جذبت المنطقة العربية اعتبارا من نهاية عام2010 أنظار العالم, حيث شهد العديد من دولها حالة غير مسبوقة من الحراك الثوري الذي أخذ يغير من شكل المنطقة والكثير من ثوابتها. فقد شهدت تونس ومصر واليمن انتقالات شبه سلمية للسلطة من أنظمة سلطوية قديمة إلي نظم جديدة ما زالت في طور التشكيل والتكوين وتواجه تحديات كبيرة تتطلب جهودا متزايدة للتعامل مع آثار هذا الانتقال علي الجانب الاقتصادي ومن ثم علي قدرة اقتصادات تلك الدول علي خلق المزيد من فرص العمل لزيادة معدلات التشغيل والحد من مشكلة البطالة. السفير أحمد لقمان مدير منظمة العمل العربية قال ان المنظمة انتهت من اعداد التقرير العربي الاول حول معلومات سوق العمل والتحديات التي تواجه الأسواق حيث كشف التقرير في مجمله عن أن الصورة الكلية بالنسبة لسوق العمل العربية تبدوأكثر ضبابية مما كانت عليه قبل التغيرات التي شهدتها العديد من دول المنطقة, فلقد قفزت نسبة البطالة في المنطقة العربية إلي حوالي16% وتجاوز عدد العاطلين حاجز ال20 مليونا95% منهم من الشباب الذين تقدموا صفوف تلك الثورات ولا يبدو أن النسبة مرشحة للتناقص في المدي القريب أو حتي المتوسط, وأضاف ان التقرير أظهران الاحصاءات الحديثة الصادرة في بداية عام2013 في مصر أوضحت ارتفاع نسبة البطالة فيها إلي13% مقارنة ب9.8% قبل ثورة25 يناير وزيادة أعداد العاطلين إلي ما يزيد علي ال3.5 مليون عاطل مقارنة بحوالي2.3 مليون عاطل قبل الثورة, كما كشفت أرقام نشرها المعهد الوطني للإحصاء في تونس عن أن نسبة البطالة قد بلغت خلال الربع الأول من سنة2012 حوالي18.1% من قوة العمل مقابل13%. و أوضح ان العمالة في الدول المستقبلة بين14.9% في السعودية التي تمثل أكبر مستقبل للعمالة الخارجية و29.3% في قطر وبمتوسط مرجح يصل لحوالي18% بينما تتراوح نسبة الأميين في العمالة في الدول المرسلة بين20.8 في سوريا و68.3 في موريتانيا بمتوسط مرجح يصل لحوالي41%. وأضاف ان الشيء اللافت للنظر هو أن عدد الوظائف التي يشغلها الوافدون الأجانب يساوي دائما عدد العاطلين في جميع البلدان العربية فعندما كان عدد العاطلين في المنطقة العربية12 مليون عاطل, كانت الوظائف التي يشغلها وافدون أجانب هو12 مليون وظيفة. وعندما زاد عدد العاطلين في الدول العربية وتراوح بين16 مليونا و20 مليون عاطل, صار عدد الوظائف التي يشغلها الوافدون الاجانب يتراوح بين16 مليونا و20 مليون وظيفة وكشف أن هيكل قوة العمل العربية يتضمن60% من الأميين وحملة المؤهلات دون المتوسطة مقابل40% ممن يحملون مؤهلات متوسطة أو فوق متوسطة أو جامعية فأعلي. وأن البطالة العربية هي بطالة شباب في المقام الأول عاما وتتركز في الفئة العمرية من15 الي19 عاما, وتزيد فيها نسبة الحاصلين علي مؤهلات لتجاوز ال80% من جملة العاطلين. وأضح التقرير أن الهيكل الاقتصادي لمعظم الدول العربية لا يولد فرص عمل تتناسب مع تركيبة نمو قوة العمل في المنطقة والتي تتميز بحصولها علي مؤهلات متوسطة وفوق متوسطة وجامعية. وأشار إلي ان هناك العديد من التحديات تواجة أسواق العمل العربيه منها تراجع معدلات النمو الاقتصادي في معظم دول المنطقة وبالأخص في الدول التي تزيد فيها حدة مشكلة البطالة, وهو ما ينعكس بالسلب علي قدرة إقتصادات تلك الدول علي توليد فرص عمل تستوعب الأعداد المتزايدة من المنضمين الجدد إلي سوق العمل, ناهيك عن قدامي العاطلين. وقد أدي هذا إلي طول مدة التعطل إلي حوالي أربع سنوات. كما أن معدل نمو الناتج الاجمالي في الدول العربية مجتمعة يقل عن المعدل العالمي خلال العامين الماضيين, أما التحدي الثاني الذي تشهده ظروف التشغيل ومكافحة البطالة يرجع إلي الطفرة السكانية التي تعيشها المنطقة خلال العقود الأربعة الأخيرة بمعدل نمو سكاني حوالي2.4 في المائة مقارنة بمعدل نمو سكان عالمي لايزيد علي.2.1 أما التحدي الثالث فيرجع إلي أن معظم الدول العربية يتزايد معدل نمو قوة العمل فيها بنسب تفوق كافة معدلات نمو قوة العمل في جميع مناطق العالم. ويرجع النمو إلي الزيادة السكانية الكبيرة التي شهدتها جميع دول المنطقة خلال العقود الأربعة الماضية بالإضافة إلي زيادة مشاركة الإناث في قوة العمل. ويرجع التحدي الرابع إلي أن تركيبة قوة العمل مازالت تشهد تفاوتا في المستويات التعليمية والفنية مقارنة بمناطق ودول العالم الأخري التي تشهد قفزات تنموية برغم ظروفها الاقتصادية غير المواتية مع قلة مواردها الطبيعية. أما التحدي الخامس فيرتبط بالعاطلين, حيث يمكن وصف البطالة في المنطقة العربية بأنها' شبابية وأنثوية' حيث تتركز البطالة في الفئة العمرية أقل من30 سنة كما تتزايد نسبتها بين الإناث إلي ضعف النسبة بين الذكور. وفيما يتعلق بالتحدي السادس فيكمن في بيئة وظروف التشغيل التي تغيب بياناتها في الكثير من الدول حيث تظهر البيانات المتاحة برغم ندرتها- أوضاع وظروف تشغيل تحتاج للمزيد من المراجعة والتغيير, فمتوسطات ساعات العمل في الكثير من دول المنطقة تبدو وكأنها الأعلي بين متوسطات ساعات العمل في معظم دول العالم, فإذا ما قورنت بالناتج المحلي الإجمالي فإنها سوف تعكس إنخفاضا شديدا في الانتاجية مما يؤثر بالسلب علي النمو الاقتصادي.