التأمين الصحي الدواء وأسعاره العلاج علي نفقة الدولة الرعاية المركزة الحضانات الغسيل الكلوي المستشفيات المهملة بالريف والصعيد.. كل هذه قضايا مهمة تمس الصحة, وتمثل معاناة حقيقية للمواطن المصري.. خاصة البسيط والفقير طرحناها علي الدكتورة مها الرباط وزيرة الصحة لنطلع منها علي الحلول والسبل التي تمكن المريض من الحصول علي علاجه بصورة آدمية.. وطرحنا عليها أسئلة توجع مرضي كثيرين, ومتي يحصل المريض المصري علي دوائه دون عناء ومشقة, ومتي نوفر للمريض المعدم علاجه بالكامل علي نفقة الدولة, ومتي سيتم النظر والاهتمام بمستشفيات الصعيد والريف, بالإضافة إلي تفاصيل أخري بالحوار: وزارة الصحة تعاني تدهورا وانهيارا في خدماتها التي تقدمها للمواطنين.. فكيف ننهض بها ليشعر المواطن بفارق في الأداء؟ لدينا تحديات كبيرة تواجهنا, وأول تلك التحديات هي القضايا الخدمية, وكيفية توصيل الخدمات للمواطنين بجودة ترضي المنتفع من خلال خدمة مكتملة غير منتقصة.. هذا بالإضافة إلي القضايا الإدارية, ومنظومات تحتاج لاستكمالها وتفعيلها, فمثلا شكوي المواطنين بعدم وجود الأطباء والتمريض في مواعيد العمل الرسمية, نسعي حاليا لتفعيل دور الرقابة والمتابعة بحيث يلتزم الجميع بالمواعيد المحددة, مع التأكيد علي ضرورة وجود جداول معلنة لفريق العمل المفترض وجوده في التوقيتات المحددة, ويشرف علي سير العمل وفق الجدول مع وجود جميع المتخصصين. هناك مستشفيات ومراكز صحية بالقري والنجوع بالصعيد والريف مهملة نهائيا وتفتقد للأدوية والموارد البشرية, وبعضها خالية لا يوجد بها إلا الكلاب الضالة.. فهل حصرتم تلك المستشفيات لإعادتها للعمل بحيث تقدم الخدمة للمواطنين في تلك المناطق النائية؟ بالطبع قمنا بحصر تلك المستشفيات لمعرفة النواقص بها, وأسباب التعسر ان كانت موجودة.. لكن القضية ليست في إعادة تشغيل مستشفي, بل يجب توفير متخصصين لها, وأجهزة صالحة للاستخدام وغير معطلة, وان افتقدت للإشراف, ترسل لها فرق للمتابعة والإشراف علي سير العمل, ونحن نعمل حاليا من خلال خطة التكليف والنيابات علي إرسال موارد بشرية لهذه المناطق بشرط توفير الحوافز والسكن المناسبين لهم, بالإضافة إلي ضرورة وجود الإشراف والتدريب الجيد لكل هؤلاء, فما نعمل عليه حاليا هو إعادة توزيع الموارد علي حسب الأماكن واحتياجاتها بانتداب موارد بشرية من مكان لآخر لفترات قصيرة, أو عن طريق التعاقد مع أطباء القوافل الطبية, والتي نسعي لترشيد استخدامها لتفعيلها بحيث أننا نستعين بهم في المستشفيات التي لا يوجد بها إلا ممارس, وتحتاج لمتخصصين في تلك المناطق والمحافظات البعيدة والحدودية. متي وبالتحديد يشعر المواطن بالريف والصعيد بأن الخدمة الصحية متوافرة له؟ نحن بدأنا بالفعل بتوجيه الموارد للمناطق النائية والأكثر احتياجا, ويمكن أن يلمس المواطن حاليا ذلك, إلا أنه لن يلمسها كاملة نظرا لوجود تحديات في الموارد المتاحة لدينا, والتي تمكننا من تشغيلها بالطريقة المثلي, كما أن هناك مناطق أكثر احتياجا من مناطق أخري. إلي متي سيظل المرضي يعانون ويشتكون من صعوبة الحصول علي خدمة العلاج بوزارة الصحة في مصر؟ لا نستطيع تعميم ما تذكرينه, وإلا نظلم بذلك القطاع الصحي.. ورغم اعترافنا بوجود مشكلات وتحديات, لكن في ظل ذلك هناك نجاحات كبيرة, فلدينا برامج الوقاية والرعاية الصحية والأساسية, ومع وجود تفاوت بها أخيرا, إلا أننا نستطيع القول إن مصر حققت المعدلات والنتائج الصحية الخاصة بوفيات الأطفال, والتي انخفضت لمعدلات ملحوظة. ولكن ماذا عن المرضي الذين يعانون من أجل الحصول علي العلاج والكشف عليهم؟ نعم هناك معاناة, ولكن وصولنا إلي خفض معدلات الوفيات بالأطفال ذلك معناه أن هؤلاء أخذوا العلاج عندما احتاجوا إليه, وتحسن النتائج الصحية, وتقليل معدل الإصابة للمرضي وانخفاض معدل الوفيات, ذلك كله يعني أن ثمة خدمات فعلية قدمت لهؤلاء المواطنين, وساعدتهم في الشفاء, وعدم إصابتهم بالمرض, فلا يجب أن ننكر أن خدمات فعلية تقدم كالتطعيمات وغيرها من الخدمات. العلاج علي نفقة الدولة أمر صعب المنال بالنسبة للمعدمين والفقراء.. فكيف نيسر عليهم الأمر؟ هذا كلام غير مضبوط, فمن الجائز القول إن هناك صعوبة في الحصول علي الخدمة, ولكنهم في النهاية يحصلون علي قرارات العلاج التي يحتاجونها. قرارات العلاج في السابق كان يستحوذ عليها كبار المسئولين, ولا ينال الفقير علاجه بالكامل من تلك القرارات, وهذا هو حاله اليوم علي الرغم من أنه لم تعد قرارات تخرج للمسئولين.. فما السبب في أن القرارات لا تكفي علاجهم؟ يخرج مليون ونصف المليون قرار علاج علي نفقة الدولة كل عام, ومع ذلك نعلم أن تلك القرارات لا تفي احتياجات المرضي المعدمين, وأنهم سيتأثرون من جراء ذلك, وهو بمثابة مشكلة لهم, ولكننا مرتبطون بالموازنة المتاحة لدينا. لكن ماذا عن الأمراض التي يتكلف علاجها مبلغ2000 جنيه ويمنح المريض قرارا ب500 جنيه مثلا.. أليس هناك سبيل لمنحه قيمة القرار بالكامل؟ أغلب التكلفة للعلاج تكون علي الأدوية للأمراض المزمنة للقلب والكبد والغسيل الكلوي, والمريض يحصل علي جزء من العلاج, والباقي لابد أن يستكمله بنفسه مع أننا نعلم أنها مشكلة بالنسبة له, ونحاول حاليا أن نجد آلية لمساعدة هؤلاء من خلال المشاركات والإسهامات. لكن المواطن البسيط لا يعرف إلا وزارة الصحة, أليس هناك نية لوضع خطة لتشمل علاجهم بالكامل؟ النظام الصحي في مصر مفتت ما بين قطاع خاص وعام وتأمين صحي والقطاع الأهلي, والأمر يستلزم توحيد كل هذه الأنظمة في إطار واحد, ولن يتم ذلك كله إلا من خلال التأمين الصحي الشامل, والذي سيوحد كل الطرق لتساعد في علاج المرضي بآلية فعالة. ولكن قانون التأمين الصحي واجه انتقادات كثيرة منها أنه من الخطأ أن ينص القانون علي أن يدفع غير القادرين اشتراكات؟ غير القادرين سيتم تغطيتهم من الحكومة, والتي يجب أن يكون لديها مصادر تمويل تستهدف تغطية غير القادرين, بالإضافة إلي أنه سيتم تعريف وتحديد القادر من غير القادر بناء علي دراسات, وسيتم مراعاة تباين الحالات وفقا للحالة المرضية. ولكنك ذكرت من قبل أن ذلك النظام سيأخذ فترة15 عاما لتنفيذه مع أن القانون أخذ أكثر من20 عاما.. فألا ترين أن تلك الفترة لتطبيق المشروع ستكون غير مناسبة له؟ بالعكس.. فتطبيق المشروع يجب أن يكون علي مراحل, فمن غير الواقعي أن نطلب من المواطنين الاشتراك بالمشروع, ونطالب الحكومة بضرورة تغطية كل هؤلاء, وتوفير الخدمات لهم جميعا بالوقت الراهن. لكن يعاب علي ذلك المشروع أنه لم يحدد نوعية الأمراض التي سيعالجها, ولم يحدد علاج الطوارئ؟ يتم حاليا تحديد حزمة الخدمات التي سيضمنها المشروع والقانون, أما علاج الطوارئ فلا يحدده القانون, بل يذكر في اللائحة التنظيمية. ما ردك علي القول بأن هذا القانون تجاري في المقام الأول لدعم وزارة الصحة ماليا؟ هذا كلام غير صحيح, فالوزارة لن تأخذ أي موارد بالمرة لأن الأمر يستلزم وجود هيئة مستقلة لجمع الاشتراكات والهيئة هي التي ستتلقي الأموال وهي نفسها التي ستتعاقد مع المستشفيات وفق نظم سيحدد لها لضمان أن تكون المستشفيات معدة ومجهزة بدرجة عالية من الجودة لكي يتم التعاقد مع ذلك الصندوق, وذلك سيؤدي الي رفع القدرة التنافسية في السوق وهي فرصة للارتقاء بمستوي الخدمات لأننا لو لم نفعل ذلك فسنخرج من المنافسة في لسوق, ولكن ما نريد تأكيده أن كل الخدمات والرعاية الصحية الأولية والتي تمس جموع الشعب المصري ستقدم من خلال وحدات وزارة الصحة ولن يتوقف دورها فنحن نريد الدخول بالمستشفيات العلاجية لتنافس الجهات الخاصة والمجتمع الأهلي لنرقي ونرفع قدرة الاداء. أزمة الادوية الأخيرة والتي وصفت بالطاحنة رغم أن هناك تصريحات من الوزارة نفت وجودها إلا أن نقابة الصيادلة أكدتها وقالت إن الصحة اعتمدت علي وجود البديل الغالي الثمن لانكار الازمة فما حقيقة الوضع بالنسبة لهذه الأزمة؟ من يصف الامر بهذ الوضع يتحدث عن شيء آخر, فالدواء ليس مجرد بضاعة تباع ولكنه دواء له أطر وإجراءات من بداية تصنيعه وصولا الي تسعيره حتي يصل للمستهلك, وسوق الدواء متحرك مابين العرض والطلب وكون اننا نأتي ونقول في فترة ما إن بعض الادوية غير موجودة ولها مثيل أو بديل فهذا أمر غير سييء ولا يمثل أزمة لان ذلك يكون لفترة قليلة وبعدها يتوافر الدواء في الاسواق فهي عملية متحركة. ولكن البديل غالي الثمن ويزيد العبء علي كاهل المواطن أوليس ذلك يمثل أزمة لهم؟ ليست كل البدائل مرتفعة الثمن لأننا ونحن نسعر الدواء نأخذ في الاعتبار كل هذه العوامل ومع ذلك لا نقول إن السوق كل آلياته مكتملة وممتازة ولكن بها تحديات كثيرة. ومع ذلك فنحن في هذه الفترة لدينا شبه اكتمال بل اكتمال بلستة الادوية ومازال لدينا أدوية ثمنها جنيه ونصف وجنيهان وأقل من عشرة جنيهات ومانريد وضعه في الاعتبار بهذه الازمة هو وعي المريض والذي لا يحب في الغالب الاعم الا أن يحصل علي الادوية التي كتبها له طبيبه ولا يعلمون أن الادوية المماثلة والبديلة تحوي نفس الفاعلية أو أنه سيحصل عليها لفترة قليلة ثم يعود ليحصل علي دوائه, فالتواصل مع المنتفع أمر ضروري لزيادة الوعي. تردد أخيرا أن هناك نوايا لرفع أسعار الادوية وأكدت أنه لن يحدث زيادة بها مع أن غرفة صناعة الادوية تراه أمرا حتميا لأنهم يتعرضون للخسارة فكيف سنحافظ علي سعر الدواء في ظل ذلك الوضع؟!. الي الآن لم يحدث ارتفاع باسعار الادوية رغم مطالب غرفة صناعة الادوية الملحة لذلك. ويجب أن يكون معلوما أن مصانع الادوية لا يقتصر عملها علي صناعة هذا الدواء فقط فلديهم مجموعة من الادوية جزء منها يخسر والآخر يحقق مكاسب ولكننا في النهاية جميعا شركاء وننظر لمصلحة المريض. وما يعنيني هو معرفة ماهو الدواء الذي سيرفع ثمنه ومن المريض الذي سيتأثر بهذه الزيادة وهل سيكون المريض المزمن والذي يحتاج للعلاج طول عمره منهم أم الامر سيقتصر علي المريض الذي سيتناول هذا العلاج لمرة واحدة لان كل ذلك سيفرق في الحسابات التي ندرسها بهذا الشأن لاننا لا يمكننا أن نأخذ قرارا مفاجئا لأن ذلك مرتبط بحسابات ودراسات جدوي للسوق. وما هو دور الوزارة علي الشركات في حال تعمدها نقص الادوية من السوق كوسيلة للضغط لتلبية مطالبها بزيادة وارتفاع سعرها؟ هذه مسئولية أدبية من الشركات تجاه المريض خصوصا أنها شركات كبري ولها اسمها وليس من السهل أن تعلن توقف انتاج دواء كما أن هناك اتفاقيات ومناقصات بشأن الأدوية. وما نريد التأكيد عليه أن الشركات لن توقف تصنيع الادوية لإجبارنا علي رفع السعر لأننا نصل إلي نقاط تفاهم ونتحدث عن بدائل موجودة نختار افضلها للتفاهم حولها ولا تتم العملية بالصورة التي ذكرتها بأنه لو لم يرفع سعر الدواء يوقف الانتاج أو يسحب من السوق, كما أن المسألة ليست مجرد رفع السعر ولكننا نريد الاطلاع علي المعلومات والبيانات التي تبلغنا بمجريات السوق والتي يمكننا علي أساسها اتخاذ القرارات التي لا تضر بأي من الطرفين والطرف الاصيل هو المريض لأن عيني في النهاية عليه وحده. هناك شكوك حول فاعلية الدواء المصري خصوصا أن الوزارة لا تشتري الدواء الا من دول العالم الثالث التي تعلن تكلفته, فما قولك في تلك الشكوك؟ نحن نختار المتبع بناء علي مواصفات وضعت بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ويتم الشراء بناء علي اجراءات واسس بالاضافة الي احتياجات زائدة نضعها لضمان جودة الدواء فلدينا هيئات رقابية وهيئات للتحليل, فالعملية ليست سهلة فلا ننكر أننا نأتي بأدوية السعر يدخل عاملا فيها لكن مع الحرص علي الحفاظ علي المواصفات والضوابط فلو لدينا خمسة منتجات بنفس المواصفات وتتفاوت أسعارها فمن المؤكد سنأخذ الاوفر ثمنا. ونحن نضع الدستور الجديد, ماهي النسبة التي يجب أن توضع له لكي نحقق للمواطن الخدمة المطلوبة؟ ما أعلمه أنه تم تحديد نسبة معينة بالدستور ولكن كنت أرغب بصفة شخصية عدم تحديد نسبة الصحة بالموازنة العامة ويترك لامر حسب الاحتياج الفعلي لها ولا تحدد برقم. فهناك اتفاقيات ذكرت أن كل الدول النامية المفترض أن تكون نسبة حصتها من الموازنة العامة بالدولة51% وهناك دول بالجوار متوسط نسبة حصة الصحة بها مابين9% إلي11%. العناية المركزة والحضانات ووحدات الغسيل الكلوي أزمات لا تنتهي فمتي يجد المريض هذه الخدمة عندما يحتاجها فجأة؟ نحن الآن نعمل علي توسيع دائرة المستشفيات التي تشترك بهذه الخدمات ودخل بالفعل في نطاق العمل48 مستشفي بالقاهرة الكبري ونعمل علي تفعيل الاجهزة بهذه المستشفيات لتتمكن من تقديم خدمة الرعاية والحضانات كما أننا نسعي لعمل الغسيل الكلوي بالطوارئ بالمستشفيات عند ذهاب المريض لأقرب المنافذ للبيت فنحن نعمل حاليا لاتاحة الخدمة وتدريب الكوادر من القائمين علي العمل بهذه المستشفيات مع توفير الأخصائيين بها.