قيل قديما آفة الأخبار رواتها, لكنه كان مفسرها.. الباحث عن مغزاها دوما.. لم تكن الكتابة السياسية بالنسبة له قصيرة العمر لأنه يبلورها.. يأنسنها.. يصيغها في قالب روائي ينبض بالحركة والحياة يتجاوز الحدث الآني الانفعالي.. تمتع زميلنا العزيز عيسي الشرقاوي رحمه الله بأسلوب عذب متفرد كان من أكثر الأساليب تميزا بين أقرانه في القسم الخارجي.. فهو يمتلك ثراء من المعارف واكبه حس أدبي ولغوي اشتد عوده في عالم السياسة.. كانت له عبارة رقيقة تشحذ النفس بأسمي المعاني الإنسانية التي كان يستخلصها من حياة أبطاله من السياسيين.. فكان يضفي علي سيرتهم سحرا وحيوية وعمقا, ويبعثهم مرة أخري من مرقدهم إلي بؤرة الأحداث بعد أن استراحوا في مثواهم الأخير.. فقد اعتاد أن يفاجئنا بكل ماهو جديد في سيرتهم الذاتية. كان إنسانا دمث الخلق.. عطوفا.. رحيما بالصغار.. محتفيا بالكبار.. منضبطا في إيقاعه ومن ثم عمله, وأسلوب حياته.. متمردا علي القوالب الجامدة.. شق طريقه بأسلوب السهل الممتنع.. روض قلمه علي التفرد.. جمع بين الفكر ووطأة العمل الصحفي.. ربما كان زاده في رحلة الحياة نابعا من سكينة نفسه وصفاء عقله, وقدرته الخاصة علي فهم بواطن الأشياء بمعزل عن الأهواء.. وإذا كان يقال إنه لا مدرسة للكاتب باختياره لكنه ينتسب لما يناسب فطرته وموهبته.. فإن عيسي الشرقاوي ينتسب لمدرسة الأدب السياسي الذي يطيل عمر الحدث ويدخله إلي المجال الروائي دون منازع.. ما أكثر الأحداث التي استنطقها وصنع منها مادة شديدة الجاذبية والإثارة. رحم الله الزميل العزيز الذي طالما ازدانت صفحات ملحق الجمعة بكتاباته الممتعة.. أسكنه الله فسيح جناته. ملحق الجمعة