في الثقافة الغربية, للحمار شأن كبير محترم, وفي الثقافة العربية الحمار هدف قدح ونكاية وبلادة وانحطاط, ففي الثقافة الغربية سياسيا نجد أن رمز الحمار تتسلح به أقوي الأحزاب في الدول الديمقراطية المتقدمة عالميا وتتخذه لها شعارا كالحزب الديمقراطي الأمريكي, ويعود ذلك لعام1828 عندما اختار المرشح الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة آنذاك أندور جاكسون شعار لنترك الشعب يحكم ونعته الجمهور ب أندور جاكاس ما يفسر أندرو الحمار ساخرين من هذا الشعار ووصفوه بأنه شعبوي رخيص, فما كان من جاكسون إلا أن اختار حمارا رمادي اللون جميل المظهر والصق علي ظهره شعار حملته الانتخابية وقاده وسط القري والمدن المجاورة لمسكنه من أجل الدعاية لبرنامجه الانتخابي الشعبي ضد منافسه الذي كان يظهر علي انه نخبوي وليس قريبا من هموم الناس. والحمار كما يظهر من القصص كان ذكيا وصاحب رأي صائب أو يقال سياسي محنك ونذكر منها قصة الحمار الحكيم كان يا مكان.. في أحد الاسطبلات معشر من الحمير وذات يوم أضرب حمار عن الطعام مدة من الزمن, فضعف جسده, وتهدلت أذناه وكاد جسده أن يقع علي الأرض من الوهن, فأدرك الحمار الأب ان وضع ابنه يتدهور كل يوم فأراد أن يفهم منه سبب ذلك, فقال له: مابك يابني؟ ولماذا تفعل ذلك بنفسك؟ هل أزعجك أحد؟ رفع الحمار رأسه وخاطب والده قائلا: نعم يا أبي إنهم البشر فاندهش الأب الحمار وقال لابنه الصغير! ومابهم البشر؟ قال الابن: كلما ارتكب أحدهم رذيلة يقولون له يا حمار.. يصفون أغبياءهم بالحمير.. ونحن لسنا كذلك يا أبي.. إننا نعمل دون كلل أو ملل.. ونفهم وندرك ولنا مشاعر.. وعندئذ ارتبك الحمار الأب ولم يعرف كيف يرد علي تساؤلات صغيره, ثم سرعان ما حرك أذنيه يمنة ويسرة, ثم قال: انظر يابني إنهم معشر البشر خلقهم الله وفضلهم علي سائر المخلوقات لكنهم أساءوا لأنفسهم كثيرا قبل أن يتوجهوا إلينا نحن معشر الحمير بالإساءة. انظر مثلا هل رأيت حمارا يعادي جيشه لا لشيء سوي أن الجيش أدي واجبه لحفظ وحماية الوطن وتحقيق مطالب الشعب؟ هل رأيت حمارا يقتل ويدمر ويظلم من أجل الحصول علي كرسي؟ هل رأيت حمارا إرهابيا وتكفيريا يقتل الأبرياء ويحاصر المحاكم والمنشآت ويعيث في البلاد فسادا وإفسادا؟ هل رأيت حمارا يحمل شعار العار ضد وطنه نحكم أو نحرق, هل سمعت يوما حمارا يصرخ ويجعر ويهدد سلامة الوطن بالأعمال الإرهابية, إذا لم يعد الرئيس المعزول إلي الحكم وعلي مسمع الداني والقاصي؟ هل رأيت حمارا يعادي حمارا آخر ابن وطنه لأنه فقط مختلف معه فكريا ولأنه ليس من أهله وعشيرته؟ هل رأيت حمارا يعطل سير القطارات ويغلق الطرق ويضرب بمصالح البلد والعباد عرض الحائط من أجل تنفيذ مطالبه الأنانية غير المشروعة؟ هل رأيت يوما ما حمارا عميلا لدولة أجنبية ضد بلده ويفرق بين أهله علي أساس طائفي؟ هل خطر علي بالك يوما ان حمارا عطل الدراسة بالجامعة وحطم مبانيها ومرافقها ودمر أثاثها إطاعة لأوامر قادته الإرهابيين. طبعا لم نسمع بهذه الجرائم الإنسانية التي يخجل منها معشر الحمير, إذن أطلب منك أن تحكم عقلك الحميري وأطلب منك أن ترفع رأسك عاليا وتبقي كعهدي بك حمارا ابن حمار, واتركهم يقولون مايشاءون فيكفينا فخرا أننا حمير لا نقبل ارتكاب هذه الجرائم. أعجبت هذه الكلمات الحمار الابن فقام يلتهم الشعير وهو يقول: سأبقي كما عهدتني يا أبي سأبقي حمارا ابن حمار. د. عوض حنا سعد الإسكندرية