المحكمة الدستورية العليا الدكتور عوض المر وبلغت في عهده المرتبة الثالثة في العالم, وترأس الدكتور السنهوري مجلس الدولة وهما من ابناء هيئة قضايا الدولة, واخيرا نشير إلي أن شروط تعيين مستشاري الهيئة هي ذات شروط التعيين الخاصة بالجهات والهيئات القضائية الأخري ويتم تعيين اوائل الدفعات بكليات الحقوق بالهيئة, ومن ثم يتعين مراعاة الدقة فيما يطلق من ألفاظ تخالف صحيح الواقع والقانون. نائب رئيس هيئة قضايا الدولة لمزيد من مقالات المستشار سامح سيد