حلم طال انتظاره وأمل عشت من أجله أصبح بين عشية وضحاها كابوسا مازالت أعيشه وأناس يتراقصون علي جثث أطفال لم يبدأوا حياتهم بعد. بهذه الكلمات بدأت والدة محمد بدوي زايد الذي لم يكمل بعد عامه الثاني عشر حديثها مع الأهرام بعد أن راح ابنها الوحيد علي يد بلطجية الإخوان عندما اغتالوا فرحتها يوم الجمعة الماضية بعد أن خرجوا في مسيرات ضد القوات المسلحة والشرطة وهم ينادون بعودة الرئيس المعزول مرسي حاملين الأسلحة وأطلقوا رصاصات الغدر التي إغتالته ثم هرب الجناة حاملين أسلحتهم بعد أن ضيعوا( فرحة عمري) وبعد بكاء شديد داخل مشرحة مستشفي أم المصريين بالجيزة وهي تنتظر خروج جثمان إبنها محمد لتلقي نظرة الوداع الأخيرة عليه ولسان حالها يقول فقدت الإبن والحبيب ولكن ماذا سأقول لوالده الذي تركه أمانة معي وذهب ليعمل بعيدا حتي نستطيع أن نقوم بتربيته وتعليمه خاصة وأنا ووالده لم ننل قسطا من التعليم فكان والده يريد أن يكون طبيبا يعالج المرضي من أبناء الحي الفقير الذي نعيش به بالعمرانية وعلي الرغم من صغر سن محمد إلا أنه كان يريد أن يحقق حلم والده فكان يقوم بالإستذكار لساعات طويلة خاصة بعد غياب والده وعلي الرغم من صغر سنه كان يشعر بأنه( رجل البيت) ويوم الحادث المشئوم كنت أجلس بجوار جده المسن وطلب محمد أن يذهب إلي درسه الخاص ولأن المظاهرات كانت بالشوارع المحيطة بنا طلبت منه عدم الذهاب إلي الدرس إلا أنه أصر ووقف معي01 دقائق وكأنه كان يودعني فقمت باحتضانه بشدة ورجوته عدم الذهاب إلا أنه أصر وما هي إلا دقائق معدودة وسمعت هتافات الإخوان في الشارع تزداد بصورة كبيرة وطلقات الرصاص وشيئا ما حدثني بأن محمد أصابه مكروه خرجت مهرولة وأنا أصرخ وأنادي عليه بقوة لكنه كان قد فقد حياته فإنطلقت مسرعة لأجده غارقا في دمائه عند ذلك أمسكت بجسده وطلبت منه أن يرد عليا لكنه لم يرد فراودني الأمل أنه مازال علي قيد الحياه خاصة بعد أن حضرت سيارة الإسعاف لنقله إلي مستشفي أم المصريين والمسعف داخلها يجري له صدمات وأنا أدعو بأن يكون علي قيد الحياة حتي وصلنا إلي المستشفي و علي الرغم من أن المسافة من مكان الحادث حتي أم المصريين قصيرة جدا إلا أنني كنت أشعر بأنها مئات الكيلو مترات حتي وصلنا إلي باب المستشفي وحملوه مسرعين إلي غرفة العمليات وما هي إلا دقائق ويخرج الطبيب ويقول لي البقاء لله فلم أصدق ما سمعت وظللت أصرخ وأنادي بأن محمدا لم يمت وهنا قام أشقائي وجيراني بإحتضاني مؤكدين بأنه قضاء الله فسقطت علي الأرض وغبت عن الوعي لأكثر من ساعة بعدها ظللت أتذكر الساعات منذ مولده وإحتضانه حتي وفاته وكأني كنت أعرف بأنه سوف يموت ذلك الطفل الملاك الذي لم يقم يوما بفعل أي شئ يؤذيني أو والده أو سكان المنطقة.. أنا أعرف أنه الآن عند ربه وأنه في مكان أفضل ولكني أشعر بمرارة الفراق خاصة أنه لم يبق لي أحد في هذه الدنيا حتي إنني أتمني الموت لألحق به ولكن الشئ الوحيد الذي يجعلني مرتاحة الضمير أن تقوم الشرطة بإعدام قاتلي محمد الذي لم يرتكب أي ذنب وتدخل الأم في نوبة بكاء هيستيري حتي أغشي عليها وقام الأهالي بمحاولة إفاقتها. ويقوم أحد الأطفال المتواجدين بإحتضانها بعد أن حاول إعطاءها رشفة ماء حتي تفيق لنعلم أنه مصطفي صديق محمد والذي كان بصحبته عندما أصابته رصاصة الغدر ليروي لنا وهو يبكي فراق صديقه قائلا:كنا نسير معا بالشارع وفوجئنا بأعداد كبيرة من الإخوان المسلمين يهتفون بأصوات عاليه وبعدها وقعت إشتباكات بينهم وبين أهالي المنطقة وما هي إلا لحظات حتي سمعنا دوي طلقات الرصاص لتأتي سيارة سوداء ويقوم شخصان بداخلها بإطلاق الرصاص بشكل عشوائي وفزعنا أنا ومحمد وحاولنا الفرار وأثناء ذلك فوجئت بصديقي يصرخ صرخة واحدة وسقط علي الأرض غارقا في دمائه وأنا أصرخ إصح يا محمد ولكنه لم يصح وفي مظاهرة حاشدة تجمع أهالي المنطقة أمام مشرحة مستشفي أم المصريين ليشيعوا جنازة محمد وسط حالة من الحزن الشديد وأكد شهود عيان منهم أن الجناة كانوا يطلقون الرصاص علي مسافة قريبة من الأرض إلا أنه لصغر سن محمد فإن الرصاصة استقرت في صدره موضحين أنهم سوف ينظمون مظاهرة يوم الجمعة القادم من مسجد خاتم المرسلين والذي تخرج منه مظاهرات الإخوان ليؤكدوا أنهم هم الذين سوف يتصدون لهم بصدورهم عارية لعلهم يلحقون جميعا بمحمد وطالبوا أجهزة الأمن بضرورة تأمينهم من البلطجة في الشوارع فهم أهم من المنشآت التي توضع أمامها المدرعات والقوات. ومن جانبه أكد اللواء كمال الدالي مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة بأن أجهزة الأمن بإشراف اللواء محمود فاروق نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة نجحت في القبض علي8 ممن شاركوا في تلك الأحداث بينما يقوم فريق من المباحث بإشراف اللواء محمد الشرقاوي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة و العميد مصطفي عصام رئيس مجموعة الأمن العام بالجيزة بسرعة القبض علي باقي المتهمين