لا تندهش عزيزي القارئ.. فوجود مجلس اعلي للمرور في مصر حقيقة مثبتة بقرار جمهوري رقم237 صادر عام..1982 ولكن منذ31 عاما- هي عمر القرار- لم ينعقد المجلس ولو لمرة واحدة! المجلس يرأسه- وفقا للقرار- وزير الداخلية, وأبرز اعضائه مساعد وزير الداخلية المختص, ومحافظو القاهرةوالجيزة والقليوبية, و مدير الإدارة العامة للمرور ومديرو مرور القاهرةوالجيزة, ورؤساء كل من هيئة تخطيط مشروعات النقل والهيئة العامة للطرق والكباري والهيئة العامة للنقل العام, والنقابة العامة للنقل البري,علاوة علي وكلاء لوزارات الصحة والتعليم والبحث العلمي والمالية وأمانة الحكم المحلي, واثنين من أساتذة المرور والطرق, ولوزير الداخلية أن يضم إلي عضوية المجلس سبعة أعضاء علي الاكثر من ذوي الخبرة. جاء في القرار ايضا ان للمجلس أمانة فنية تشكل من رئيس المجلس وتقوم بتحضير وإعداد التقارير والدراسات والبحوث المتعلقة بنشاط المجلس, ويمكن تشكيل لجان فنية لإجراء دراسات ميدانية لمشاكل المرور, وترفع قراراته لرئيس مجلس الوزراء لاعتمادها فتكون ملزمة لجميع الجهات المعنية, و يلزم القرار الجمهوري وحدات الجهاز الإداري للدولة ووحدات القطاع العام والجهات الخاصة موافاة المجلس ولجانه بما يطلبه من تقارير وبحوث وبيانات. بعد بحث من جانبه, أبلغنا العقيد أحمد الشوري- مدير العلاقات العامة بالادارة العامة للمرور- ان المجلس انعقد بالفعل منذ خمسة أشهر, وميزانيته تتبع وزارة الداخلية, وان مساعد الوزير لقطاع الشرطة المتخصصة هو المفوض من الوزير للدعوة لعقده, فتواصلنا بالفعل مع اللواء وجيه صادق وعلم بالموضوع الذي نرغب في التحدث اليه بشأنه, لكننا بعد ذلك لم نتمكن من التواصل معه لعدم رده علي مكالماتنا الهاتفية. لكن د.علي عبد الرحمن وهو محافظ الجيزة منذ عامين- وعضو المجلس وفقا للقرار الجمهوري, فقد نفي علمه بوجود هذا الكيان مشيرا الي انه لا يحضر سوي اجتماعات ما يسمي بجهاز النقل الحضري. اللواء سعيد طعيمة مدير مرور الجيزة- أكد ان هذا المجلس غير مفعل, وانه يعمل في الادارة العامة للمرور منذ عام1986 ولم يسمع عنه شيئا, لكنه يستطرد قائلا: حتي اذا انعقد المجلس فلن يتغير في الأمر شيء, ولا يتصور احد ان اي مجلس استشاري يمكن ان يغير شيئا علي ارض الواقع الا اذا كانت لديه السلطات والصلاحيات الكاملة في الزام الجميع بتوصياته وقراراته, فمشكلة المرور اقوي من الادارة العامة للمرور, واساتذة الجامعة علي رأسي, لكني أؤمن بالمثل الشعبي لا يحك جلدك مثل ظفرك فالوجود في الشارع وفحص المشكلة عن قرب وبشكل يومي هو السبيل الي الحل, وبنبرة قاطعة واثقة, يعد اللواء طعيمة بانتهاء كل المشكلات المرورية في الجيزة مع بداية العام الجديد. اللواء مصطفي راشد- مدير الادارة العامة للمرور سابقا- أكد هو الاخر ان المجلس لم ينعقد نهائيا, وبسؤاله عن تصوره لعلم وزير الداخلية برئاسته لهذا الكيان, يجيب اللواء راشد من المفترض ان يكون علي علم, لكن حتي لو علم.. فما الذي بامكانه ان يفعله؟ فالمجلس لن يضيف او يغير شيئا, فلابد ان نؤمن ان مشكلة المرور اصبحت أزمة قومية يجب ان يتابعها رئيس الجمهورية شخصيا, وكم من قرارات وافق عليها مجلس الوزراء وظلت حبيسة الادراج, فلابد ان يحضر رئيس الجمهورية اجتماع المجلس الاعلي للمرور مع جميع الوزراء ويدلي كل بدلوه وما يواجهه من مشكلات, ولابد ان يصدر رئيس الجمهورية بنفسه قرارات تكون نافذة ويلتزم بها الجميع, لا مجرد قرارات من مستشارين, ولابد قبل اي شيء ان تكون هناك رغبة في حل الازمة, وتتعاون جميع الجهات المعنية من نقل عام وهيئة طرق وكباري ومحافظين. ويفسر اللواء راشد عدم استمرار الحملات المرورية التي تقوم بازالة الاشغالات سوي يوم واحد, بأن احدا لم يعد يخشي سلطة الداخلية, فلابد ان يشعر الجميع ان هناك قوة في التنفيذ والالزام. اللواء مجدي الشاهد- الخبير المروري- أوضح أن المجلس مسئول بالدرجة الاولي عن رسم السياسة العامة للمرور ووضع الخطط المرورية وكيفية النهوض بهذا المرفق بحيث تشترك جميع الوزارات المعنية في تحقيق هذا الهدف وتكون ملزمة بتنفيذ قرارات المجلس بمجرد اعتمادها من مجلس الوزراء, ويتابع المجلس لم يجتمع ولو لمرة واحدة, رغم اهمية اختصاصاته ورغم ان لديه كل الامكانات المادية والفنية فهو هيئة مستقلة وله أمين عام, ولم يصدر عنه اي بيان خاصة في ايام الشلل المروري, او حوادث الطرق الخطيرة. ويكشف الشاهد عن ان وزير الداخلية ربما لا يعلم بأنه رئيس المجلس ولم يخبره احد من مساعديه او مديري مكتبه بانه يجب ان يدعو لانعقاده. ويري اللواء الشاهد ان هذا المجلس من شأنه تسهيل مهمة ادارة المرور, فالآن كل جهة تلقي بأسباب المشكلة علي غيرها, وتفرقت دماؤها بين الداخلية ووزارة النقل والمحليات, وهيئة النقل العام وتلك الاخيرة مسؤولة عن سيارات الميكروباص, فكل يعمل في واد منفصل بلا اي تنسيق, ومن هنا فان مهمة المجلس ان يضع استراتيجية عامة, اي تحديد أهداف معينة ومتطلبات تنفيذها خلال جدول زمني محدد, كأن يضع امامه هدف تقليل الحوادث المرورية10% سنويا, واذا سألت اي مسئول مروري عن استراتيجيته, لن يعلم ماذا أقصد, فهو يعمل يوما بيوم, فيقول هناك خطة لرفع السيارات القديمة, فهل تلك استراتيجية وخطط طويلة الاجل ام مجرد تعليمات وتوجيهات ؟!. وحول ماذا كانت هناك ميزانية مخصصة سنويا لهذا المجلس, يؤكد اللواء الشاهد ان اي كيان منشأ بقرار جمهوري لابد ان يكون له ميزانية, مختتما حديثه بانه حان الوقت للمطالبة بوزارة خاصة للمرورعلي ان تنفصل هيئة الطرق والكباري عن وزارة النقل و تتبع وزارة المرور المقترحة.